السنيورة: المهندس محمد السعودي هو مرشحنا لرئاسة بلدية صيدا

اكد الرئيس فؤاد السنيورة انه يقف مع المهندس محمد السعودي ويدعمه كرئيس لبلدية صيدا للفترة القادمة، منوها بالانجازات التي تحققت في عهد المجلس البلدي الحالي وقال: نحن مع رئيس البلدية الأستاذ محمد السعودي وندعمه ان شاء الله في هذا الاستحقاق الديمقراطي وهو مرشحنا، واتمنى على كل الصيداويين ان يقوموا بواجبهم بالمشاركة في الانتخابات لأنها حق لهم وواجب على كل مواطن ان ينزل ويقول رأيه.
كلام الرئيس السنيورة جاء خلال ندوة صحفية اثر استقباله في مكتبه في الهلالية –صيدا رئيس البلدية المهندس السعودي ثم وفدا من مخاتير المدينة برئاسة المختار ابراهيم عنتر ووفدا من رابطة آل بعاصيري برئاسة طارق بعاصيري ووفدا من جمعية بني القطب برئاسة محمد جميل القطب ووفدا من المثقفين.
السنيورة اشار الى ان المهندس السعودي لا يدخر وسيلة للسعي والتشاور بموضوع الاستحقاق البلدي، وانه- أي السنيورة – والنائب بهية الحريري يدعمانه بهذا التوجه. داعيا في الوقت نفسه الى تحكيم الديمقراطية التي تعني ان هناك من يتولى المسؤولية وهناك من يعارض على ان تكون المعارضة بناءة، وليس لمجرد المعارضة بغض النظر عن تقييم الأداء .
وفي الشأن الداخلي العام وصف الرئيس السنيورة موقف الرئيس نبيه بري فيما يتعلق بموضوع قانون الانتخاب والجلسة التشريعية بأنه يتسم بالحكمة ووقال: نحن احوج ما نكون في هذه الأيام الى الحكمة والى التبصر والى ان نرى اين مصلحة البلد وان لا ندفع بلبنان الى الغرق في لجة هذا الصراع المحتدم في المنطقة.
واعتبر الرئيس السنيورة انه في ظل استمرار حالة الشغور الرئاسي اصبح لبنان كمن فقد ظله، وان الذي يعطينا محاضرات في احترام الشرعية والدستور كل يوم هو الذي لا يحضر الجلسات وهو الذي يعطل الجلسات. علما ان التئام واجتماع مجلس النواب ليس قضية ترف، بل ان الدستور يقول بأن المجلس يجتمع بحكم القانون وليس قرارا متروكا لكل واحد “على ذوقه يحضر او لا يحضر”، وبالتالي عدم الحضور لهذه الجلسات لانتخاب الرئيس فيها مخالفة دستورية من قبل الذين لا يحضرون هذه الجلسات.

الرئيس السنيورة نوه بالرؤية التي اطلقتها القيادة السعودية مؤخرا بالمبادرة للسعي لتحقيق الاصلاح والنهوض الاقتصادي معتبرا انها خطوة شجاعة ومبادرة تنموية ونهضوية هامة .
وجاء في حديث الرئيس السنيورة:
أولاً: حول الاستحقاق البلدي في صيدا:
بداية اود ان اقول ان النظام الديمقراطي بآلياته يعطي الناس فرصة من اجل ان تكون هناك مواعيد محددة ليقوم المواطن بجردة بما تم التعهد بإنجازه وما تم انجازه وما ينبغي العمل من اجله في المرحلة القادمة. وانا اعتقد ان هذا الاستحقاق الآتي للبلدية هو فرصة لأهل صيدا للتفكير بما حصل خلال السنوات الست الماضية وما هي الانجازات التي تحققت وما كان ينبغي ان يتحقق. واكيد تستطيع الناس ان تعبر عن مواقفها التي هي نتيجة تقييم هذه الجردة.

اعتقد انه خلال ترشحنا للنيابة انا والسيدة بهية وضعنا ما يسمى فكرة اساسية حاولنا ان نشتغل بناء وعلى اساس منها، وهي اننا نريد ان تتحول مدينة صيدا الى مقصد ولا ان يكتفى بها كمعبور. أي ان تقصدها الناس اكان اهل المدينة ام زوارها. ولذلك كان علينا ان نفكر مع اهالي صيدا كيف يمكن ان نخلق الحوافز اللازمة من اجل ان يأتي الزوار من لبنان ومن خارجه لزيارة المدينة وكذلك كيف نخلق جواذب معينة وانجازات معينة فيها تحقق هذا الهدف. وعلى ذلك فقد لمس اهالي صيدا خلال السنوات الست الماضية كيف اصبحت مدينة صيدا فعليا مركز نشاط بنتيجة تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية التي تمت وانجزت فيها او هي في طور الانجاز. وكل ذلك تحت هذا العنوان أي من اجل ان تتحول المدينة الى مدينة بالمعنى الصحيح. وطبيعي الذي تحقق هو جزء من رؤية لدينا بشأن المدينة وجزء من امور اخرى يجب أن نستكملها ويجب ان نبني عليها ويجب ان نطور افكارا اضافية من اجل ملاحقته تنفيذها في المستقبل.
