العلامة الأمين: لم يهتم لأن يكون شاعراً كبيراً

احتفاء منها، بديوان الشاعر الكبير الراحل عبد المطلّب الأمين (1916 – 1974) وإحياء لذكراه، بمناسبة صدور هذا الدِّيوان، حديثاً، وبطبعة جديدة، أقامت "دار الندوة" في بيروت، ندوة حول هذا الديوان في مساء 29 نيسان 2016، شارك فيها:العلاَّمة السيد محمد حسن الأمين، والشاعر محمد علي شمس الدين، وغابت عنها مشاركة الشاعر غسان مطر لداعٍ صحيّ، كما تضمنت كلمة لنجل الشاعر الراحل المحامي محسن عبد المطلب الأمين، وقام بتقديم الندوة: هاني مندس.

احتفاء منها، بديوان الشاعر الكبير الراحل عبد المطلّب الأمين (1916 – 1974) وإحياء لذكراه، بمناسبة صدور هذا الدِّيوان، حديثاً، وبطبعة جديدة، أقامت “دار الندوة” في بيروت، ندوة حول هذا الديوان في مساء 29 نيسان 2016، شارك فيها: العلاَّمة السيد محمد حسن الأمين، والشاعر محمد علي شمس الدين، وغابت عنها مشاركة الشاعر غسان مطر لداعٍ صحيّ، كما تضمنت كلمة لنجل الشاعر الراحل المحامي محسن عبد المطلب الأمين، وقام بتقديم الندوة: هاني مندس.

الديوان

وعنوان الديوان هو: “ديوان الشاعر عبد المطلّب الأمين (أشعاره – سيرته – ما قِيل عنه)، وهو من إعداد وتوثيق: محسن الأمين، ومراجعة وتدقيق: هاني الخيِّر وهذا الديوان صادر عن: “جمعية إحياء تراث العلامة السيد محسن الأمين” في بيروت، بالاشتراك مع “دار الحضارة الجديدة” (في بيروت)، و”دار الحمراء” (في دمشق).

الأمين

وبعد إنهاء كلمته النثرية، استعاد العلامة السيد محمد حسن الأمين، إلقاء معظم مقاطع من قصيدة طويلة، كان قد رثى بها الشاعر الراحل، في وقت سابق، ومما جاء في كلمة العلامة الأمين قوله: إن الشاعر عبد المطلب الأمين نشأ في بيت والده المقدس، الإمام والمرجع الشيعي الأكبر في عصره، السيد محسن الأمين، الذي هو بالإضافة إلى كونه فقيهاً، يمكن اعتباره، أبرز فقهاء عصره على الإطلاق، وهو مؤرِّخ كبير، ويُعتبر أكبر مؤرِّخي عصره على الإطلاق، وهو بالإضافة إلى هاتين الصفتين، كان قائداً حقيقياً، أبعد ما يكون، عن أي انحياز طائفي أو مذهبي، وقد استطاع أن يكون في الشام، في مدينة العرب الأولى، تقريباً أبرز شخصياتها على الإطلاق، خاصة عندما كان منزله المتواضع، في الشام مجمّعاً لأعضاء الحركة الوطنية السورية، في مقاومة الانتداب الفرنسي، فكان زعماء سوريا يجتمعون في منزله، ويستلهمون رأيه في مواجهة الاستعمار الفرنسي، (أي الانتداب الفرنسي). وأضاف: وفي مجال التأليف، كتب السيد محسن الأمين عدداً من المؤلفات التي تُعتبر الأفضل والأبرز لجهة موضوعاتها، ولجهة اختصاصاتها بين ما كُتِبَ في عصره كله. وأضاف: أردتُ أن أورد هذه الّلمعات الموجزة جدّاً، لأشير إلى أن عبد المطلب الأمين نشأ في أجواء

هذا البيت. وتابع موضحاً: بالرغم من أن الفارق في السن كبير نسبياً بيني وبين السيد عبد المطلب، إلا أن صداقة خاصة ربطتني به فعلاً، وكان مصدرها الشعر، بالدرجة الأولى، وأشار: افترقت عن عبد المطلب في أمور كثيرة، وافترق عني في أمور كثيرة، ولكننا معاً تورطنا في أمر واحد، هو أنه: أنا لم أتابع من أجل أن أكون شاعراً كبيراً، ومتداولاً، وهو كذلك، ليس أنه لم يتابع، ولكنه لم يهتم في أن يكون كذلك، مع توفُّر الموهبة الضرورية واللازمة، لأن يكون عبد المطلّب شاعراً من شعراء العرب الكبار.

إقرأ أيضًا: محمد علي شمس الدين يفوز بجائزة الشعر في «الشارقة»

وأشار إلى: أن ما نشره العلامة المغفور له السيد حسن الأمين الأخ الأكبر للسيد عبد المطلب، هو قدر ضئيل، من مجموع ما كتبه هذا الشاعر الحقيقي الذي لم يكن على عناية، في جمع شِعره، وفي طباعته، وتابع قائلاً: عندما كنّا نلتقي، وأستمع إليه يقرأ لي شيئاً من شعره، أذكر أنني سمعت منه قصائد كثيرة، لم تُنشر في هذا الدِّيوان (الجديد)، بالرغم من أنه مضاف إليه قصائد لم تكن موجودة في النسخة التي أصدرها في البداية السيد حسن الأمين، وهي النسخة التي استند إليها في إصدار الديوان الجديد.

