التوافق الطرابلسي ينهي الإنتخابات البلدية ويكشف المجتمع المدني

هل ينجح المجتمع المدني في مواجهة تحالف الحريري - ميقاتي البلدي في طرابلس؟

اجتمع تيار المستقبل بامبراطورية الميقاتي طرابلسيًا بامتداد “كرامي” و “الصفدي” و “كبارة”، طُرِح اسم “عمر حلاب” رئيسًا للبلدية ومنحته السلطة السياسية التي اتفقت على تعيينه مجموعة الأسماء ليختار منها من يتفق معهم من الأعضاء، في محاولة لتحويل الشعب لشاهد زور يصفق لافرازات السلطة التي لم تتوقف سطوتها على التعطيل والتمديد والفراغ والفساد، بل تتوّجه نحو الانتقال من الانتخاب إلى مرحلة التعيين أو ما يمكن وصفه بالـ 99% من الأصوات اسوة بالانظمة الشمولية كالنموذج السوري على سبيل المثال لا الحصر في انتخاباته الكوميدية..

طرابلس، وكما أكدت مؤسسات المجتمع المدني، ترفض أن تتحوّل الانتخابات البلدية لمسرحية تعيينية بتصويت شكلي، كما ترفض أن تكون أنموذجًا للتعيين وإنهاء للديمقراطية في مقابل ترسيخ الديكتاتورية المجمّلة.

هذا المجتمع المدني الذي رفع الصوت وأعلن الرفض والتمرد ضد إرادة التوافق السياسي ولعبة المحاصصة، تحت عنوان أنّ البلدية إنماء وعمل تنموي وليست سلطة ضيقة ومصالح شخصية “على أد الجيبة”..

رئيس مركز طرابلس الدولي لحقوق الإنسان رامي اشراقية، أشار لـ “جنوبية” أنّ “هذا التوافق الذي حصل مؤخرًا هو ضرب لمفهوم الديمقراطية وحق الانتخاب، حيث أنّ رئيس البلدية لا يعين وإنّما ينتخب من قبل الأعضاء، وأنّ عملية تثبيته كرئيس ضرب لمفهوم الانتخابات ولحق المواطن في اختيار رئيس بلديته وفقًا لمشروع”.

وأضاف أنّه “من غير المقبول من السياسيين اغتصاب حق المواطن في التصويت، فحتى الأعضاء أصبحوا ملزمين أو عمر حلاب أو لا بلدية”.

وفيما يتعلق بالتقارب بين الحريري – ميقاتي، في طرابلس، قال اشراقية أنّ “طرابلس تمثل الثقل السني وهي صندوق بريد للانتخابات النيابية، والتوافق هو نموذج مكرر للتوافق النيابي والتقاسم وتوزيع الحصص وتغييب للمجتمع المدني والفئة المستقلة، لتظلّ الكراسي محصورة بالشخصيات السياسية نفسها ومن يتبع لها”.

وعن كيفية مواجهة المجتمع المدني للمال السياسي في هذه المدينة المنكوبة، أوضح أنّ “المجتمع المدني في حال توحد و وضع كل جهوده في مشروع جيد وبنّاء سوف يتمكن من مواجهة السلطة والمال السياسي”.

وأنّ “المجتمع المدني أمام مفترق طرق إما أن ينزل بلائحة متوحدة ومتكاملة ومتجانسة إلى البلدية تضم أصحاب الكفاءات والحيثيات، وإما أن يعتكف وأن يتوقف عن الاعتراض إن فوّت هذه الفرصة عليه وعلى أهل المدينة”.

وإن كانت المناطق الفقيرة قادرة على الاستجابة للتنمية ورفض المال السياسي وهي الأكثر فقرًا وحاجة “للقرش”، أكد اشراقية أنّه “من منطلق تجربته مع المجتمع المدني لا سيما في المناطق الفقيرة (باب الرمل – التبانة – ضهر المغر- جبل محسن) التقى العديد من الشباب والذين أكدوا أنّهم لا يريدون كذب السياسة وإنّما يريدون تحسين مناطقهم ويريدون مجلس بلدي من الشباب النظيف”.

