دماء رشيد كرامي على أيدي نظام آل الأسد… وقائع جديدة تثبت براءة جعجع

إن عمليات الاغتيال السياسي تستعمل لوصف القتل المنظم والممنهج الذي يستهدف شخصية ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي، بحيث يكون التخلص من هذا الشخص أو الفرد ضربة لمشروع بأكمله بل احباطاً له. كما قد يكون المحفز وراء الاغتيال أسباب عقائدية أو اقتصادية أو انتقامية تتجاوز الغاية اليساسية البحتة وترمي الى اشباع غريزة القتل وأخذ الثأر.  من هنا، بدت الاغتيالات السياسية كظاهرة قديمة وشائعة جدا ولاتكاد أي فترة تاريخية أو بقعة جغرافية تخلو من هذه الظاهرة، وهناك حوادث اغتيال سياسية سلطت عليها الأضواء وهناك حوادث أخرى لم تلق اهتمام كبير من قبل الإعلام، و كانت الاغتيال بذلك بذلك موازياً للعمل السياسي كما الحرب. في 1 حزيران 1987 اغتيل رئيس الحكومة اللبناني رشيد كرامي، بتفجير عبوة كانت موضوعة في طائرة الهليكوبتر التي كان يستقلها من طرابلس إلى بيروت، فجاء هبوط المروحية المنوبة في مطار حالات تجلياً للهبوط الأخلاقي وتدني لقدسية الحياة الانسانية والقيم الوطنية في لبنان. فاغتيال رجل الدولة رشيد كرامي شكل نقطة تحول لمسار الحياة السياسية في لبنان، لا يزال صداه  حياً حتى اليوم،  ليس في طرابلس فقط بل على كل الساحة اللبنانية.

ما هي معطيات القضاء وآل كرامي التي أدت إلى إتهام جعجع بالإغتيال؟

 الصحافي مصباح العلي المقرب من آل كرامي قال: “عقب إغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي، كان هناك شكوك تدور حول ضلوع جعجع في عملية الإغتيال، إلا أنه وبعد اعتقال جعجع على أثر تفجير كنيسة سيدة النجاة سنة 1994، أدى التوسع في التحقيقات إلى  التوصل إلى ثبوت بعض الأدلة المتعلقة باغتيال رشيد كرامي على جعجع، ومن ثم الضلوع باغتيال الرئيس رشيد كرامي، مع العلم أن جعجع لم يرد على أي سؤال وجه إليه من قبل المحكمة بخصوص تورطه في عملية الإغتيال. تجدر الإشارة إلى أن المجلس العدلي، والذي يعتبر أعلى سلطة قضائية في لبنان، هو من أصدر الحكم على سمير جعجع بإغتيال رشيد كرامي، وهذا الحكم غير قابل للنقض، وهو خرج بعفو وليس بإعادة محاكمة، وبالتالي لم تتم تبرأته، وهو ما زال مدانا” حتى الآن. هناك 23000 وثيقة تشكل محاكمة متكاملة في قضية رشيد كرامي، وتتضمن اعترافات أكثر من عنصر ساهم في عملية الإغتيال، بالإضافة إلى الزورق الذي استعمل أثناء المراقبة، والجهاز الذي استعمل في عملية التفجير، مما يجعل اغتيال كرامي أمرا” قضائيا” بحتا” وليس اتهاما” سياسيا”.  إن كان جعجع يشعر بالغبن من الحكم كونه يعتبره صدر بسبب ضغط السوريين آنذاك، يستطيع طلب إعادة المحاكمة خاصة وأنه موجود في السلطة اليوم، الأمر الذي لم يتم حتى الآن”.