فبالتالي هذا عمل مستمر كما يسير الانسان باتجاه الأفق ولا يستطيع ان يصل الى هذا الأفق لأن الأفق دائما متجدد ومتوسع فلذلك هذا هو الأمر الذي سعينا اليه والى تحقيقه.
نحن خلال هذه السنوات الست الماضية طبيعي كنا نقف الى جانب الاخ محمد السعودي كرئيس للبلدية ولم ندّخر وسيلة وانا شخصيا كما السيدة بهية لم ندخر وسيلة بداية لنقنع محمد السعودي بأن يترشح سنة 2010، وثانيا اننا وقفنا الى جانبه ومعه في كل امر من الأمور خلال ولاية هذه البلدية ويسرنا له الأمور ودبرنا له التمويل اللازم من اجل استكمال كل هذه المشاريع التي تم القيام بها في المدينة ونحن سعداء بما أنجز حتى الآن.
اذا نظرنا الى المشكلة التي عانى منها لبنان على مدى الأشهر الثمانية الماضية وكيف انه اصبح في لبنان اكثر من 760 مكبا عشوائيا، نجد ان صيدا كانت بمنأى عن هذه المحنة لأنها نظرت بشكل رؤيوي الى هذه المشكلة. فقد كان هناك معمل الذي تم العمل على انشائه بداية منذ سنة 2002 وبالتالي بدأ عمل المعمل خلال فترة السنوات القليلة الماضية وعملنا على انجاحه وما زالت هناك خطوات يجب ان يقوم بها المعمل في اطار المعالجة الصحيحة للنفايات. ولكن في المحصلة فقد انتهى الأمر الى ان ازيل جبل النفايات واصبح مكانه حديقة كبيرة. الى جانب ذلك فقد تم انشاء الحاجز البحري من اجل استيعاب هذه البيئة البحريَّة الملوَّثة وكيفية التخلص منها. كما جرى ايضا انشاء الحاجز البحري الجديد من اجل بناء المرفأ الحديث للتجارة والسياحة. وهناك العمل جار لإنجاز اعادة تأهيل البنية التحتية لمدينة صيدا، وهناك عدد كبير من المشاريع العامة الجاري تنفيذها أكان ذلك في مؤسسات المجتمع المدني ام كان في بلدية صيدا التي كنا دائما معها ووراءها وكنا داعمين لهذا الاتجاه. ونحن لذلك مستمرون في توجهنا هذا ونحن نقف مع محمد السعودي وداعمون له. ولنكن واضحين نحن ماشيين بمحمد السعودي كرئيس للبلدية للفترة القادمة وهو مرشحنا، وانا اعتقد انه بهذه التركيبة للبلدية التي حصلت فقد تحقق النجاح. دعني اقول ان النجاح أي نجاح لا يمكن ان يحصل بشكل اعتباطي، بل هو وليد مخطط رؤيوي وعمل مستمر ومثابر وجدي من اجل تنفيذ المشاريع ومعالجة الأمور. من المهم ان يحصل العمل الناجح على دعم من البيئة الحاضنة اكان ذلك من قبل نائبي المدينة ام كان ذلك بالعمل على تسهيل عمل البلدية وفي وجود مجلس بلدي الذي يشكل فريق العمل مع محمد السعودي. لقد تحققت هذه الانجازات وتحولت مدينة صيدا الى نموذج لغيرها من المدن والبلدات في لبنان. هنا نقول كيف يمكن ان نحول المشكلة لكي تصبح فرصة. نحن حولنا المشكلة البيئية لدى مدينة صيدا الى حديقة، وسعينا بشتى المجالات لإنجاز عدد من المشاريع الحيوية في المدينة. الآن يجري العمل على انجاز المتحف التاريخي لمدينة صيدا، وانجزنا انشاء المدرسة العمانية وانجزنا انشاء المستشفى التركي المتخصص للحروق والصدمات وكذلك انجز عدد من المشاريع الأخرى العامة وكذلك بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني، وأنشأنا في صيدا تجربة فريدة ورائدة بإنشاء المجلس الأهلي لمكافحة الادمان والذي نجحنا في ان نجمع كل اطراف المدينة في هذا المجلس ونؤمن له التمويل اللازم. فبالتالي لم ندخر وسيلة من اجل ان تتحول مدينة صيدا الى جاذب لأهلها ولزوارها. وهذا الأمر طبيعي ويقتضي منا متابعة ومثابرة مستمرة من اجل ان ننهض بالمدينة. وبالتالي فإن هذا الأمر يجب ان يرافقه ويتواكب معه ايضا سعي من اجل تعزيز الأمن في المدينة وتعزيز الحركة الاقتصادية فيها ونجعل هذه المدينة جاذبة لهذه الاستثمارات وحاضنة لها وهذا العمل ضروري حتى تستطيع صيدا فعليا ان تعود وتصبح مدينة حديثة ومتطورة كما يحلم بها ابناؤها.

