مكاسب مصرية بالجملة من زيارة الملك سلمان…وتيران وصنافير سعوديتان

تكلّلت زيارة الملك سلمان لمصر التي استمرت خمسة أيام، باتفاقيات في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، فكيف يمكن قراءة هذه الزيارة سياسيًا؟ وماذا عن غضب بعض الاعلام من تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصافير للسعودية؟

وسط الحريق السوري والعراقي والارهاب الذي يضرب العالم بإسم الدين الاسلامي، والتهديدات الايرانية للأمن القومي العربي، أتت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى القاهرة. زيارة أسست لشراكة استراتيجية طويلة الأمد بين البلدين وبنت قاعدة يمكن الانطلاق منها لمواجهة التحديات التي تحدق بالأمن القومي العربي. إضافة لعقد اتفاقيات اقتصادية ذات الرسائل السياسية، فبحسب وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر فإن «القيمة الإجمالية للاتفاقيات التي وقعت خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة بلغت 25 مليار دولار».

إقرأ أيضًا: لماذا باع الجنرال «عواد» أرضه؟

أبرز الاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر والسعودية تتلخص « بإنشاء القوة العربية المشتركة بناء على الرؤية التي كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلنها في مارس قبل الماضي والاتفاق على تطوير المناورات العسكرية المشتركة وزيادة عددها لتصبح 8 مناورات سنويا، وإنشاء بنك المعلومات المشتركة، الذي سيسهم في التعاون الاستخباراتي بين البلدين، كما جرى الاتفاق على تشكيل لجنة دينية مشتركة بهدف توضيح الصورة الحقيقية للدين الاسلامي امام العالم، واتفق الطرفان على ضرورة تفعيل دور الجامعة العربية.

الملك سلمان والسيسي

عقب ذلك تمّ التوقيع على عدد من الاتفاقيات أبرزها: اتفاق لإنشاء صندوق سعودي – مصري للاستثمار بقيمة 60 مليار ريال، ومذكرة تفاهم لإنشاء منطقة اقتصادية حرة في شبه جزيرة سيناء، وغيرها من الاتفاقيات التنموية المهمة في شتى المجالات» وذلك بحسب صحيفة «الراي» الكويتية.

ولكن سياسيًا كيف يمكن قراءة زيارة الملك سلمان إلى القاهرة؟ الكاتب السياسي مصطفى فحص رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «قول لينين أن “السياسة هي التعبير المكثف للاقتصاد” ينطبق على زيارة الملك بن عبد العزيز إلى القاهرة، فقد تمّ توقيع اتفاقيات بين البلدين وصلت إلى 25 مليار دولار، وهذه الزيارة تقطع الشك باليقين وتنهي كل ما دار منذ حوالي السنة حول خطورة العلاقة بين القاهرة والرياض، وتضعف ما جاء في الصحافة المصرية حول التباين في السياسة الخارجية بين البلدين».

المحلل السياسي مصطفى فحص
المحلل السياسي مصطفى فحص

وأضاف فحص «بادرت الرياض لتكون اليد الاقتصادية في اللحظة الحرجة التي يمرّ بها الاقتصاد المصري» وفي هذا السياق قال فحص «لا أعتقد أنّ السعودية جمعية خيرية فقط رغم كل المساعدات التي تقدّمها وقدّمتها للقاهرة وغيرها من الدول العربية، لذلك زيارة الملك سلمان لمصر تطرح عدّة أسئلة تتعلق بالدور التي يجب أن تتأقلم بها مصر مع السياسة السعودية. فلا يخفى على أحد أنّ هناك تباينا بين الرياض والقاهرة في عدة ملفات وفي مقدمتها الملف السوري، خصوصًا أنّ القاهرة أعربت عن قلقها من التحالف التركي-السعودي للتدخل في سوريا، إضافةً إلى عدم إخفاء القاهرة علاقتها بنظام بشار الأسد. فهل زيارة الملك سلمان تتويج لنهاية هذه الخلافات؟ طبعًا الأيام المقبلة ستضع أمامنا الاجابات عن هذه التساؤلات».

وتابع فحص «مصر لا تعاني من مأزق حدودي أو جغرافي مع إيران بعكس دول الخليج المهددة من إيران بزعزعة أمنها من قبل طهران، إلاّ أنّ السيسي أكّد في كانون الثاني عام 2015 من أنّ أمن الخليج خطّ أحمر وأنّ مصر مستعدة للدفاع عنه، واصفًا أمن دول الخليج بالجزء الذي لا يتجزأ عن أمن مصر القومي، فهل تحول زيارة الملك سلمان للقاهرة قول السيسي إلى فعل دون الالتفات إلى الدور الايراني في سوريا الذي كان واضحًا بتماهي موقف مصر مع ايران في الأزمة السورية والذي أزعج النخب السعودية؟».

وختم فحص «أهم ما في الزيارة إعادة زخم العمل العربي المشترك بالفعل وليس بالقول، إضافةً إلى احتمال وجود مبادرة من الملك سلمان لمصالحة تركية – مصرية، وهذا سيترجم في حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القمة الاسلامية التي ستعقد هذا الاسبوع في القاهرة».

جزيرتي تيران وصنافير

على الرغم من الايجابيات الكثيرة التي حملتها زيارة الملك سلمان إلى القاهرة والحفاوة التي رافقتها، إلاّ أنّها في الوقت نفسه خلقت سجالاً بين الرأي العام المصري الذي أعرب عن غضبه بالأمس حول تنازل السيسي عن الجزيرتين تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. فما حقيقة تنازل السيسي عن السيادة المصرية للسعودية؟

في التاسع من شهر نيسان الحالي أعلنت جمهورية مصر أنّ «جزيرتي تيران وصافير تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية للبحر الأحمر وفقا للرسم الفني لخط الحدود» بحسب بيان مجلس الوزراء المصري الذي أعلن عن توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية.

إقرأ أيضًا: لمن تتبع جزيرتا «تيران» و«صنافير»؟ 5 أسئلة تشرح لك قضية الحدود البحرية بين مصر والسعودية

وكشف البيان عن أن «الملك (الراحل) عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر مطلع عام 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ».

واللافت أنّ تنازل مصر عن الجزيرتين للسعودية الذي تزامن مع اتفاق البلدين على انشاء «جسر الملك سلمان» الذي يربط البلدين عبر البحر الأحمر، لاقى اعتراضا اسرائيليا شديدا، وقالت انه يشكل «تهديدًا استراتيجيًا لها، لأنه يعرّض حرية الملاحة من وإلى منفذها البحري الجنوبي للخطر». واوضحت أن «إسرائيل أعلنت مرارا وتكرارا أنها تعتبر إغلاق مضيق تيران سببا مباشرا للحرب».

السابق
الإيدز متفشي في 13 كاباريه لبناني‏
التالي
مجدلاني: لتسريع اصدار المراسيم التطبيقية لقانون سلامة الغذاء