ماذا وراء تغريدات جنبلاط الذكية الساخرة؟

ما إن دخل زعيم الجبل النائب وليد جنبلاط العالم الإفتراضي قبل أكثر من عام، حتى أصبحت تغريداته اليومية فسحة للخروج من روتين التغريدات النمطية للسياسيين اللبنانيين الذين دخلوا عالم «تويتر» وحصروا تغريداتهم بإطلاق المواقف السياسية والبيانات الرسمية.

تتسم تغريدات وليد جنبلاط بالإطار الفكاهي الذي لا يخلو من «الزكزكات واللطشات» السياسية، يظهر فيها دهاءه عبر تمرير رسائل من «الأمثال الشعبية» أو «بنكتة» من دون أن ينسى إضافة الوجوه التعبيرية والإنفعالات الرسومية، إضافة الى الصور الكرتونية، ومشاركة محبيه بتفاصيل حياته اليومية منذ استيقاظه حتى خلوده النوم.

https://twitter.com/walidjoumblatt/status/718080226148757504

بالطبع كان لهذه التغريدات وقع على الرأي العام اللبناني بكل أطيافه من محبي جنبلاط وخصومه، فباتت تغريداته المنتظرة مادة دسمة للإعلام اللبناني وبين روّاد مواقع التواصل الإجتماعي، نظرًا للحسّ الفكاهي الذي يطغى عليها والذي بدّل الانطباع العام بشخصية البيك لدى الجمهور الذي لم يكن يعرف بعد وليد جنبلاط عن قرب، وهو الشخصية التي تجمع بين الحرية والإلتزام والمرح مع الجدية بحسب مقربين منه.

https://twitter.com/walidjoumblatt/status/717947769751605250

ولكن ماذا عن التغريدات النارية التي يطلقها جنبلاط يوميًا في الأشهر الأخيرة، خصوصًا منذ دخول لبنان بأزمة النفايات؟

ففي كلّ تغريدة يكتبها جنبلاط تحمل في أحرفها اتهامات وكشف فضائح مستورة عن وزارة هنا أو مؤسسة عامة هناك، أوتطال وزير أو تهزأ بالنظام اللبناني وأركانه، فما هي دوافع جنبلاط في كشف ملفات الفساد عبر تغريدات فقط من دون اللجوء الى القضاء مع انه شريك في السلطة منذ وراثته للزعامة الجنبلاطية، لمذا قرّر فجأة البيك فتح نيرانه على الفساد في السلطة وهو جزء أساسي فيها، وإن كانت نيته انقاذ لبنان لماذا صمت طيلة السنوات الماضية؟

الصحافي جوني منير رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «هناك عدّة أسباب وراء تغريدات جنبلاط التي تصدم متابعيه حتى أنّهم يتوقعون لبرهة أنّ من يغرّد ليس جنبلاط ولكنه هو بالفعل»، وأضاف منيّر «من الممكن أن تكون هذه التغريدات هي محاولة لتغيير الواقع القائم في الحزب الإشتراكي تحضيرًا لمرحلة جديدة سيكون عنوانها بالتأكيد محاربة الفساد والاصلاح السياسي، تمهيدًا لتسيلم تيمور جنبلاط الزعامة بدل والده، وبذلك يحاول تأمين مدخل مختلف وبعيد عن دائرة الفساد لوريثه في السياسة، إضافة إلى توسيع القاعدة الشعبية فكثير من لجمهور يتأثر باللحظة السياسة وينسى الماضي بسهولة».
وتابع منيّر «وهناك سبب ثان من الممكن ان يكون وراء تغريداته الناقمة على الدولة ومؤسساتها، وهو الضربة التي تلقاها في ملف النفايات عندما وافق على إقفال مطمر الناعمة وحاول تحسين شروط المناقصات لصالح سوكلين، هذا المخطط الذي فشل جعل جنبلاط يفتح ملفات فساد أخرى للتغطية على ملف الفساد والفضيحة في ملف النفايات».

إقرأ أيضًا: من أطلق الحملة على المشنوق؟ وما علاقة نبيل الحلبي؟ مصادر «الداخلية» توضح

أمّا السبب الثالث والأخير «يمكن تفسير هذه التغريدات التي يطلقها البيك يوميًا في إطار الملل السياسي الذي يعاني منه، واختراع تويتر ساعده على الاندفاع لمواجهة هذا الملل عبر التغريدات، التي يمكن أن تكون تعويضًا عن الحركة السياسية الضعيفة التي تطغى على النشاط السياسي لجنبلاط» دائمًا بحسب منيّر.

إقرأ أيضًا: «فضيحة» يكشفها جنبلاط عبر «تويتر»

إذًا مهما تكن الأسباب وراء تغريدات جنبلاط الذي قال عنها أحد مقربيه ممازحًا لـ«جنوبية» «ما عم بفهمو، وحتى هوي يمكن مش فاهم على حالو!»، إلاّ أنّ هذه التغريدات وعلى الرغم مما تحمله من فضائح إلاّ أنّها تترك أثرًا إيجابيا عن جنبلاط الذي يرسم بطريقته الخاصة وتعابيره الذكية عند محبيه وخصومه، بعيدًا عن الخبث والكراهية والحقد والطائفية.

السابق
المشنوق لباسيل في مجلس الوزراء: الطائفية ليست عقدة بل مرض خطير
التالي
مقدمات نشرات الاخبار التلفزيونية المسائية ليوم الخميس 7-4-2016