حرب 1975: ركاب البوسطة اللبنانية لم يتغيروا …هرموا فقط

فيما لا تزال البوسطة مصطفة بعين الرمانة، ولا تزال دماء من سقطوا ضحية حرب بحروب تذكرّ اللبنانيين بالقتل والتهجير وبملف المفقودين، وفي حين أنّ الطائفية ما زالت لغة تستعمل في الوزارات اللبنانية، وتروّج لها وسائل الإعلام لا سيما المسيحية منها، لا بد من التساؤل: هل انتهت الحرب الأهلية، وهل أخذ الطائف من المسيحيين امتيازاتهم ومنحها للسنة؟ وما مخاطر طائفية الإعلام والسياسة..

41 عامًا والبوسطة ما زالت “تأخذ اللبنانيين وتعيدهم”، أمراء الحرب ما زالوا في مراكزهم السياسية، وثقافة الدم لم تتوقف عن أبجدية الجثث وحروف القتل والحرب والدمار..
41 عامًا، والحرب لم تنطفئ شرارتها، كل ما حصل أنّهم منحوا شعب هذا الوطن “عقارًا مسكنًا” بتغطية عربية ودولية، وأبدلوا الصفات فالمليشيا أصبحت حزب، والقائد العسكري أصبح زعيم والقاتل أصبح “بالروح بالدم يُفدى”.
41 عامًا، والحروب انتقلت من الساحات إلى المجالس النيابية و وسائل الإعلام، لتصل مع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي إلى حرب فيسبوكية وتويترية!

فهل انتهت الحرب الأهلية اللبنانية؟ وأين تترسخ المواطنية بين مظلمة المسيحيين التي يصوّرها الإعلام، وبين اتهام الطائفة السنية بأنّهم من قطفوا غنائم الحرب بورقة الطائف…

الأستاذ المساعد في علوم التربية والتربية البدنية، والناشط في المجتمع المدني الدكتور فوزي فرّي وفي حديث لموقع جنوبية عن الحرب الأهلية وإن كان لبنان قد خرج من مرحلتها، أشار إلى أنّ “الحرب الأهلية انطلقت على خلفية الخلاص من الإقطاع السياسي المتحكم بلقمة العباد آنذاك وبداعي الانتهاء من فوضى السلاح الفلسطيني الذي خلفه اتفاق القاهرة والذي كان يدق عنق الكيان والدولة”.

الناشط والدكتور فوزي فري
الناشط والدكتور فوزي فري

وأضاف أنّ “الإقطاع السياسي لم ينتهِ وإنّما تفاقم بإنتاج إقطاع سياسي إضافي ورأسمالية جديدة متوحشة قضت على مقدرات الدولة ولقمة العيش الناس، وأنّ لبنان قد استبدل السلاح الفلسطيني بسلاح حزب الله وسرايا المقاومة”.
وأردف فرّي أنّ “الحرب انتقلت من وجهها القديم إلى حرب باردة تتمدد تحت الركام وأنّ الدولة اللبنانية ذهبت إلى دولة الطوائف والمذاهب والمحاصصة وقد عجزت خلال الفترة التي أعقبت الحرب في إنتاج دولة سيادية يحكمها القانون والدستور والمواطنية”.
وفيما يتعلق بما يروّجه الإعلام المسيحي مؤخراً من أنّ المسيحيين هم الذين خسروا والسنة هي الطائفة التي حصدت، اعتبرأنّه “قد تبين مؤخرًا وبغياب رئيس الجمهورية أنّ الصلاحيات التي توزعت على الحكومة مجتمعة لم تمنحها القدرة التنفيذية وأن الصلاحيات الكبرى ما زالت في المجلس وما زالت تعطل”.
وأضاف “أنّ الكلام عن خسارة المسيحيين للصلاحيات لصالح السنة ليس سوى بكاء على الأطلال لعودة المارونية السياسية البائدة والتي لولاها لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه عام 75″.

إقرأ أيضًا: لم تنته الحرب الأهلية…
من جهة ثانية، أشار لنا رئيس لجنة الاقتصاد بغرفة تجارة وزراعة وصناعة زحلة والبقاع، والعضو في المجلس الوطني لقوى 14 آذار طوني طعمة، “أنّ مرحلة الحرب الأهلية دفع ثمنها كل المواطنين، وأنّها كانت كارثة لبنانية”.

طوني طعمةكما وصفّها بأنّها “حروب الآخرين على الأراضي اللبنانية، وأنّها قد بدأت بمؤامرة على لبنان تمّ حبكها من باب الطوائف المتعددة”.
واعتبر  طعمة، أنّ “اتفاق الطائف شكّل نهاية الحرب اللبنانية، وأنّ هذا الاتفاق قد جاء بعد مشاورات واجتماعات دولية وأن معظم اللبنانيين قد وافقوا عليه بإستثناء قلّة ومنهم العماد ميشال عون”.
وعن ما يتردد عبر وسائل الإعلامية المسيحية من غبن المسيحيين وأنّ الطائف منح للسنة الأفضلية السياسية، أشار إلى انّ “هذه المقولة غير صحيحة وأنّ الرئيس القوي هو من يطبق صلاحياته”.
وأردف أنّ “المواطنية قبل الطائفية، وأنّ لبنان قوي بتنوعه وتعدد طوائفة ولا بدّ لنا أن نتعاون ضمن هذه الصيغة فلبنان لا يقوم إلاّ بكافة طوائفه”.
أما رئيس “هيئة السكينة الإسلامية” في طرابلس  الدكتور أحمد الأيوبي، فقد رأى “أنّ الطائف أعاد توزيع السلطات بطريقة أكثر عدالة نسبيًا حيث أنّ الحرب جاءت نتيجة الخلل في مواقع السلطة إذ كانت المارونية السياسة تستأثر بالحكم وكان رئيس الجمهورية في نظام ما قبل الطائف ملك غير متوّج”.

احمد الايوبي
وأضاف الأيوبي لـ “جنوبية” أنّ “الطائف أعطى السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء مجتمعًا وهو الصيغة الجامعة لأكثرية اللبنانيين”.
وشدد الأيوبي أنّه “هناك ثغرة كبيرة في الطائف وهي أنّه تمّ الامتناع عن تطبيقه كاملاً وتساءل أين مجلس الشيوخ، الذي وصفه أنّه الحلقة الناقصة وهو من يحرر مجلس النواب من القيد الطائفي”.
وأردف أنّه “من كان يمنع تطبيق اتفاق الطائف هو حزب الله وبعض المسيحيين والوصاية السورية السابقة، مشيرًا انّه لا يمكن الحكم على هذا الاتفاق أنّه غير متوازن قبل تطبيقه كاملاً”.

إقرأ أيضًا: عنصرية الإعلام المسيحي: إستنفار لـ«موظف» وتعتيم على إتجار ببشر.. لأنهم «مسلمون»
وفيما يتعلق بهذه الدعوات الطائفية التي ترتفع في هذه الفترة التي يمرّ بها الوطن بمرحلة متعثرة، وعمّا إن كانت تنعكس سلبًا على السلم الأهلي، أوضح أنّ “هذه الدعوات سيئة وهي غير ملائمة في هذا الظرف بالذات ولا تصبّ في مصلحة الوطن”
وشدد أنّ “الحقوق يجب أن تطالب للبنانيين ككل وليس لطوائف، وأنّ العودة للغة الطائفية هي عودة مرفوضة ولا تصبّ حتى بخدمة المسيحيين أنفسهم.”
وأضاف أنّ “التسلط على الحقوق يحدث أحياناً بطريقة مستفزة كالذي يحدث في جهاز “أمن الدولة”، والذي هو تسلط لا منطقي دفع باتجاه اعتبار المسيحيين هم الفئة المستهدفة فيما بالواقع المستهدف هو هذا الجهاز وهي الدولة اللبنانية.”
وتمنى  الأيوبي أن “لا يأخذ هذا الأمر معيار الاصطفاف الطائفي”.

السابق
ضبط واحدة من اكبر عمليات التهريب في مطار بيروت
التالي
تضارب حول عدد قتلى إيران بحلب