لذلك اكتفي واقول: نحن مع رئيس البلدية الأستاذ محمد السعودي وندعمه ان شاء الله في هذا الاستحقاق الديمقراطي وانا اتمنى على كل ابناء مدينتي، وعلى كل الصيداويين اولا ان يقوموا بواجبهم بأن يشاركوا في الانتخابات. فبقدر ما ان المشاركة في هذه الانتخابات هي حق لأبناء صيدا فهي ايضا واجب على كل صيداوي ان ينزل ويقول رأيه وليس ان يتواكل ويقول “لا اريد هذا” و”هذا لا يعجبني”، إنزل وقل رأيك، واذا لم يعجبك هذا الشخص انتخب غيره، لكن انزل وانتخب وهذا واجب على الجميع.
واتمنى ايضا على الجميع بمناسبة المشاركة في هذه الانتخابات ان يحكِّمَ ضميره ويقول ماذا تحقق في المدينة وان يقول اذا كان هذا الأسلوب ناجحا ام لم يكن ناجحا، واذا كان ناجحا فينبغي ان يصوت لمحمد السعودي واذا كان رايك غير شكل فصوِّت لمن تريده.
امكانية التوافق في صيدا
ثانياً: ورداً على سؤال: الم يكن ممكنا لتيار المستقبل كما استطاع ان يتوصل الى لوائح مع بعض الأحزاب والقوى في بيروت او في الشمال وغيرهما ومنها لوائح توافقية ان ينسحب هذا الأمر على مدينة صيدا ايضا؟
تعرفون أن الأخ محمد السعودي يسعى ولا يدخر وسيلة للاتصال والسعي ونحن نساعده في كل مساعيه في هذا الشأن وندعمه ونتشاور معه سوية من اجل هذا الموضوع. الاستحقاق البلدي مختلف عن الانتخابات النيابية التي تكون فيها الاعتبارات السياسية هي الأساس، وهي مهمة جدا، ولكن في الانتخابات البلدية الاعتبارات الاساس تتعلق بالسياسات والاعتبارات المحلية وبالمشاريع وبالحركة في المدينة والانجازات التي تحققت وكيف يمكن تحقيق الانجازات المستقبلية ومن يمكن ان يتولى تنفيذها في المستقبل. كما تبرز المسائل والقضايا العائلية التي تلعب دورها، كل هذه المسائل يجب ان يأخذها الواحد بعين الاعتبار.
انا سعيت خلال ادائي في حقل العمل العام في مدينة صيدا ان اكون عنصرا جامعا وليس عنصرا مفرقا في كل أمر، وهذا التوجه تؤيدني فيه ايضا السيدة بهية، لكن هذا المسعى الذي انا حريص عليه جدا هو ان نجمع المدينة لأن الله يوفق عندما تكون القلوب على بعضها، وعندما تتفرق القلوب يصبح جهد الناس متوجهاً نحو السلبيات ولا ينتج عنه خير. هذا لا يعني ان لا نُحكّم الاعتبارات الديمقراطية. الديمقراطية هي اساسا هي ان هناك من يتولى المسؤولية وهناك من يعارض. ولكن يجب ان تكون المعارضة بناءة، وليس للمعارضة بغض النظر “عملت منيح او عملت عاطل”. اذا عملت عاطل يجب ان تنتقدني واذا كان عملي جيدا فينبغي ان تؤيدني. ليس هناك ما يمكن تسميته أداء جيد الا بوجود معارضة جيدة لأنها تجعل الناس الذين هم في السلطة متحفزين لأن يعالجوا أي مكان فيه مشكلة او خلل من اجل ايجاد حل له. اما اذا كان هناك عدم اهتمام من الناس او من الذين هم خارج السلطة يصبح هناك تقاعس وما يسمى عدم مبادرة لإيجاد الأفكار الجديدة، وتتراجع الجهود لإيجاد الحلول للمشكلات التي يتعرض لها الانسان في ادائه بطريقة او بأخرى. فلذلك سنستمر بالدعوة للتكاتف بين الجميع لإفساح المجال للجميع، وطبيعي هناك اناس سيعارضون وهذا حقهم وبالتالي عليهم ان يقوموا بعملهم كمعارضة وهذا يجعلهم ويمكنهم في فترة من الفترات لان يعودوا ليتسلموا هم المسؤولية، لأن الدنيا دولاب، و”لو دامت لغيرك ما آلت اليك”.
