شركة أميركية – روسية في سوريا

غيّر التدخل العسكري الروسي في سوريا الاوضاع الميدانية لمصلحة نظام الاسد، واعطى روسيا دوراً سياسياً محورياً في تقرير مستقبل سوريا، على الاقل في المستقبل القريب. لكن الانتصار الآخر الذي حققه الرئيس فلاديمير بوتين كان في الحصول على اعتراف اميركي بشرعية الدور الروسي في سوريا، بما في ذلك الدور العسكري، والاعتراف الاميركي الضمني بوجود فيتو لموسكو في دمشق.
فور بدء الغارات الروسية، بدأت الاتصالات العسكرية بين الطرفين من أجل تفادي وقوع حوادث بين سلاحي الجو للبلدين، اذ تقود الولايات المتحدة الحملة الجوية على مواقع “داعش” وقياداته، بينما تتابع روسيا قصفها للمعارضة السورية. ولكن عقب اتفاق وقف الأعمال العدائية، وبعد الغارات التي شنتها طائرات النظام في دمشق والتي استهدفت عمداً، كما قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري، المستشفيات وغيرها من الاهداف المدنية، وافقت واشنطن على اقتراح روسي لاقامة نظام مشترك في جنيف لرصد اتفاق وقف الأعمال العدائية يشارك فيه ضباط اميركيون وروس.

اقرأ أيضًا: أعطونا بديلاً لبشار نسقط لكم الأسد
وهكذا باتت هناك شركة أميركية – روسية سياسية وعسكرية في سوريا تضطلع فيها روسيا بالدور الاكبر، اذ نرى المناشدات المتكررة من الوزير كيري لنظيره الروسي سيرغي لافروف للضغط على نظام الاسد للتقيد بالاتفاق. وبينما يطالب لافروف الفصائل المعارضة “المعتدلة” بما فيها تلك التي تعاونت مع الولايات المتحدة بالانسحاب من المناطق التي تحتلها في حلب لقربها من مواقع لـ”جبهة النصرة” التي يقصفها الطيران الروسي، يشدّد الوزير كيري انتقاداته للقوى المعارضة لنظام الاسد، متناسياً ان النظام هو الوحيد الذي يقوم بعمليات قتل ممنهجة ومنظمة. ان ينتقد تنظيمات معارضة عندما تقوم بانتهاكات نافرة، فهذا أمر مطلوب وضروري، لكن كلام كيري يوحي بأنه يساوي بين هذه التنظيمات (وبعضها حارب “داعش” و”النصرة”) والنظام في دمشق.
من الواضح ان الرئيس أوباما يريد ان يتخلص من قيادات داعش، وعلى الاقل بدء عمليات استعادة السيطرة على الرقة في سوريا والموصل في العراق قبل نهاية ولايته، خصوصاً ان هناك قلقاً حقيقياً في واشنطن من احتمال قيام “داعش” بعمل ارهابي كبير في الولايات المتحدة، مشابه لهجمات باريس وبروكسيل. ويرى أوباما ان توزيع العمل في سوريا مع روسيا له فوائده، وهذا ما يفسر اللهجة الملطفة لواشنطن تجاه موسكو. والحديث عن استئناف مؤتمر جنيف في غياب اتفاق اميركي – روسي، على أن تؤدي نهاية العملية الانتقالية الى رحيل الاسد، لن يكون له أي مغزى.
وحتى الآن لا تزال روسيا متمسكة بالاسد، كما انها تعمل معه وايران على تحقيق انتصار عسكري نوعي في حلب.

(النهار)

السابق
جنبلاط: لماذا فجأة أنتهى الحديث عن الانترنت غير الشرعي؟
التالي
رسالة إلى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني