تجديد الثقة من تحت يشمل «حزب الله» انتخابات بلدية شكّلت بديلاً من النيابية؟

روزانا بو منصف

عنوانان بارزان احتلا واجهة الانتخابات البلدية والرهانات عليها على رغم الفارق بينها وبين الانتخابات البرلمانية . اذ تركزت الانظار في الاسابيع السابقة لموعد جولتها الاولى في بيروت والبقاع في شكل اساسي على اداء الرئيس سعد الحريري من باب الجهد الذي بذله من اجل تشكيل اللائحة البلدية مناصفة وتحفيز الرأي العام البيروتي عموما والسني خصوصا على التصويت في ظل انطباع مسبق غدا تعميمه شائعا بان الحريري يواجه مصاعب في القاعدة لديه نتيجة اعتبارات عدة. وهو ما تجلى في الرهان على ان هذه الانتخابات ستشكل تحديا لمغزى عودته الى بيروت وقدرته على رص صفوف قاعدته خصوصا في ظل تفلت سياسي لبعض الشخصيات السياسية من ضوابط التزام معاييره كما الحال مع خروج الوزير اشرف ريفي ما قد يؤثر من حيث نتائج انتخابات بيروت على انتخابات طرابلس لاحقا وربما يساهم في تفلت القاعدة السنية على نحو اكبر. وتاليا فان انتخابات بيروت رسمت حولها علامات استفهام كمحك اساسي للرئيس الحريري خصوصا ان كثرا يعتقدون ان ملفات اثيرت قبل بعض الوقت على خلفية اثارة مزيد من الغبار في وجهه وتأزيم صورة المحيطين به كما قامت حملات على خلفية الاستئثار بالعاصمة وعدم ترك الهامش لحركة المجتمع المدني. . كما تركزت الانظار على ما تمثله الانتخابات البلدية والاختيارية من تحد للتحالف الجديد الذي قام بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” من باب محاولة تلمس قدرة الطرفين المسيحيين اللذين انخرطا في مسار استطلاعات للرأي جزمت بغالبية كاسحة تؤيدهما على تغييب المستقلين وحصد الغالبية الكبرى من البلديات على نحو مشترك في غالبية المدن والبلدات المؤثرة كمؤشر يشكل رسالة بالغة الاهمية لكل الافرقاء السياسيين في البلد على رغم ان اصحاب هذا التحالف قللوا التوقعات من دون ان يعني ذلك عدم الاستعداد لتبني هذه الرسالة متى حقق التحالف اهدافه. كما يعتقد ان هذا التحالف هو موقع رصد من باب مدى تأثير نتائجه في تقويم اي قانون انتخاب محتمل يمكن تبنيه او التعديلات التي يمكن ان تبنى على النتائج.

 

الانتخابات بدت عند هذا الحد كأنها تحولت سياسية بامتياز بمعنى معركة تجديد الثقة “من تحت”. ما برز مفاجئا على نحو بعيد نسبيا بالنسبة الى مراقبين كثر كعنوان رديف للعنوانين السابقين هو اطلالة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي تحدث بوضوح عن الانخراط في الانتخابات البلدية وخيارات قاعدته ايضا. والعامل المفاجئ في هذا الامر هو نتيجة اعتقاد واسع ان الحزب هو اكثر ارتياحا مع قاعدته من خصومه السياسيين وهو لن يكون في حاجة الى التحفيز كما سواه في حين ان كلام الامين العام للحزب كما نائبه الشيخ نعيم قاسم الذي اكد ايضا ان الحزب يساهم في تفصيل ما يتعين على البلديات في مناطقه ان تلبسه وتحفيز الناخبين على الاقتراع حيث المنافسة قائمة لا يظهر صحة هذا الاعتقاد او دقته بل على العكس. فهناك مخاوفه ايضا من تفلت القواعد او تعبيرها عن رغبة اقوى في التعبير والتغيير شأنه في ذلك شأن القوى السياسية الاخرى في هذا الاطار بمعنى ان الامور ليست مضمونة ولا يمكن النوم على حرير انها كذلك في ظل نقاط ضعف يمكن استغلالها فيما لا يحتمل الحزب ذلك في هذا التوقيت.

اقرا ايضًا: طريق الجديدة انتخبت «البيارتة» بديمقراطية… وكسل!‏

ففي غياب الاصيل المتمثل في الانتخابات البرلمانية اضطر الافرقاء الى ان يخوضوا معركة بديلة انخرطوا في ادارتها كما في تفاصيلها وتركوا هامشا بسيطا جدا حيث تعذر للعبة العائلات. وكانت الزيارة المفاجئة للمستشار الاعلى لمرشد الجمهورية الايرانية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي عشية هذه الانتخابات مثار انتباه ولو انه قد لا يكون لها علاقة بهذه الانتخابات، بل تتصل على الارجح بالتطورات على الساحة السورية. فما كشف عن عدد كبير من القتلى والجرحى ممن تطلق عليهم ايران مستشارين في سوريا افادت معلومات عن سقوطهم في محاولة استعادة عدد من العناصر الشيعية الذين سقطوا في المعارك من دون القدرة على استرداد جثامينهم انما جاء بالتزامن مع اتساع دائرة الكلام على تطورات سياسية لها علاقة بما يتردد عن استعداد روسي للتخلي عن بشار الاسد ، وهو الامر الذي استلزم توجه ولايتي الى لبنان للقاء السيد نصرالله ومنه الى دمشق للقاء الاسد بعدما لم يمض اسبوعان بعد على اخر زيارة لمسؤول ايراني حتى حضر ولايتي ( وهو امر في رأي مراقبين برسم المملكة السعودية التي تشددت مع لبنان في الاونة الاخيرة في ظل خشية هؤلاء المراقبين من ان يؤدي ذلك الى استئثار ايران بلبنان كما استأثرت بالعراق حين تخلى العرب عنه ). وقد اعاد ولايتي توجيه الانظار الى “حماية ايران وسوريا المقاومة” بحسب تعبيره في جنوب لبنان من دون ان ينسى الاشارة الى تحرير حلب . ولذلك اكتسب اعلان الحزب انخراطه القوي في الانتخابات البلدية والاختيارية على وقع تحديات لا تقل اهمية ووقعا عن التحديات التي تواجه خصومه. من هذه التحديات التعثر الايراني الشيعي عموما البالغ في الحرب في سوريا والكلفة الباهظة خصوصا بعيدا من التغطية الروسية للعمليات البرية الى جانب التعثر في رعاية ايران السلطات الشيعية في العراق ما يكشف فشلا كبيرا الى جانب التحديات التي يواجهها الحزب في لبنان خصوصا ما يتصل ببدء تطبيق قانون العقوبات الاميركية ضده .

(النهار)

السابق
استراتيجية أميركية جديدة لمواجهة بوتين!
التالي
المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية انتهت…والأحزاب انتصرت