أنا ابنة فلسطين.. ماذا فعلتم لنا يا عرب؟

لمناسبة يوم الأسير كتبتُ هذا النص من وحيّ لقاء جرى مع كفاح عفيفي الأسيرة الفلسطينية المحررة التي بقيت في سجن الخيام لمدة ثماني سنوات. وهي زوجة الأسير اللبناني محمد رمضان. فما هو وجعها الحالي بعد الحرية؟

“انا ابنة فلسطين، انا الأسيرة المحررة التي صمدت في الأسر لثمانية أعوام.

انا ابنة لبنان المقاوم، لبنان الحركة الوطنية، والفاكهاني، وتل الزعتر، ومعابر بيت ياحون وكفرتبنيت، وتلال الدبشة وبئر كلاب، انا ابنة صور.

انا ابنة مخيم شاتيلا، وصبرا، والجليل، انا بنت مخيم الشاطئ، ومخيم البريج، انا ابنة رام الله ونابلس.

من جذور حيفا المحتلة أتيت، حيفا التي نالت من صواريخ المقاومة ما نالت خلال عدوان 2006.

سكنت بيروت السبعينيات، بيروت المقاومة الفلسطينية، التي ضربها الأهل قبل الاعداء، وهجروها الى بقاع الارض.

حملتُ سلاحي لاسترجع أرضي المغتصبة، لكني كالكثيرات من الفلسطينيات واللبنانيات دفعن الثمن غاليّا ولا زلنَ.

دخلتُ معتقل “الخيام” الشهير، حيث العذاب الوحشي، وانا ابنة الرابعة عشرة من عمري، وخرجت امرأة فلسطينية مريضة لكن قوية، فمراحل التعذيب لا يمكن نسيانها ولا زالت تعشعش في ذاكراتي، فكيف انسى المياه الباردة في الشتاء على جسدي الصغير؟ ام كيف انسى الأكياس السوداء تلفّ رأسي ليل نهار؟ ام كيف انسى الغرفة المظلمة والضيقة جدا؟ ام كيف انسى تركيعي وضربهم لي بالسياط؟ وجرّيّ على أربع كالحيوان؟ ام كيف أنسى معاملة اللحديات لنا نحن الأسيرات؟ ام كيف أنسى عميلات الزنزانة وأساليبهن للإيقاع بنا؟ ام كيف أنسى تركهم لنا دون علاج لأننا لا نملك ثمن الدواء؟ أم كيف أنسى تهديدهم لي بالإغتصاب؟ ام كيف أنسى حين أطفأ الجندي سيكارته في جرحي المفتوح؟ حتى خلال دورتي الشهرية لم يكونوا ليرحموننا هؤلاء القتلة المجرمون.

ذاكرتي باتت كحبل من مطاط يطول ويطول… إنها جرحيّ النازف أنا ورفيقاتي في المعتقل.

خرجتُ، وزوجي الأسير الى السجن الأكبر، فوجدنا العرب في واد بعيد يتفقون وللمرة الاولى على أمر واحد وهو “إدانة المقاومة”.

اشتعلت الإنتفاضات، وهاج الفلسطينيون، ولم يحرّك العرب ساكنّا.. من انتفاضة 1987 انتفاضة الحجارة، الى الانتفاضة الثانية، الى انتفاضة غزة، الى الهبّة الساخنة التي تلفح وجه الصهاينة الآن وبقسوة.

الهبّة العظيمة التي لا يبالي لها الا أهلها في الداخل.

هبتنا العظيمة يأست من انتظار بواخر سلاحكم أيتها الأنظمة.. من انتظار عواصفكم، التي أسرعت نحو بلاد بعيدة.

هبتنّا التي شحذت سكينها بوجه الصهيوني، بسلاح منزلي سلاح أبيض، ناصع، لامع، لا يحتاج لرصاصاتكم الغادرة أيها العرب.

هبتنا العظيمة ذكرّتني بهبّة الجنوب في النبطية، وبهبّة الزيت المغليّ في معركة والزرارية.

نحن شعب يبتكر أدوات مطبخه… أدوات “ذبحك” أيها الجندي الخبيث.

سكاكيننا تلمع في أيدينا… ها هي تنتظر مستوطنا، جنديا، غاصبا.

ها هو أحمد الهرباوي “أول شهيد في هبّة القدس” يحمل سكينه وينطلق لعله يحظى بصيد ثمين.

ها هي الأمهات تزغرد للعروس الشهيدة أشرقت القطناني.

إقرأ أيضًا: اين اصبحت «المبادرة الفلسطينية» التي اعلنت قبل عامين؟!

مرّ علينا منذ ايام معدودة يوم المرأة، وعيد الأم، وعيد المعلمة، ويوم الطفل، واليوم يمرّ علينا يوم الأسير، من أجل ذلك ومن أجل كل المناسبات التي تُعنى بالمرأة نقول لا تنسوا أسيراتنا في سجون الإحتلال فهن أكثر من 15 ألف إمرأة وشابة فلسطينية، فخلال الانتفاضة الأولى  وصل عددهن إلى 3000 أسيرة. والانتفاضة الثانية وصل إلى ما يقارب 900 امرأة. وفي منتصف شهر تشرين الثاني 2013  ارتفع عددهن الى 16 أسيرة. ومع نهاية شباط 2014 ارتفع عددهن ليصل الى عشرين أسيرة،  وحتى 7 نيسان  2015 بلغ عدد الأسيرات 21 أسيرة، ليرتفع إلى 26 حتى 21 أيلول 2015.

إقرأ أيضًا: الرئاسة الفلسطينية: «دولة فلسطين» قريبًا على جوازات السفر

فهل من تحرّك يناسب هذا الكشف؟ ومن منا لا زال يتذكرهن؟ ألم ننساهن بعد أن هلّ علينا ربيع العرب الماطر بالدم والحقد ونسيان قضيتنا؟

أعيدونا الى دائرة اهتماماتكم أرجوكم، أعيدوا لإعلامنا راداراته، أنقذوا أبناء فلسطين من الإهمال والنسيان والضياع.

نحن الفلسطينين مضينا بواجبنا نحو الإستشهاد، نحو النهاية، فماذا فعلتم لنا يا عرب؟

 

السابق
أنجلينا جولي: هذا هو مرضي وما زلت على قيد الحياة
التالي
أوباما يعترف: القذافي تنبأ لنا فصدق