الجلسة التشريعية
ثالثاً: حول طرح الرئيس بري والجلسة التشريعية:

عمليا كان هناك بداية طروحات بأن هناك شغور في الموقع الرئاسي، وبالتالي هناك حاجة للعمل لملء هذا الشغور وانهائه. ولذلك وضعنا الأولوية لحل هذه المشكلة وهي في المبادرة الى انتخاب رئيس للجمهورية. وكنا نقول دائما ان انتخاب رئيس جمهورية هو بالعودة الى الدستور، الدستور يقول ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة وهو رمز وحدة الوطن أي انه العنصر الجامع الذي من صفاته الحكمة والتعقل وبعد النظر والقدرة القيادية وايضا الانفتاح على الجميع بالقدر الذي يمكنه من ان يأتي بالجميع الى مساحات مشتركة.
والتجارب التي مررنا بها في لبنان خلال السبعين سنة الماضية انه عندما غادرنا هذه القاعدة، حصلت لدينا مآس عديدة في الممارسات وحيث انتهى الأمر في كل منها الى حروب أهلية في لبنان. فهنا كانت الرغبة في العودة الى فكرة الشخص الرئيس الذي يستطيع ان يجمع بين اللبنانيين. ما جرى وبالأسف ان هناك من طرح بأن رئيس الجمهورية هذا قرار تحتكره فئة من اللبنانيين. وانا وفي الحقيقة وفي اكثر من مناسبة خالفت هذا الرأي، وقلتها ايضا في مناسبة كنت فيها من الصرح البطريركي بأن رئيس الجمهورية أمر يهم كل اللبنانيين وقرار انتخابه يشارك به ويأخذه ويهتم به جميع اللبنانيين وليس فئة منهم فقط. فهو ليس للمسيحيين فقط، بل هو للمسلمين ايضا، كذلك فإن اختيار من سيصبح رئيس الحكومة ليس حكرا على المسلمين بل يشارك فيه وبفعالية مماثلة المسيحيون.
كذلك الحال بالنسبة لرئيس مجلس النواب فهو للمسلمين والمسيحيين ولكل اللبنانيين. والذي يأخذ منصب رئيس الجمهورية ليجعله حكراً على فريق من اللبنانيين فإنه فعليا يُقزّم موقع رئيس الجمهورية ويجعله طرفا بدلا ان يكون هو الجامع للبنانيين. رئيس الجمهورية مستمر لفترة ولايته كلها وهو غير رئيس الحكومة، رئيس الحكومة وفق النظام الديمقراطي يكون موجودا وعندما يفقد احد عناصر وجوده ومنها اذا استقال اكثر من ثلث اعضاء الوزارة فعندها بحسب الدستور تعتبر الحكومة مستقيلة. وهذا ما جرى عمليا في مطلع العام 2010. وانا مثلا من الناس الذين كنا مستاءين من الطريقة التي عومل بها الرئيس سعد الحريري عندما استقال اكثر من ثلث اعضاء الحكومة، لكن في المحصلة الدستور جعلني ارضى. لأننا جربنا هذه المادة في الدستور، وبالتالي اصبح واضحا ان رئيس الحكومة يأتي ويبقى طالما هو متمتع بالعناصر التي تؤهله لأن يكون او ان يستمر رئيسا للحكومة. وعندما يفقد رئيس الحكومة احد هذه العناصر كأن يستقيل اكثر من ثلث اعضاء الحكومة فإنه يكون بنتيجة ذلك استقالة الحكومة وبالتالي تم في ذلك الوقت تنفيذ مبدأ وبند اساسي من الدستور.
ما جرى انه، طرحت الفكرة وجرى الترويج لها ان هذا الموقع هو فقط للمسيحيين أولهم بشكل اساسي، ثم كانت هناك جلسة اجتمع فيها اربعة من المرشحين لهذا المنصب وقالوا ان هؤلاء هم المرشحون الوحيدون لهذا الموقع فقط. ويجب ان يصار الى اختيار واحد منهم وهذا خطأ. امضينا 35 جلسة ونحن ننزل الى مجلس النواب ما بين العماد عون والدكتور سمير جعجع، ولم ننجح.
