ابن حمية من حي السلم الى افلام البورنو

فراس حمية ابن العشيرة البقاعية الشهيرة والقاطن في حي السلم وهو اشهر حي فقير في حزام البؤس الذي يحيط ببيروت عند طرف ضاحيتها الجنوبية، فراس الشاب المثقف الحر استاذ المسرح الحيوي المحبوب من طلابه، ربما ظلم نفسه بهذا العنوان "البورنو" المبسط ذي السمة العبثية في نصه الجميل الذي بين ايدينا.يكفي ان نكتشف انه يحلم ان يحلق ويصل لاماكن حلق فيها عقله وخياله قبلا لنعيش معه شطحات تلك الاحلام وعريها وتفلتها من كل قيد.

أحلم بأن أصبح نجم بورنو:

أحلامي كبيرة، أحلم بأن أسافر إلى بروكسل، فمنذ صغري كنت أشاهد رسوماً محركة بعنوان “قصة الكراغلة” وهم مخلوقات نصف بشرية ونصف تنانين لهم أجنحة يطيرون بها ليلاً ويكافحون الجريمة والشر، وكانوا يعيشون في الليل فقط ويتحولون إلى تماثيل حجرية عندما تشرق الشمس. كانت تقع أحداثها وسط مدينة بروكسل على سطح مبنى في أخره ساعة كبيرة تدق كل ساعة.
أحلم بالسفر إلى جنيف وإلى لينينغراد ذلك أنني قرأت في كتاب التاريخ عن صمود شعبها وتغييرهم مجرى التاريخ. أحلم بالسفر إلى روما لأمشي في أزقتها القديمة ولأرى معالمها الدينية الخلابة، وأحلم بالسفر إلى الأندلس مكان إقامتي في الحياة القديمة عندما كنت أدعى فرانسوا كامو فعلياً، وأحلم بالسفر إلى باريس لأن كل ما قرأته عن الغرب وكل ما تعلمته عن الثورات لن يصبح عملياً إن لم أتوجّ ذلك بالسفر إلى باريس، فأنا مثقف، والمثقف لا بد له أن يزور باريس لا أن يبقى ساكناً في حي السلم/حي الكرامة وسط أسلاك الكهرباء والماء الكثيفة الممدودة في الهواء.
البارحة ثقب نبريش مياه معلق في الهواء بين سطحين ويمر في منتصف الطريق، وصادف أن فتحت فوهته عندما كنت أمرُ من تحته وأنا أرتدي ثياب العيد ولا داعي لإكمال ما حدث.
أحلم بالسفر إلى لندن، يقولون بأن لندن مدينة متنوعة يعيش فيها الأبيض والأسود وكل الجنسيات المختلفة، يعني “شو ما الله خلق أشكال ألوان” موجود في لندن.
أحلم بالسفر إلى البندقية أو القسطنطينية، صراحة لا أعرف ما إسمها الحقيقي الأن، صدقاً كل ما أعرفه أنها مدينة تعوم في الماء وتمر المراكب الخشبية بالقرب من نوافذ منازلها.
تصوروا أنني أحلم بالسفر إلى دمشق لأجرب الصلاة في “الست زينب” لكنني ممنوع من الحرية تحت طائلة النفي من هذا العالم.
ها أنا أكتب وأشعر بالحنين والفراغ في الوقت ذاته، الحنين لإكتشاف هذا العالم والفراغ لعدم قدرتي على ذلك، فأنا ممنوع من الحرية تحت طائلة المسؤولية.

إقرأ أيضًا: بالصور: من وادي خالد إلى البرج الشمالي.. أفاعي ضخمة في لبنان!

أنا لست عصفوراً في قفص، لو كانت عندي صفات العصفور لما حزنت، أنا أسوء من عصفور في قفص، أنا إنسان بلا أجنحة.

لكنني أسافر في العالم الأزرق من أستراليا إلى كندا وأتجول في صحارى السافانا المكسيكسية وأجوب العالم في كل يوم، من أقصاه إلى أقصاه، من وراء الشاشة، وعندما أود السفر إلى أفريقيا أشاهد قناة ناشيونال جيوغرافيك.
أحلم بأن أصبح نجم بورنو لكنني لا أستطيع تحقيق ذلك في حي الكرامة لأنني ممنوع من الحرية. إني أمارس حريتي على الفايسبوك وأحقق أحلامي في هذا العالم كسمكة في بحر أزرق، كرجل يحيا حياةً إفتراضية، كطفل يجبر على النوم في السادسة والنصف مساءً.
كلما دخلت هذا العالم كلما شعرت بالحرية وأحسست بأنني غير ممنوع من السفر، وبأن الكون بين أصابعي أقلّبه كما شئت، بنقرة.

السابق
وزارة الصحة: اقفال مسمكة مسعود في صيدا ومحل خيرالله في طرابلس
التالي
تسخيف الفساد… تسخيف لفكرة الدولة