السيدة أمل كرامي إبنة أخ الرئيس رشيد كرامي تروي لموقعنا تفاصيل ما قبل الإغتيال وما بعده:

“كان جعجع قبل الإغتيال مصمما” على إنشاء مطار حالات كمطار خاص بالمسيحيين مما كان سيزيد بالإنقسام اللبناني،  وقاد أثناءها حملة إعلامية شعواء على رشيد كرامي استخدمت فيها المنابر، واليافطات، ومحطات التلفاز. اجتمع كرامي بالرئيس كميل شمعون في مكتب الرئيس حسين الحسيني، واتفقا على عشرة بنود اعتبرت فيما بعد أسس الطائف، ولم يعجب هذا الطرح جعجع الذي كان ظلَ مصرَا على إنشاء مطار حالات واستحدث وأنصاره عبارة “حالات حتما”.

وتتابع السيدة كرامي: “قدم عمي استقالته للرئيس أمين الجميل، إلا أن الجميل لم يقبلها. ليلة استشهاده، كنا نتعشى سويا” وأخبرنا بأنه ذاهب في الغد إلى بيروت، وبأنها ستكون الزيارة الأخيرة إلى هناك، بهدف تقديم الورقة للرئيس كميل شمعون وبيار الجميل، والتي كانت تحوي البنود العشرة التي تم الإتفاق عليها مع الرئيس كميل شمعون.

تعرض عمي رشيد لعدة محاولات إغتيال، ومن المعروف عنه أنه كان يؤمن بالقضاء والقدر، إلا أن تكرار تلك المحاولات جعل من حوله يتخذون تدابير أمنية لحمايته.

من وضع العبوة في طائرة عمي ملقب ب “الزمك” إلا أن أحدا” لم يعرف هذا “الزمك” حتى اليوم، وهذه المعلومات هي نتيجة إعترافات سكرتيرة غسان توما،رئيس جهاز أمن القوات اللبنانية، وأكدت السكرتيرة أن من أعطى الإشارة عند انطلاق عمي في الهليكوبتر هو العميد خليل مطر الذي قال : “طار الحمام”. كان هناك زورق في منطقة سلعاتا، ويضم غسان توما، ومرافقه الشخصي انطوان الشدياق، ومساعده الأقرب غسان منسى، والرائد خليل مطر وأيضاً عفيف خوري قائد قاعدة جونية البحرية التابعة للقوات، لمراقبة إنطلاق الطائرة والقيام بالتفجير.

إقرأ أيضًا: سمير جعجع في مرحلة الرقص مع الشيطان…

عمي رشيد كان يجلس في مكان ثابت في الطائرة، ولا يغير مكانه، وعندما أعطيت الإشارة تم الضغط على الزر، فانفجرت العبوة التي كانت موضوعة خلف مقعد عمي رشيد، وبعد التفجير بقي كل ركاب الطائرة أحياء ما عدا عمي.

وأود الإشارة إلى أنه من ضمن اعترافات السكرتيرة، أن توما ومساعديه تناولوا الشامبانيا بعد الإغتيال، وبأن جعجع قال عبارة: اخو (…) هو قدنا بدو يتحدانا.

ﺍلنائب ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻀﺎﻫﺮ: أملك معطيات تؤكد براءة جعجع وضلوع النظام السوري في عملية الإغتيال