شمس الدين

في بداية كلمته أشار شمس الدين إلى أن عبد المطلّب الأمين “كان من الجيل الذي سبقني، ولم يتسن لي أن أعرفه شخصياً”، وأوضح: “لكن اطلاعي على الكتاب، الذي نحن بصدده، دلّني على أنه كان في هذا الشاعر شيء مفقود”، وأضاف: من المستغرب حقاً أنه في ضوء التّدوين والصحافة المنتشرة، ووسائل الإعلام في زمنه، أن يكون عبد المطلّب الأمين، شاعراً مفقوداً، وتابع: وأن يذكر جميع من نقلوا شيئاً من أخباره، أنه كان شاعراً لا يهتم بالقصيدة، وبالتالي لم يكن يهتم، حتى بالحبر والورق اللذين يكتبها بهما، فكأنه (وهو صاحب المواهب الكثيرة: يتكلم ستّ لغات، كان سفيراً، ودبلوماسياً، وطريفاً، ومحدِّثاً جميلاً.. إلخ)، كأنه وهو الحامل لكل هذه الصفات، كان ينفض مواهبه في “منفضة السجائر”. فما جمعه شقيقه العلامة المؤرخ السيد حسن الأمين، من أشعاره، في ديوان صغير، لايذكر لنا، السيد حسن، ما هي الأسس التي استند إليها، لاختيار ما اختار، ولإقصاء ما أقصى، فإذن عبد المطلب الأمين، هو شاعر مفقود، وتابع: نعم إن عبد المطلب الأمين هو شاعر موجود مفقود، وأوضح: إن عبد المطلب الأمين وصل إليّ (أي عرفته) من خلال قصيدة له متداولة ومشهورة، وهي “الفيروزيّة”، وهي غير موجودة، لا في ديوانه الأول، ولا في هذا الديوان الجديد، ولا هي منشورة، بل تتناقلها الألسن. وأنا أجد متعة في هذه القصيدة، في الشّتيمة المقدّسة التي يقولها عبد المطلّب الأمين للأنظمة العربيّة، التي أرخت تاريخنا الحديث بسنوات الهزائم. فهذه القصيدة هي من شعر التعرية والسخرية الجميلة، ويكمل: وليس عبد المطلّب الأمين وحده في هذا الصّنيع، الذي نراه لدى شعراء عديدين عرب وأجانب، فهذا النمط من الشعر التهكّمي المُقذع، هو شعر مضاد للشِّعر، يقيم تحت التّدوين

وفيم نطقة بين اللسان والأذن، كالسَّمع، ويمتُّ بصلة إلى المواد الخام، التي هي، في معظمها طالعة من منجم القهر السياسي أو القهر الإنساني، وحيث هي خطيرة، هي ذات بداهة ساطعة، تُعرّي عورة المهجوّين، وتضرب الآلة الحادّة على رأس الصَّنم (الديكاتور/ الطاغية سياسي أو عسكري) وأوضح: لذلك هي قصائد شفهية يتناقلها الناس من شفة لشفة، وقال: أرجّح (أنا) أن هذا هو سبب من أسباب عدم تدوين بعض قصائد عبد المطلّب الأمين، ولفت قائلاً: إن عبد المطلب الأمين هو واحد من شعراء الغضب العربي كالماغوط، ونزار قباني، ومظفر النواب وأمل دُنْقُل…، وأضاف ولكنهم شعراء الإحباط العربي، وقال: إن عبد المطلّب الأمين، هو إبن ثلاثة: والديه، ونفسه، وعصره.

إقرأ أيضًا: ندوة حول ديوان الشاعر الراحل عبد المطلب الأمين في دار الندوة

وختم قائلاً: لدى قراءتي لهذه الديوان، وجدتني – ولدى قراءتي بعض القصائد – أمام شاعر مُرٍّ، شاعر وجودي، وكان، في الجانب الوجوديّ من شعره، حالة وجودية خاصة، حالة بوهيمية وهو إبن هذا البيت الكبير (بيت والده السيد محسن)، وابن هذا المجد العظيم، وابن الآمال الكبيرة الواسعة (أي آمال التحرّر الوطني، وهو كان في نفس اللحظة، إبن جيل الخيبات في سوريا، هذا الجيل الذي ما زال حتى الآن يمتد… وأوضح أخيراً: إذن عبد المطلب الأمين: المناضل السياسي، الشاعر، الدبلوماسي، القاضي، والمحامي والصحافي، وصاحب اللغات السّت، إبن المُصلح الجليل، شقيق الشعراء الثلاثة، اللاَّهي، الساخر، الساحِر العدمي، الحُرّ، المشتَّت بين جميع أوصافه، سيكون من الضروري الانتباه إلى أنه نتاج كيمياء متلاطمة من كلّ ما ذكرنا، وأنه إبن أبيه وابن نفسه وابن جيل الخيبات العميقة، التي لم تدمِّر، فقط، حنجرة الأمين وأقرانه، بل لا تزال موجاتها تتدافع حتى الآن، حتى لكأنّ عبد المطلّب الأمين لم يغادرنا قطّ.

وفي كلمته الختامية، شكر محسن الأمين القيِّمين على “دار الندوة” والمشاركين فيها، والحضور، وفي نهاية الندوة قام بتوقيع الديوان الذي يعود ريعه لدار الندوة.

السابق
بوتين يعد رئيس أركان إسرائيل بزجاجة فودكا.. متى ولماذا؟
التالي
الفرصة الأخيرة لتركيا والسعودية في سوريا