حتى الآن …ما زال حزب الله قويّاً

حزب الله
ان ما سنذكره هنا، لا يعني بأي شكل من الاشكال تحقيق حزب الله لانتصار في سوريا، او استمراره مستقبلاً على الأراضي اللبنانية كسوبر حزب. كما اننا لن نستطع ان نشرح القوة "الموضوعية" للسياسة الخارجية الايرانية، او الدور الإسرائيلي-التركي-الإيراني والدولي والعربي المتآمر منذ البداية. ولن نبحث عن أسباب وظروف هذا التراجع العربي والغربي في الشرق الأوسط.

ولكن ما سنقوله الآن، هو رؤيتنا للوضع الحالي لهذا الحزب. ان لا تفهم حزب الله هو شيء طبيعي، ولكن ان تحلله بشكل خاطئ فهو خدمة مجانية تقدمها لهذا الحزب الذي يعشق ويجيد فن الخداع.

فكل مراقب موضوعي يعلم انه يخسر في سوريا، ولا من مجال لاستمراره مستقبلاً بشكله الحالي بظل المتغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط. ولكن كل ذي معرفة ايضاً، يعلم انه يكبر في لبنان، اقله داخل بيئته. فمنذ انتهاء الحرب الاهلية اللبنانية الى الآن، لم يكن لهذا الحزب هذه الحرية بالتحرك والعمل والسيطرة بظل غياب شبه تام لأي سلطة وطنية قادرة. وللموضوعية أيضا، فان حزب الله وان غيَّرَ خطابه، فهو لم يتغير. فحروبه الحقيقية او الاعلامية مع إسرائيل، واحتكاره لمنطق المقاومة، وتدخله امنياً بدول أخرى، وصراعه مع المحيط العربي، وتبنيه للقضية الفلسطينية غاية ووسيلة، لا يزال قائماً منذ ثلاثة عقود. كما وان استخدامه للمنطق التكفيري مع الآخرين، وضربه للمشروع الوطني و”صراعه” مع السلطة اللبنانية، لا يزال كما هو.
ان المتغير الوحيد في شعبيته في لبنان والعالم العربي هو على الصعيد السُنَي (منذ 7 أيار 2008 مرورا بالسنوات الخمس من الحرب السورية) ما يؤدي الى نتائج إيجابية بالنسبة لإيران، والتي تحتاج لهذا التبدل للعمل على مبدأ الفعل وعكسه مع الشيعة في سبيل تحقيق أهدافها التوسعية والتقسيمية في العالم العربي.
من الطبيعي جداً، وباحتدام الصراع الدموي في سوريا، وسقوط هذا الكم الهائل من القتلى والجرحى، واستمرار هذا التراجع الاقتصادي الموجع، وتهديد مصالح جمهور وأنصار هذا الحزب في العديد من الدول، ان تسمع من هنا وهناك أصواتاً معترضة. كما انه من الطبيعي ايضاً وجود حالة تململ داخلية وشعبية بعد استمراره بحرب فعلية لأكثر من خمس سنوات.

تشييع حزب الله
فبسبب حاجته للعديد البشري، وبشكل سريع، ادخل حزب الله الى صفوفه العديد من الفئات التي لم يكن يُسمح لها من قبل بان تلعب أي دور مهم أكثر من ان تكون مع الأنصار او سرايا المقاومة. ومن الأسباب المهمة ايضاً للتقاعس والتململ من الحرب في سوريا هو عدم الايمان بالأسد ونظامه. فكلنا نعلم حالة الكره التي يكنها مسؤولي وعناصر هذا الحزب للنظام السوري في مجالسهم المغلقة. وبالإضافة الى ما تم ذكره، فان هذا التوسع البشري، وانضمام الكثير من العناصر لأسباب مادية او بسبب البطالة، لا بد ان يؤدي الى تجاوزات امنية ومالية واخلاقية واجتماعية لم نعتد عليها (بهذه الكثافة) من هذا الحزب.

إقرأ أيضاً: هل قامت الثورات ضدّ الإستبداد؟ حتّى لو كان دينيًّا؟
من الجيد الإضاءة على بعض العوامل الغير ملموسة التي تساعد هذا الحزب على الاستمرار والتوسع. فكل عملية تشييع “وملحقاتها” هي عبارة عملية استقطاب منظم للأصدقاء والاقارب والاخوات والاخوة… فحالة التعبئة التي وصل اليها هذا الحزب غير مسبوقة. بالإضافة الى ذلك، ومن مبدأ الفعل وعكسه ايضاً، فان العديد من العناصر والمكونات المذهبية للحرب السورية (الى هذه اللحظة) تعمل لصالحه التعبوي.
بالرغم من وجود حالة من القلق والتململ والفوضى داخل الحزب، فهي تبقى حالة “طبيعية” في الحروب ولا يعول عليها. ويبقى من الخطأ ان نبني “نظريات” انهيار هذا الحزب في هذه اللحظة بسبب هذه التجاوزات “الطبيعية” بالحروب. ولكن إلى الآن حزب الله باق في سوريا، وفي لبنان واليمن والعراق والبحرين والسعودية… وتبقى شماعته فلسطين، ومظلومية الشعوب… الى ان يقضي الله امراً كان مفعولا.
إقرأ أيضاً: بعد حملات «مسيحية».. الراعي للمشنوق: نحبُكَ وكلامُكَ وثيقة وطنية رائعة يجب توزيعها

السابق
القضاء الايراني يتهم 47 ايرانيا بالهجوم على السفارة السعودية
التالي
عادات سيئة… اذا فعلتها ستدمر كليتيك!