بالأسماء، اتهم النائب خالد الضاهر النظام السوري باغتيال كرامي، مؤكدا” أن لا علاقة لجعجع لا من قريب ولا من بعيد بهذه الجريمة.  ” ﺍﻟﻤﻘﺪﻡ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺃﺣﻤﺪ ﺣﻠﻮﻡ هو ﻣﻦ ﺇﻏﺘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺭﺷﻴﺪ ﻛﺮﺍﻣﻲ، وهو من ﺃﻋﻄﻰ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻟﻠﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﺳﻄﻨﺒﻮﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻛﺰﻩ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﺽ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ، ﺣﻴﺚ كانت تتواجد ﺍﻟﻤﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻘﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺭﺷﻴﺪ ﻛﺮﺍﻣﻲ ﺍﻟﻰ ﺑﻴﺮﻭﺕ . ﺇﺳﻄﻨﺒﻮﻟﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﺘﻔﺨﻴﺦ ﺍﻟﻤﺮﻭﺣﻴﺔ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺮﺍﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻹ‌ﻟﺘﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﻛﻤﻴﻞ ﺷﻤﻌﻮﻥ ﻭﺑﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ لتقديم الورقة التي كانت تحوي البنود العشرة لإنهاء الأزمة اللبنانية الحاصلة حيث قال كرامي جملته الشهيرة أثناءها: “الحل في جيبي”، وأكد الضاهر أن ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ ﻋﻮﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺮﺍﻣﻲ، ﺇﻻ‌ ﺃﻥ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻭﺗﺤﺎﻟﻔﺎﺗﻪ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺇﻋﻼ‌ﻧﻪ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، وتساءل الضاهر: “إن كان لجعجع علاقة باغتيال الرئيس رشيد كرامي، لم عيَن في حكومة الرئيس عمر كرامي في العام 1991؟”

النائب أنطوان زهرا: الرئيس الراحل عمر كرامي قال سابقا” أنه لا علاقة للقوات باغتيال رشيد كرامي

من جهته، أكد النائب أنطوان زهرا أنه في مرحلة إنتخابات سنة 2000، بعث المرحوم عمر كرامي بواسطة صديقين مشتركين مع القوات اللبنانية، هما طبيب وكاهن، برسالة مفادها بأنه مستعد أن يقول للرأي العام بأنه يملك معطيات تقول بأن لا علاقة لسمير جعجع باغتيال رشيد كرامي، وبأن السوريين هم وراء عملية الإغتيال هذه، وبأنه مستعد للقدوم إلى بكركي والتحدث عن هذه المعطيات، ولاحقا” ولأسباب سياسية، امتنع كرمي وأنكر كل ما جاء على لسانه. في تلك الأثناء كانت هناك إنتخابات نيابية، وكان لبنان الشمالي دائرة واحدة، وكان هناك مصلحة سياسية آنذاك تدفع بكرامي للتحدث مع القوات اللبنانية بإيجابية.

إقرأ أيضًا: طرابلس: دماء رشيد كرامي تواجه ترشيح جعجع

لماذا لم يأخذ القضاء كلام النائب خالد الضاهر بعين الإعتبار وقد شهد شاهد من أهله؟ خاصة وأنه من المعروف أنه ليس هناك من علاقات عميقة بين الضاهر والقوات، وعلى الرغم من اقتناع الكثير من اللبنانيين بضلوع جعجع في عملية إغتيال رشيد كرامي، لا بد من الوقوف ولو لدقيقة على كلام النائب خالد الضاهر، والتفكير عميقا” بما قاله النائب أنطوان زاهرا حول إمكانية ضلوع النظام السوري باغتيال رشيد كرامي. كيف لا؟ وهو الذي لم يسلم منه خيرة رجال هذا الوطن وشبابه، بل ولم يسلم الوطن عينه من جبروت هذا النظام.

الإعلامي الياس الزغبي: هذه الجريمة ركَبت لجعجع

من جهته، أكد عضو الأمانة العامة في 14 آذار الياس الزغبي، والذي كان مدير تحرير تلفزيون لبنان في تلك الحقبة، أن النظام االسوري كان ممتعضا” من الحوار بين الرئيسين كرامي وشمعون، وقال أنه كان من المعروف عن الرئيس كرامي أنه منفتح على الجميع، والقضاء اللبناني آنذاك كان مستعدا” لتفصيل أحكام على قياس النظام السوري، وهذه الجريمة ركَبت لجعجع بحسب معلومات الزغبي التي وصلته من مسؤولي وسياسيي تلك المرحلة.

(lebanon 360)

السابق
أبو فاعور يرد على المشنوق: ترشح زيتًا
التالي
المشنوق: طويلة عرقبتكم مين ما كنتوا‏