منذ 7 آيار، الفروقات لم يعد الحب قادرًا على طيّها

7 آيار 2008، يوم العار في الشارع السني الموالي للمستقبل، ويوم مجيد في الشارع الشيعي التابع لمنظومة حزب الله.. في 7 آيار انتصر السلاح على ما عداه، تكشفت المذهبية وتصدّع الشارع كما سالكيه، كثر غادروا (سنّة وشيعة)، فالعيش الواحد في المناطق اللبنانية لم يعد واحدًا.

قُبيل 7 أيار تعرّفت “نصفيَ الآخر”، وأنا ما زلت في ثوب الثورة، كانت 14 آذار الطموح الوطني الذين نصبو إليه نحن من لم نتتلمذ على درس الوصاية ومن انتفضنا عليها، على الضفة الأخرى تمامًا كان هو “من سكان طريق الجديدة”، شيعي الهوى والهوية، يوالي النظام ويرى بخروجه خطيئة ارتكبها لبنان وسوف يدفع ثمنها، ويفاخر بكونه ابن ثنائية حركة – حزب.
ما بين السيد والسعد، كلّ كان بعالمه أزرق وأصفر، وبعيدًا عن السياسة والطائفية، وحيث الثقافة والفن والوطن كنا نلتقي..

في 7 آيار، لم نتحدث، كانت مشهدية الدم والدمار والتقاتل وحرب الشوارع هي الطاغية، كان هناك نوع من الصدمة لدى السواد الأكبر من الشعب اللبناني ولا سيما الشباب منهم، ومفردات الحرب الأهلية عادت لتسمع، “سني – شيعي”، حرب على الهوية، فتنة.

7 ايار

بعد 7 آيار، لم تعد بيروت كما كانت ولم يخرج القمصان السود، بل ظلّت صورة “شريك الوطن”، الذي أطلق رصاصه على العاصمة حاضرة، وبقيت الخربشات الطائفية على الجدران، والمقاومة التي تحوّلت في ذهن البيا تة الى عصابة في شوارع المدينة لم يكن لها أن تعود “مقدّسة”.

إقرأ أيضًا: فعلاً 7 ايار يوم مجيد

7 ايار أسست لكل شيء، بعدها قرأت قصة الحسين ومعاوية ويزيد وتعمقت في تفاصيلها، بعدها لأوّل مرة سألت أحد المتخصصين في الحضارة الاسلامية “هل السنة قتلوا الحسن والحسين”، لأكتشف وفي بحث ديني أنّ في تلك المرحلة ما كان هناك من سنيّ أو شيعي.
لأعود وأتحاور مع الآخر الذي يشبهني حين لا يشبهني بخفايا الحرب الألفية التي ما زالت لعامنا هذا، للمرة الأولى (في هذا الحوار) باتت لغتنا “سنية – شيعية”، وكلّ يتحدث بحميته المذهبية…

7 ايار أسقطت القناع عنّا، ولكنّها لم تفرّقنا فكنا نتعامل مع الطائفية بذكاء، وكنا نبدي في كثير من الزوايا الاستعداد لشطب المذهبية عن سجلنا ولنكن مدنيين أو حتى أن نتبادل الطوائف والمذاهب ما زال “ربنا واحد” ونبينا واحد”.
إلا أنّ ما استطعنا أن نتخطاه في 7 ايار، لم يكن هناك قدرة لتخطيه في دماء الثورة السورية، فما بين شعب يذبح ونظام سفّاح، تسقط كل معايير العاطفة، ليكون الإنتماء لأخلاقية الإنسان ولضميريته.

إقرأ أيضًا: عن «الشيعة المستقلّين اللبنانيين»

سقطنا في 7 آيار، وسقطنا أكثر في وحل التدخل المسلح بالحرب السورية، حاولنا، وتابعنا، لسنوات ولكن في النهاية اكتشفنا أنّنا قد توقفنا منذ زمن، ليس لأسباب مذهبية ولا لدينية ولا لطائفية، وإنّما لتبدل القراءات فما بين يوم العار واليوم المجيد وما بين ثورة حق ونظام أسد مستبد و قاتل، فروقات لا يمكن أن يغتالها “حتى الحب”.

السابق
التغيير في لبنان آتٍ لا محالة…
التالي
عشية الإنتخابات البلدية: #علو_الصوت_يا_بيارتة