في هذا الوقت كانت هناك افكار تطرح بشأن خطورة استمرار الوضع على حاله دون الاهتمام بتسيير شؤون الدولة. ففي ظل غياب رئيس الجمهورية هناك امور اساسية يجب بتَّها واقرارها. ولكن في ذلك الوقت يجب ان يشارك رئيس الجمهورية في النظر فيها واقرارها وهذا صحيح ويجب ان يكون لرئيس الجمهورية رأي في كثير من القضايا، ونحن لا يجب ان نتعود على ان الامر سِيّان اذا كان رئيس الجمهورية موجودا ام غير موجود. لا بل تفرق كثيرا فموقع رئيس الجمهورية هام جدا ودوره اساسي في الدولة وغيابه لهذه الفترة الطويلة علمَّنا قيمة وجوده. فهو رأس الدولة وعدم وجوده جعلنا ندرك ما هي نتيجة عدم وجوده وبالتالي اهمية ومحوريه وجوده. لقد اصبح هذا البلد كمن فقد ظله، لم يعد البلد موجودا في كثير من المحافل المحلية والدولية لأنه في كل امر اكتشفنا كم هو دور رئيس الجمهورية هام فيه، في الواقع لم نكن نقدر قيمة الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية الا عندما لم يعد موجودا، اكتشفنا كما يقال ان “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه الا المرضى” وعندما مرضنا اكتشفنا ما هي قيمة رئيس الجمهورية الذي افتقدناه.

الذين قالوا ان هذا الأمر لا يجب ان نتعود عليه قالوا بالتالي نحن لا يجب ان نشرع في مجلس النواب في ظل استمرار الشغور الرئاسي، وبقينا شهرا واثنين وثلاثة، وحل بنا كما المثل القائل “حاكمك ظالمك لمين تشكي امرك”، الذي يعطينا محاضرات في احترام الشرعية والدستور كل يوم هو الذي لا يحضر الجلسات وهو الذي يعطل الجلسات. علما ان التئام واجتماع مجلس النواب ليس قضية ترف، أي احضر او لا أحضر سِيّان. اللبنانيون اجتمعوا مع بعضهم بعضاً وقالوا نريد ان نحترم ممارسة جرت وبشكل مستمر على مدى سنوات طويلة منذ الاستقلال بأن النصاب لالتئام مجلس النواب للانتخاب يجب ان يكون بالثلثين. لكن هذه الممارسة تفترض ممارسة اخرى تتلازم معها وهو التزام الحضور. لأن الدستور يقول بأن المجلس يجتمع بحكم القانون وليس قرارا متروكا لكل واحد “على ذوقه يحضر او لا يحضر”، بل هو مجبور ان يحضر. وبالتالي عدم الحضور لهذه الجلسات لانتخاب الرئيس فيها مخالفة دستورية من قبل الذين لا يحضرون هذه الجلسات.
طبيعي بعد 35 جلسة وبعد قرابة السنتين وحيث مررنا بظروف اصبح الوطن مهددا، نحن من جهة يجب ان نحرص على احترام موقع رئاسة الجمهورية ودوره وان لا نشرع أي شيء لكي نضغط باتجاه انجاز عملية انتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن. لكن هذه السفينة تكاد تغرق، ويغرق معها البلد ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس وكل البلد. بجب ان نحرص على ان نُبقي، هذه السفينة عائمة الى ان نستطيع ان نخرج من هذا المأزق المدمر. فبالتالي كانت هناك محاولات. لم ينجح مبدأ حصر المرشحين فقط ضمن هؤلاء الأربعة وهذه الممارسة كما قلت خاطئة. لكن هناك من اقحم البلاد في هذا الوضع. فكان اقتراح آخر وهم أي الاربعة مرشحين كانوا قالوا ان أي واحد ينجح من هؤلاء الأربعة، الثلاثة الباقون يقبلوا. لكن هذا ايضا لم ينجح وتبين ان هذا الوعد لم يكن صحيحاً. فلذلك كان هناك اقتراح لاسم النائب سليمان فرنجية، وكان هناك ردود فعل مؤيدة واخرى مستنكرة، وبالتالي تعقدت الأمور واصبحنا الآن امام شد من ناحيتين. وهناك الآن من يدفع باتجاه الدعوة للاتفاق على قانون انتخاب مجلس نواب قبل انتخاب الرئيس. فبالتالي وعمليا غادرنا بتوجهاتنا الجديدة هذه المبدأ الأساسي الذي كنا اجتمعنا كلنا من حوله كقوى 14 آذار والذي هو اولوية انتخاب رئيس للجمهورية. حتى هذا الموضوع اصبحنا غير قادرين ان نتوصل الى قرار بشأنه والى نتيجة مقبولة. الآن لا نحن قادرون على انتخاب رئيس جمهورية، ولا نحن قادرون ان نتوافق على مشروع قانون انتخاب جديد لكي نصوِّتَ عليه في مجلس النواب للأسباب المعروفة.
