مطار النجف وأضرحة كربلاء تفضحان العشق الإيراني…

ايران والعراق ذات الروحية والدموع والدماء، والعلاقة بين البلدين أكبر من مفهوم السياسة والاحتلال..

وأنت تنزل سلم الطائرة في مطار النجف، يلفت انتباهك أنّ ثلاث طائرات من أصل أربعة حطت قبلنا تحمل شعار الخطوط الجوية الإيرانية…أما الرابعة فقطرية…
شلال أسود ينحدر من سلالم تلك الطائرات…تختلط فيها عباءات النساء بمثيلاتها لدى رجال الدين، ويتخللهم متدينون ببدلات غامقة ولحى كثة، تجمعهم اللغة الفارسية داخل المطار فتعلو بسبب الازدحام الشديد عند اجراء المعاملات وختم جواز السفر للدخول من قبل الأمن العراقي.
لا توجد مراسم عاشوراء في النجف هذه الأيام، ولا حتى ذكرى لاستشهاد أحد من الأئمة، عند الاستفسار فوجئت أنّ المناسبة هي ولادة الإمام علي الذي سيصادف  يوم غد الاربعاء.
تستغرب وأنت الشيعي العتيق، أنّ الامام علي اصبح يُحتفى بمولده…وكنّا قد تعودنا ان نحتفي بذكرى شهادته في ليلة القدر في الايام الاخيرة لشهر رمضان.
وتستغرب أكثر عندما ترى أنّ معظم هؤلاء القادمين حالهم ووضعهم المادي لا يبدو أنّه بأحسن حالاته، والإيرانيون كما يقول العراقيون يقترون على أنفسهم كي يدخروا بضع مئات من الدولارات كل عام من أجل زيارة كربلاء والنجف حيث يرقد الإمامان الحسين ووالده علي بن ابي طالب عليهما السلام.

النجف
وفي كربلاء تطغى اللغة الفارسية على العربية في كثير من المواقع، عند أضرحة ومقامات الأئمة المستشهدين كما في الاسواق والفنادق، فتنتبه إلى أمر لم تعره اهتمامًا في السابق ولكنه حقيقة دامغة كشفت عن نفسها امامك وادهشتك بصراحتها ووضوحها وهي أنّ ما بين الإيرانيبن والعراق عشق قديم وهوية ربما لا تكتمل لأيّ من الطرفين دون وجود الآخر.
تختلط الدموع العراقية بالفارسية عند البكاء على قبر الحسين كما اختلطت دماء أبنائهم عبر مئات الآلاف من زيجات متعددة بين أبناء كربلاء وابناء وبنات فارس منذ مئات السنين، حتى لم تعد تعرف الاصول الحقيقية لعائلات كثيرة من ابناء المدينة.

المراجع وكبار رجال الدين في العراق أصولهم فارسية كما اية الله السيستاني زعيم الحوزة، ولا احد يعلم اصول آل الحكيم اشهر عائلة علمية دينية في العراق إن كانت عربية أم ذات اصول فارسية ( طبطبائي حكيم).
تعودنا أن نتهم ايران انها تطمع بالعراق وتغرقه بالفوضى، كما اغرقت لبنان وسوريا واليمن، فقاربنا علاقة البلدين المجاورين سياسيًا، ولم نقاربها روحيًا ودينياً ولا بعدا اجتماعيًا، ولا شك اننا كنا مخطئين.
ربما تغرق ايران جزءًا من العراق في الفوضى…ولكن خوفًا أن تفقد الجزء العزيز والغالي عليها في جنوبه الخصيب…ليس لانه ملتقى النهرين، ولا لانه يعوم على بحر نفط، ولكن لأنّه مهوى أفئدتهم، فهو قبلتهم  ومنبع حبهم الذي لا ينضب للحسين والعباس ولاهل البيت، وهم كما يقولون دائما لن يسمحوا لصدام حسين جديد بأن يأتي ليقاتلهم ويمنعهم من زيارة المراقد المقدسة من جديد.

السابق
«الزنادقة» الذين قامت على أكتافهم الحضارة الإسلاميّة
التالي
ايران تحارب المنكر بالنساء والرجال..‏