«الدولة الإسلامية» في إيران 2/1: انقلاب… لا ثورة

الانتخابات الايرانية
سبعة وثلاثون عاماً كانت كفيلة كي تتأكد إيران أنها نموذج لا يحتذى به للحكم وفق الشرع الإسلامي وذلك مع الفشل في تظهير صورة نظام "إسلامي" بطابع "ديمقراطي".

منذ السنوات الاولى للحكم الإسلامي في إيران، سرعان ما تبيّن للشعب أنهم سيئون في أختيار قياداتهم، مما وضعهم في حالة من الصراع الدائم على السلطة امتدّ إلى يومنا هذا بهدف ترقيع الخلل الموجود في بنية نظامهم القائم على شرعية مطلقة لولاية الفقيه من جهة وبين طموحهم لبناء جمهورية إسلامية عادلة من جهة أخرى.

تقوم إيران حالياً على عدة قوى سياسية متشابهة جداً بتطلعاتها والتي بدورها تعمل داخل فلك سلطة ولاية الفقيه، وتمكن الإمام الخامنئي بعد وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام روح الله الخميني من خلق تيارات متنوعة داخل التيار المحافظ، إلى جانبهم مجموعات تخضع لأوامر المحافظين مثل إمام مسجد طهران أحمد خاتمي والرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بهدف الحفاظ على تنوع سياسي شكلي يندرج في إطار التيارات المصطنعة، تحمل إسم المحافظين الجدد.

اقرأ أيضاً: إيران وتركيا ليستا نموذجين لأحد

على وقع الإنقلاب:

خلال تواجد الإمام الخميني في فرنسا قبل انتصار ثورته بأشهر قليلة توجهت إحد الصحافيات الفرنسيات إليه بالسؤال: كيف سيكون الحكم في إيران، أجابها: شبيه بالحكم الموجود في فرنسا.

ولكن إذا تمت المقارنة بين ما شهدته إيران عام 1979 وبين الثورة الفرنسية، فإن الحدث الإيراني الذي إنطلق عام 1979 أشبه بالإنقلاب على حكم الشاه لا الثورة عليه. بحيث لم يخلق الإنقلاب أي أرضية تتأسس عليها مفاهيم عليا كتلك الموجودة في الثورة الفرنسي، مثل: الحرية، الاخوة، المساواة، وهو ما سمح للشاهية بأن تعود وتظهر بأسلوب ورداء جديدان عبر “ولاية الفقيه”.

حكم إستثنائي وملالي إستثنائيون:

لقد إشتعل فتيل الثورة ضد الشاه محمد رضا بهلوي بعد تراكم النتائج المتأتية عن تراجع الاداء الأقتصادي لإيران وزيادة معدل البطالة وإرتفاع مؤشر الفقر والأمية والخناق الشديد على الحريات بالإضافة إلى الإعتقالات التعسفية التي كان ينفذها “السافاك” فإندفعت مجموعات شبابية ذو أوجه فكرية متعددة ومن ضمنهم الشيوعيين واليسار المعتدل إضافة إلى الساعين نحو حكم بالنكهة الإسلامية التي روج لها روح الله الخميني من فرنسا. وقد نجح الثيوقراطيين من سحب بساط الحكم من جميع الفاعليات التي شاركت بتنفيذ الثورة وأتت الخطوة على هيئة إنقلاب على حلم الثائرين، وقد قام الخميني حينها بتنفيذ أعداد هائلة من الإعدامات الميدانية ونفى اخرين إلى خارج إيران، وقد طالت هذه الأعمال أشخاص كانو شركاء أساسيين في صنع الثورة ضد حكم الشاه.

خامنئي

إن الثيوقراطية التي يقوم عليها النظام الإيراني تقوم على إنفصام عامودي يقسم ظهر الجمهورية الإسلامية الإيرانية. إن تركيبة الحكم في إيران إستثنائية كذلك فإن المادة الدستورية التي تتعلق بصلاحيات ولي الفقيه التي تقر بأن إرادة الولي هي المرجعية الأساسية ودستورية وتفوق إرادة الشعب التي مجدها وشدد عليها الخميني. وقد نتج عن ذلك مناخا ملائما لخلق الخرافات حول ماهية ولي الفقيه وعلاقته بعالم الغيب والله وخليفة الإمام المهدي.

وتجلى الخلل بشخص أحمدي نجاد الذي تصرف طيلة حكمه لإيران كممثل لدولة الأمام المهدي. إن شعور نجاد بكوّنه لسان الله دفعه دائماً للتكلم عن آلام الشعوب المستضعفة وهموم الأمة الإسلامية. وفي اكثر من مناسبة، دعا نجاد اتباع الديانات الاخرى إلى اعتناق الإسلام وإقرارهم بالمخلص المهدي من أجل أن ينعموا بالعطف الإلهي. وقد حذر الإصلاحي محسن امين زادى من سيطرة الخزعبلات التي إن لم يقف بوجهها العقلانيون فإنها ستستمر بحفر طريقها نحو صناديق الإقتراع ونحو سدة الحكم في إيران.

اقرأ أيضاً: أخبرني عن عامل لبناني في دولة إيران…‏

وقال: “إن هؤلاء الربانيون يزعمون مخاطبة الإمام المهدي، ويقسمون على أنهم يرونه ويريدون حكم إيران، هل يوجدا أسوأ من هذا”.

السابق
انتخابات صيدا… حضور سياسي وغياب تنموي
التالي
«حزب الله».. مرور الكرام على مجازر النظام السوري