القول العامي يقول: “صحيح ما تقسم. مقسوم ما تأكل. وكُلْ لتشبع”. والبلد يتعرض لمخاطر. طبيعي كان راي الرئيس بري تعالوا نجتمع سيما وانه كان هناك توجيه وتوصية اعتمدها مجلس النواب واقرت بإجماع الحاضرين بأن يكون هناك تريث في اقرار قانون لانتخاب مجلس نواب لحين انتخاب رئيس جمهورية، ووافق على هذه التوصية المجلس بالإجماع، ذلك لأنّ لرئيس الجمهورية حق اساس في ابداء رايه بقانون الانتخاب.
في هذا الأمر كانت هناك محاولة لإلغاء هذه التوصية ولكنها لم تقر في اخر جلسة تشريعية. من جهة اخرى فانه قد جرى التزام من قبل الرئيس سعد الحريري بأمر ونحن كتيار المستقبل لم نخرج من التزامنا هذا، لكن نحن جلسنا في جلسة الحوار وقلنا يا اخوان، نحن كلنا مسؤولون امام الراي العام وامام اللبنانيين، ونحن نرى بأم عيننا المخاطر التي يتعرض لها لبنان، وهذه المخاطر تزداد، المخاطر الاقتصادية، المخاطر الاجتماعية، المخاطر الأمنية. كذلك أيضاً نرى الظروف الاقليمية الصعبة التي نعيشها وكلها ظروف شديدة الصعوبة ولا نتمكن من عبورها ولا يمكننا اهمالها او التغاضي عنها.
لقد قلت في جلسة الحوار الاخيرة تعالوا لنرى كيف سنتصرف بمسؤولية، ولذلك انا طرحت هذا الموضوع داخل هيئة الحوار، تعالوا لنرى كيف نوجد حلا لهذه العملية والا نكون فعليا كمن يحاول ان يتمسك بشيء في هذه السفينة والسفينة آيلة الى الغرق بحيث نغرق نحن وتغرق السفينة ويغرق الشيء الذي نتمسك به وبالتالي لا ينجو احد ولا ينجو شيء مع غرق السفينة. لذلك فإن هذا الأمر، يتطلب من الجميع ممارسة المزيد من الحكمة.

لذلك الرئيس بري قال انا لا يريد ان يقوم بشيء يؤدي الى التفريق بين اللبنانيين، فلنأخذ الأمور بالحكمة، ولنحول هذا المشروع والاقتراحات التي اصبح عددها 17 مشروع واقتراح قانون للجان المشتركة فلتنظر بها اللجان المشتركة. فلنتروى ولا نقدم على خطوات متعجلة لا يكون فيها مكاسب للبنانيين. ولذلك كان موقف الرئيس بري موقفا يتسم بالحكمة ونحن احوج ما نكون في هذه الأيام الى الحكمة والى التبصر والى ان نرى اين مصلحة البلد وان لا ندفع بلبنان الى الغرق في لجة هذا الصراع المحتدم في المنطقة، والظروف في المنطقة كما تعرفون ظروف صعبة، لذلك هذا الأمر يتطلب من الجميع التبصر في هذا الوضع.
الرؤية المستقبلية للقيادة السعودية
رابعاً: حول الرؤية المستقبلية للمملكة العربية السعودية:
انا اريد ان اعبر عن اعجابي وتقديري لهذه المبادرة الشجاعة في السعي لتحقيق الاصلاح والنهوض الاقتصادي في المملكة العربية السعودية. هذه المبادرة تستند الى رؤية منفتحة على العالم وهي تقوم على ادراك وفهم عميق لواقع معين في المملكة والى استيعاب كامل لعناصر القوة الموجودة في السعودية والموجودة في الاقتصاد السعودي. كيف يمكن استعمال هذه العناصر والميزات التفاضلية الموجودة لدى المملكة وكيف يمكن ان يصار الى جمعها والمزج فيما بينها بهذا الخليط اللازم لها، وكيف يمكن وضع التعديلات والاصلاحات الضرورية من اجل النظر الى الأمام والعمل من اجل تحقيق مستقبل افضل للمملكة وللمنطقة العربية. اعتقد ان هذا الهدف هو الاصل من صياغة هذه الرؤية المبادرة والضرورية للمملكة.
