هل نجح «كمال داوود» في«معارضة الغريب»؟

معارضة الغريب
جاء على الغلاف الأخير، لرواية "مُعارَضَةُ الغَريب" للصحافي والكاتب الفرنكوفونيّ الجزائري كمال داوود: "لم يحتج كمال داوود إلى أكثر من رواية ليُكَلَّلَ بالغار، وروايته "معارضة الغريب" تصدر اليوم بالعربيّة – بعد صدورها بالفيتناميّة والإنكليزية وبكوكبة من اللغات الحيّة – بالتعاون بين "دار البرزخ"، ناشرة الكتاب بالفرنسية (الجزائر) و"دار الجديد" (بيروت)، (في طبعة أولى 2015).

ومفادُ أجواء رواية “معارضة الغريب”، متمثّل بالآتي: “ليلة تلو أخرى يلتقي هارون الجزائري، شقيق موسى، أحد أشهر قتلى الأدب العالميّ، بطالب فرنسيّ يُعدّ أطروحة عن “العربي” قتيل بطل ألبير كامو، مورسو، المخلَّد في رواية “الغريب” – إحدى الروايات الأكثر تدريساً في المدارس والجامعات في العالم والأكثر مبيعاً بين الكتب منذ سبعين عاماً – وعن عائلته المنكوبة التي لزمت الصمت أكثر من نصف قرن.

يسرد هارون على الطالب قصَّته، قصَّتهم: قصّة الوالد الحارس الليلي الذي هجر الوالدة والأبناء وغادر إلى جهة مجهولة، قصة الوالدة الثكلى الساعية إلى الثأر لدم ابنها موسى، قصة الثورة الجزائرية ومغادرة الفرنسيين البلاد، قصّة ثأره لشقيقه وغيرها من خيبات وطن المليون شهيد.

يعارض كمال داود في روايته هذه “غريب” كامو؛ والمعارضة نوع أدبي راق عرفه الأدب العربي كما سواه من الآداب.

القتل بالقتل والأدبُ بالأدب؛ هذا ما يراه كمال داود، الصحافي صاحب الافتتاحيات المثيرة للجدل الذي تمكّن برمية رام، أن يحمل الأدب الجزائري الفرنكوفوني إلى لغات شتّى… منها العربية.

وهذا مقتطف من الرواية: “كنت أحبّ أن أسرق الخبز الذي تخبّئه أمي تحت خزانتها، وأراقبها بعدها كيف تنقّب البيت مفتِّشة عنه متمتمة باللعنات. في إحدى الليالي، بعد مضي أهشر على مقتل موسى، وكنا لا نزال مقيمين في العاصمة الجزائر، انتظرتُ إلى أن نامت وسحبت مفتاح صندوق مؤونتها وأكلت كل السكاكر التي أودعتها فيه تقريباً. صبيحة اليوم التالي جنّ جنونها وراحت ترطن ثم أعملت أظافرها في وجهها باكية حظّها، من زوج غائب إلى ولد قتيل وآخر ينظر إليها بغبطة جارحة. إي نعم! أذكر بذلك، أحسست ببهجة غريبة وأنا أشاهدها تتألم فعلاً، ولو لمرة واحدة. فلكي ألفت انتباهها إلى وجودي كان لا بد لي أن أخيّب أملها. كأنه أمر محتوم، أن تجمعنا هذه العلاقة بطريقة أوثق مما فعل الموت.

إقرأ أيضاً: «فنُّ القراءة»… ما يميّز نوعَنا الإنسانيّ

في أحد الأيام أرادت منّي أمي أن أذهب إلى مسجد الحيّ وهو يُعتبر، إلى حدّ ما “حضانة” بإشراف إمام شاب. حدث ذلك أيام الصيف، وقد اضطرت أمي أن تجرَّني من شعري إلى الشارع، وكانت الشمس حارقة. تمكَّنت من الإفلات منها وأنا أتخبط كالمسعور ثم شتمتها ورحت أركض ممسكاً بعنقود العنب الذي أعطتني إياه قبل قليل عندما حاولت أن تلاطفني. في هروبي تعثرت ووقعت وسُحِقت حبّات العنب على التراب. بكيت بكل جوارحي وانتهى بي الأمر في المسجد مرتبكاً خجِلاً. لا أدري ما الذي أصابني، لكن عندما سألني الإمام عن سبب حزني اتّهمت ولداً بضربي. أظنّ أنها كانت هذه كذبتي الأولى. إنها تجربتي الخاصّة عن الثمرة المسروقة في الجنّة. لأنني منذ تلك اللحظة أصبحت ماكراً ومخاتلاً، بدأت أكبر. إلا أنني لفّقت تلك الكذبة في أحد أيام الصيف.

إقرأ أيضاً: الإسلام وضرورة التحديث من وجهة نظر قرآنية

تماماً مثل القاتل، بطلك، المتضجِّر الوحيد المنكبّ على ما خلَّفه ما أثر، دائراً على نفسه ومحاولاً أن يعطي معنًى للعالم وهو يمثّل بقدميه في جثَث العرب.

“عربيّ”، هل تعلم؟ لم أحسّ يوماً أنني عربي. إنها صفة تشبه وضع الزنوجة التي لا وجود لها إلا في نظر الرجل الأبيض.

السابق
«الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» تعلن حالة طوارىء بلدية
التالي
رواية «الأنباء» لخلاف جنبلاط – المشنوق