الفشل السياسي في حل المسألة الكردية

الأكراد

لقد فوتت تركيا فرصة عظيمة في الفترة ما بين عامي 2010 – 2015 عندما فشلت في حل المسألة الكردية من خلال التفاوض والحوار، وأيضاً عندما فشلت الأحزاب السياسية الأربعة في الاتفاق على كتابة دستور جديد للبلاد. إن الجهود السياسية التي بذلت لحل هاتين المسألتين باتت غير مجدية بسبب الاختلافات الفكرية الحادة بين هذه الأحزاب السياسية الأربعة والاستقطاب الكبير الحاصل بين الطبقات السياسية في تركيا.

اقرأ أيضاً: المبادرة السعودية بين تركيا ومصر

تركيا الآن تدفع ثمناً باهظاً بسبب هذا الفشل الذريع مع تصاعد موجة الإرهاب داخل البلاد والذي حصد بدوره الكثير من أرواح المدنيين ورجال الأمن.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أغلق جميع أبواب التفاوض الهادفة لحل المسألة الكردية بشكل سلمي، مع العلم أن رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو اقترح إمكانية العودة لطاولة المفاوضات في حال قيام تنظيم العمال الكردستاني PKK بإلقاء سلاحه.
علاوة على ذلك، بدأت جهود الرئيس أردوغان المبذولة للضغط على الحكومة للقيام بنزع حصانة النواب المؤيدين لتنظيم الـ PKK وعملياته الإرهابية، تعطي نتائجها. فقد طرح حزب العدالة والتنمية مشروع تعديل دستوري يُمهِّد الطريق أمام البرلمان للقيام باتخاذ الإجراءات القضائية بحق معظم نواب حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد.
وقد أعلن كلٌّ من حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية دعمهما لهذا المشروع، غير أن رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلشدار أغلو اعترف أن مشروع التعديل هذا يشكل خرقاً للدستور التركي.

اردوغان
السبب الذي دعا حزب الشعب الجمهوري لتأييد مشروع التعديل الدستوري هو الخوف من أن يتم اتهامه بدعم الإرهاب حيث أن الحكومة أكدت أنها ستستخدم كافة الوسائل الإعلامية بغرض ربط حزب المعارضة الرئيسي بالإرهاب في حال رفضه المشروع. كما أن رفض حزب الشعب الجمهوري لمشروع التعديل الدستوري قد يؤدي لحالة استياء وسخط لدى قاعدته الشعبية القومية، خاصة في المدن الواقعة على الشريط الساحلي الغربي من البلاد.
على كل حال، يجب علينا أن نتذكر أن الأحزاب غير قادرة أن تفرض على نوابها الموقف الذي سيتم اتخاذه عند التصويت على مشروع التعديل الدستوري في البرلمان، لذلك فإن تأمين الحد الأدنى من الأصوات اللازمة لتمرير هذا المشروع والتي يبلغ عددها 367 صوتاً، لن يكون مهمة سهلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. الكثيرون في أنقرة يعتقدون أن بعض نواب حزب العدالة والتنمية لن يصوتوا لصالح هذا المشروع، كذلك ستفعل نسبة كبيرة من نواب حزب الشعب الجمهوري.
مشروع حزب العدالة والتنمية المتعلق بإزالة حصانة النواب الداعمين للإرهاب سيتقرر بعد إجراء المشاورات مع باقي الأحزاب، وهذا سيكون له دور حاسم خصوصاً في القرارات التي سيتخذها نواب حزب الشعب الجمهوري.
مهما كانت نتيجة التصويت، فإن هذا التحرك من قبل حزب العدالة والتنمية والمدعوم من قبل حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية سيؤدي لسحب القضية الكردية من حلبة السياسة ويلغي دورها في البرلمان.
بدون شك، إنَّ قضية اجتماعية سياسية ذات أبعاد ثقافية وتاريخية عميقة، تحتاج لتسوية فورية ولا يمكن تركها بيد الأجهزة الأمنية والبيروقراطية القضائية.
وباختصار، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: إلى متى سيتم تأجيل حل هذه القضية؟ ومتى سيتم حل هذه المشاكل الحيوية التي تعاني منها البلاد من قبل الساسة المنتخبين والأحزاب السياسية؟

(صحيفة ديلي حريات)

السابق
نديم قطيش: كارول معلوف هي أبو بكر البغدادي‏
التالي
لا يمكن التذرّع استنسابيا للتمديد للبلديات‎