وهنا اريد ان اتحدث في قضية مبدئية لطالما كنت اقولها وهي ان الاصلاح ليس نزهة، ولا هو شعار كل يوم نحكي به ولا نمارسه. الاصلاح هو رؤية تتطلب ما يسمى فهما لوضع معين قائم، وارادة قوية وحازمة ومثابرة لما ينبغي ان يكون عليه الوضع لاحقا. والسؤال: كيف نوظف كل هذه القدرات والطاقات الموجودة الكافية لدى بلد معين من اجل تفعيل مردودية هذه العناصر وزيادة عوائدها لما فيه مصلحة الناس. آخر النهار أي سياسي همه كيف يستطيع ان يخدم شعبه وطبيعي يخدم كل البلد وكل الاقتصاد وكل الناس في البلد ولاسيما وتحديداً المواطنون من ذوي الدخل المحدود، ولاسيما من ذوي الأقل حظوة في المجتمع لكي يكون هذا العمل مستنهضاً لقدرات هذه المجموعات الضعيفة وكذلك القوية بما يخدم التنمية في المجتمع ويحقق النمو المستدام ويحقق العيش الكريم لكافة فئات المجتمع.
الأمر الثاني ان الاصلاح شيء تقوم به عندما يصبح ذلك ممكنا ويجب ان تسعى لأن يكون وان يصبح ذلك ممكنا ولا ان تنتظر الى الوقت الذي تصبح مجبرا على القيام بالإصلاح، لأنه اذا انتظرت الى الوقت الذي تصبح فيه مجبرا تكون الكلفة والألم من الاصلاح اكثر بكثير. ناهيك عن انك تكون قد اضعت وقتا طويلا دون ان تستفيد من عناصر القوة الموجودة لديك. وتكون قد اضعت فرصة استعمال الموارد المتاحة لديك بطريقة افضل واكثر مردودية، وبالتالي تكون قد اضعت كل تلك الفرص الهامة من امام المواطنين. العالم الآن يتقدم بسرعات ضوئية ونحن كعرب لا زلنا متخلفين، وكل يوم يمر تزداد الفجوة ما بين دولنا وشعوبنا ودول العالم المتقدم. فنحن علينا ان نسارع للقيام بالإصلاحات الضرورية وبالتالي استعمال مواردنا بشكل سليم من اجل اختصار هذه الفترة الزمنية وتقليل المسافة الفاصلة ما بين الدول المتقدمة وما بين دولنا.
ناهيك عن اننا بحاجة للإصلاح من اجل ان نستفيد من بعضنا بعضا ولا سيما على اساس نظرية التكامل العربي والاعتماد المتبادل بين دولنا وشعوبنا العربية. انا اقول هذه النظرية لأعود فأقول ان هذه الخطوة التي قامت بها المملكة العربية السعودية وعمل على طرحها ايضا ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وكذلك حرص خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان شخصياً على ان يكون موجودا عند اعلان هذه المبادرة الهامة، ليعطي لها هذا الزخم المطلوب وكذلك ايضاً حرص ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف الذي اكد على تبنيه لهذه المبادرة التنموية والنهضوية الهامة.
انا اقول انها خطوة شجاعة وما قامت به المملكة هي انها انطلقت من امر اساس انه كيف يمكن ان تبني المملكة على هذه الميزات التفاضلية التي تتمتع بها السعودية اكان من ناحية الثروات او القدرات الموجودة او الكافية التي لديها والحاجة الى تنويع الاقتصاد والى عدم الاستمرار بالاعتماد على سلعة واحدة وبالتالي المحاذرة في ان يستمر الاقتصاد اقتصاداً ريعياً وتصبح البلد معتمدة على التطورات والتقلبات السريعة الحاصلة على أسعار هذه السلعة. ونتيجة لذلك، يتأثر الاقتصاد الوطني سلباً من تقلباتها وكذلك تتأثر منها المالية العامة للمملكة.
