«أنا» الـ فيسبوك!

افتح صفحتي في موقع الفايسبوك وأقلّب فيها، اتفرّج على صور واقرأ حكم وآراء تتعلق بالحياة والسعادة والحب والسياسة، واتابع أنشطة ترفيهية قام بها فلان وأخرى اجتماعية لفلان، وتمنيات وتهاني وتعزية، اقرأ رسائل مبطنة موجهة من أحدهم لآخر بشكل غير مباشر عبر بوست او تعليق.
امام كل هذا، اجد نفسي على علاقة وطيدة بهؤلاء الأشخاص رغم عدم معرفتي بالكثير منهم، أراني أغوص في عالمهم وأعرف الكثير عنهم وعن خصوصياتهم، أو هذا على الأقل ما اعتقده. لأن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. نحن لا نرى من هؤلاء سوى ما يريدوننا أن نراه. فهم يخفون خيباتٍ وراء نشاطاتهم، وهموماً خلف كتاباتهم، وحزناً خلف صورٍ تضجّ بالحياة والمرح.
اصبح لكل فردٍ منّا شخصيّة مزدوجة. تلك التي تعيش فينا، تظهر في حياتنا الشخصية، في عملنا، نتعامل من خلالها مع محيطنا الواقعي ، وأخرى نعيش فيها، نبرزها كما نرغب أن تكون في حياتنا الافتراضية مع واقع افتراضي وأشخاص افتراضيين، نظهر أنفسنا كما نتمنى وحياتنا كما نحلم أن تكون.
اصبح كل منّا ضائعاً بين حياتين، بين عالمين لا يلتقيان، يحمل هويّتين مختلفتين الاولى هي جواز سفره الى العالم الواقعي والأخرى جواز سفرٍ يحلِّق من خلاله في الفضاء الواسع حيث لا واقع ولا حقيقة ولا حسيب ولا رقيب .

السابق
الحريري: أهمية الانتخابات أنّها ستنهض الشارع
التالي
الحريري لا يخاف من «بيروت مدينتي»… بل من اختراقات على حساب المسيحيين