المحامي رامي اشراقية
المحامي رامي اشراقية

وعن تفرّع المجتمع المدني لثلاثة لوائح انتخابية بلدية، وعن ضرر هذا الانقسام في مواجهة السلطة والتوافق، أوضح اشراقية أنّ “المجتمع المدني في حال لم يتوحد وتنافس في ثلاثة لوائح متفرقة هو من سوف يخسر، وأنّ هذا المجتمع ملزم بالاتحاد لخرق التوافق والوصول لكرسي البلدية خدمة للناس”.

وأضاف، “أنا أوّل من سوف ينتقد المجتمع المدني في حال لم يتوافق وسوف أنسحب وأقول أنّه يكرر ممارسات السياسة ويطمع بالكراسي”

وأشار اشراقية، أنّ “الأولوية للأشخاص التي سوف تترشح أن يكون هدفها خدمة المدنية لا الكراسي”.

ولم يخفِ اشراقية دعم الوزير أشرف ريفي للائحة المجتمع المدني، وهذا ما أعلنه ريفي علنية في إطلالة له، وأشار إلى أنّ “اللواء ريفي ترك للمجتمع المدني الحرية بأن يختار الأسماء التي تمثله ورفض أن يكون أيّ من المقربين منه في اللائحة، وطالب بمشروع، إذ أنّه لن يدعم اللائحة إن لم ترتبط ببرنامج إنمائي ومشروع واضح للمدينة”.

وأكد اشراقية، أنّ “المجتمع المدني سوف يعلن عن مشروعه في مؤتمر صحفي، وسوف يقدم لائحة نموذجية من الأشخاص الذين لا سجل سياسي لهم وكلّ مخططهم تنموي، وأنّهم يريدون للشعب الطرابلسي أن ينزل وينتخب وأن يعبر عن رأيه بديمقراطية ضد التعيين والتوافق السياسي”.

ولفت اشراقية إلى أنّ ” طرابلس بحاجة للإنماء لا للإستزلام السياسي، وأن البنك الدولي قد وضع لبنان في خانة سوداء بسبب مشروع الإرث الثقافي وعدم اكتماله وسرقة أمواله”، مؤكدًا في هذا السياق أنّه “لا بد من إقرار مبدأ الثواب والعقاب والمحاسبة”.

وأن “التوافق هو تغطية للأخطاء المتراكمة، وأن لا خيار لنا سوى تحسين المدينة والوضع المعيشي للشباب، فالمدنية بحاجة لعملية إنمائية لا لتوافق سياسي”.

وختم اشراقية أنّ ” المجتمع المدني قد وضع خطة إنمائية بالتشاور مع خبراء اقتصاديين لست سنوات وأنّ كل المجتمع المدني ليس مسيس ولا ملتزم بخط وإنّما هدفه هو العمل لأجل المدينة.

أما الناشط والسياسي والاجتماعي الشيخ بلال مطر، فقد أوضح ل “جنوبية” عن موضوع ترشحه للمقعد البلدي، أنّ “الأمور لم تتضح بعد ومن المفترض أن تتبلور الأمور خلال يومين”.
وعن اللوائح الثلاثة المطروحة، وبأي لائحة هو سوف ينطلق ترشيحه، قال، أنّه “من حيث المبدأ هناك رغبة لأن تندمج كل المجموعات في لائحة واحدة وهناك محاولات لهذا الشأن”.

وعن دعم اللواء ريفي للائحة المجتمع المدني وفق مشروع واضح يعكس رغبة الشعب أعلن مطر “نحن غير مرتبطين بأحد ولا نطرح أنفسنا لأخذ الدعم من أيّ جهة كانت، نحن مجموعة من الشباب المستقل كليًا، وإن كان قرارنا أنّنا سوف نكون ضد التوافق وضد الغاء التمثيل وضد مصادرة أصوات الناس لا يمكن أن نكون في مكان آخر، وكأننا دخلنا بمحاور إن لم نصطف بهذا المحور نصطف بمحور مقابل”.