وبالتالي هذا الأمر يدفع البلد ليصبح عرضة للصدمات الآتية من الخارج ولا يكون فيه للبلد رأي او دور فيه. ان تحويل الاقتصاد الى ان يتوقف من ان يكون اقتصاداً ريعياً ومعتمدا على سلعة واحدة امر شديد الاهمية. طبعا تبرز الحاجة الى تطوير القدرات، هذا الامر بحاجة بداية الى قرار. الى توظيف التعليم والتهيئة المهنية والتدريب للشباب الصاعد في خدمة تطوير الاقتصاد وتفعيله وتعزيز نموه. كذلك فإنه ولتحقيق الهدف تشتد الحاجة الى ايجاد المناخات الملائمة للعمل الاقتصادي وايضا بحاجة الى ضبط الموازنة العامة وضبط الانفاق وزيادة مردودية الانفاق وأيضاً تحسين مستوى كفاءة وفعالية الادارة العامة أي انه عندها تبرز الحاجة الى القيام بإصلاح اداري يقوم على احترام الجدارة والكفاءة ومستويات الاداء. هناك جملة من الاصلاحات التي ذكرها الأمير بهذا الشأن في مبادرته الشجاعة والطموحة والتي تمكن المملكة العربية السعودية من ان تخطو بثقة واقتدار على مسار هذا الاصلاح. انا اعتقد ان المملكة قدمت في هذا الشأن نموذجا متقدما واتمنى ان يصار الى ان يقوم المهتمون بهذا الامر في المملكة وخارجها بقراءة متأنية لهذه الرؤية ومتابعة ما تقوم به المملكة من اعداد للبرامج التنفيذية لها وأيضاً ما ستضعه المملكة من مؤشرات رقمية لكيفية التقدم باتجاه التنفيذ ولقياس التنفيذ والتأكد من مستوى الفعالية.
اقول بما يتعلق بإيجاد حلول المشكلة العمالة والبطالة والاسكان، رفع مستوى وكفاءة التعليم، وبإنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبالأوضاع الاجتماعية، وبالبنية التحتية، وبالزائرين، وبالمالية العامة، هذه كلها لها مؤشرات رقمية والواحد يجب ان ينظر كل مرة، وكل سنة كم تحقق من هذا الانجاز ومتابعة دؤوبة ودقيقة لهذا الأمر. وعندما يسجل في سنة معينة مثلاً تراجعاً في نسبة الانجاز، السنة التالية يجب ان يتحمس اكثر ليعوض هذا التراجع.
الأمر الثاني الذي ترافق ايضا مع هذا التصور تنفيذ استراتيجية جديدة للعلاقة مع المحيط العربي، والذي هو استراتيجية الاعتماد المتبادل والتكامل الاقتصادي بين دول الخليج والمملكة العربية السعودية من جهة اولى ومع مصر والعالم العربي من جهة ثانية. ذلك من خلال طرح فكرة اقامة الجسر الذي يربط المملكة ومصر. ان تنفيذ هذا الجسر في منتهى الأهمية. عمليا يتم وصل بلدين عربيين بل قارتين ومنطقتين حيويتين من الوطن العربي. هناك بلدان عربية كثيرة غير موصولة عمليا ببعضها او ان الطرق مقفلة بينها مع انها ملاصقة لبعضها. مثلا دول المغرب العربي، لو فتحت الطريق بين دول المغرب العربي لزاد الناتج المحلي لكل بلد منها، أي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، لزاد الناتج المحلي بنسبة 2% سنوياً لكل بلد منها لمجرد فتح الطريق. فلنتخيل ماذا ستكون عليه النتائج الايجابية لإنشاء هذا الجسر وما يمكن ان يحصل بعدها، حيث سيحفز إنشاؤه للكثير من الطاقات والقدرات والموارد التي يمكن ان تطلق وتستغل لهذا الأمر.
هذا الجسر اعتقد ان طرحه هو قضية سياسية بامتياز واستراتيجية بامتياز وقومية ووطنية بامتياز، هذا امر يجمع العرب فيما بينهم ويعطي صورة للناس ماذا يريد العرب بشأن بعضهم بعضها وماذا يخططون في مجال الاسهام في صنع مستقبلهم.

الكل يسأل ماذا يريد الأمريكان وماذا يريد الروس وماذا يريد الايرانيون ماذا يريد الغرب من المنطقة العربية، ولا احد يسأل فيما بيننا ماذا يريد العرب. العرب يريدون ان يعيشوا ويريدون ان يشاركوا في نهضة بلدانهم وان يكون لهم دور في صناعة مستقبلهم وان يكون للناس فرصة في ان يجدوا عملا وينتجوا ولا يكونوا عالة على أحد. يريدون ان يستعيدوا كرامتهم الممتهنة ويستعيدوا ارضهم المغتصبة ويرفضون الهيمنة عليهم من أي دولة اقليمية او دولية، هذا ما يريده العرب. فنحن أين نكون من ضمن هذا الأمر وماذا نفعل لتحقيق رؤية الانسان العربي لحاضره ومستقبله؟
اعتقد انها خطوة يجب ان تتلوها خطوات من اجل يكون للعرب فرصة حتى يحسب لهم العالم حسابا. فاذا نحن لم نحسب لأنفسنا حسابا فلن يحسب لنا غيرنا أي حساب.

السابق
بالفيديو وفي لبنان: مالك مكتبي وأبشع امرأة
التالي
الإعلامية السورية مجددًا: شذوذٌ أم إدمان الجريمة؟