وأضاف أنّ “هناك بعض الشباب في الحراك المدني لديهم رغبة بدعم الوزير ريفي (مع كل الاحترام له ولشخصه) ، غير أنّهم ليسوا بصدد هذا الاقتراح وليس مطروحًا حتى اللحظة للنقاش، كما تمنى على أهل طرابلس، الوقوف مع هذه اللائحة العاكسة لهمومهم ولمشاكلهم ولقضاياهم”.

الناشط السياسي والاجتماعي الشيخ بلال مطر
الناشط السياسي والاجتماعي الشيخ بلال مطر

وفيما يتعلق بالأسماء المطروحة ضمن اللائحة، فأشار لنا أنّ النواة الأساسية تتمحور حول “الشيخ بلال مطر، الدكتور فادي سكرّي، محمد تامر، نور معماري، أحمد حلاويني”، مؤكدًا على الانفتاح على الأخرين، وأنّهم يريدون لائحة تجمع كل النسيج الطرابلسي، على مستوى القوى السياسية المستقلة، على مستوى الشراكة العلوية و الشراكة المسيحية، وعلى مستوى الكوتا النسائية، معتبرًا أنّ هكذا لائحة تعطي الحق الأدنى لطرابلس”.

إقرأ أيضًا: المجتمع المدني ومعاركه السياسية

وعن المشروع الذي سوف يطرحونه، قال مطر، أنّه “يرفض أن يقدم مشروعًا للناس، إذ لم يسبق لمشروع أن تحقق أو تمّ الالتزام به”.
مشيرًا، “أنّهم لا يملكون عصا سحرية لإنقاذ المدينة بعد ما آلت إليه من إهمال القوى السياسية، وإنّما طموحهم الحد أولاً قدر المستطاع من الفساد المستشري من موضوع الرشاوي والسمسرات، والصفقات المشبوهة، ومن ثمّ صوغ مشاريع تنموية لصالح الجمهور الطرابلسي حسب مقدرات صندوق البلدية المالية، وأنّ المستهدف بالعمل البلدي هو الإنسان لا (الحيطان والأبنية)، لأنّ هناك مواطن جائع مواطن عاطل عن العمل، وأنّ مساعدة هؤلاء هي الأولوية والعمل سوف يرتكز على خلق مشاريع تكون على تماس مباشر مع مصالح الناس.”

وأكد أنّ “الهدف الحالي هو دعوة الناس للنزول إلى الانتخابات بكثافة وكسر الانكفاء والتراجع والاستقالات الجماعية لدى الناس (القوى الصامتة)، إذ أنّ المستفيد بشكل مباشر وشخصي من هذا الاعتكاف، هي المجموعات السياسية التابعة للقوى الراهنة، إذ أنذهم هم من يصوّتون”، ونوّه أنّ “المعركة صعبة في مواجهة حيتان السلطة المتجذرة”.

إقرأ أيضًا: التوافق الطرابلسي ينهي الإنتخابات البلدية ويكشف المجتمع المدني

وأضاف مطر أنّ “الأولوية الجدية للتوافق غير أنّ لائحتهم مستمرة إن لم يحدث هذا الأمر” وختم قائلاً “لا يمكن أن مكون جميعًا (عناتر ونشيل الزير من البير)، فالمسألة تحتاج لتواضع وحكمة ودراسة كيف إدارة المدينة فهناك مشاكل ومعاناة ولا بد من العمل الجدي عليها”.
إذًا، طرابلس اليوم أمام مفترق طرق، أو تكرار فشل العمل البلدي في طرابلس لسنوات عدّة نتيجة للتوافق، والقبول بما آلت إليه الفيحاء مؤخرًا من مشاريع “سيو_وهمية” تحوّلت لكوارث على المدينة، أو الالتفاف حول النخب المثقفين الذين يريدون أن يشكلوا مدنيًا جهة متكاملة متكافئة، قررت أن تتكاتف في وجه الفساد السياسي الذي لم يتجاوز خلافاته إلاّ ضد الشمال الطرابلسي.

السابق
مجلس الوزراء السعودي يوافق على «رؤية المملكة 2030»
التالي
بري: لا يزايد علي احد بالميثاقية… وليخبزوا على غير هذا التنور