انتخابات بلدية أم صفقات سياسية؟!

الانتخابات البلدية
للسلطات الفاسدة في لبنان، دهاء عجز المؤرخون أن يذكروا مثله، فيكمن عملهم بالحفاظ على نجاح صفقات في دهاليز بعيدة عن مرأى الشعوب، داخل كواليس مظلمة، إن أحسوا بخطر يقترب، جاؤوا بحدث يكف الأنظار عنهم، فيلتهي الشعب وتتم الصفقة، يشربون نخبنا ويضحكون، ثم تعود الكرة مجدداً.

بالنظر إلى حديث البلد اليوم، فقد ارتأت القوى السياسية بأغلبيتها الساحقة، عدم التدخل في الشؤون البلدية، و تركت العائلات تحدد مصيرها، وهنا ستنشأ الخلافات لا محالة، عائلات ستنقسم وأُخر ستتفكك، كلهم سيعملون بكيدية، لقد غابت صورة الاستحقاق الحضاري، فكل عائلة ستسعى لالغاء الأخرى، والربح سيرافق العائلة الاكبر.

لقد عهدنا منذ الأزل السياسي، أن الانتخابات تحدث لالهاء الشعوب، وها نحن حقًا قد وقعنا بفخهم دون أن ندري، الشاحنات التي تنقل النفايات صباحا والقمح مساء أين نحن منها؟ ناهيك عن الخبز المسرطن ومسالخ الدجاج واللحوم، التي عادت إلى مزاولة أعمالها على نحو طبيعي، بعد أن أغلقت بالشمع الأحمر، أين نحن من انتخاب رئيس الجمهورية أو تمديد مجلس النواب أو شبكات الدعارة وسرقة الإنترنت والقائمة لا تنتهي؟

لقد شاءت الأقدار أن يصادف الاستحقاق البلدي مع وقتٍ حيث كل المسؤلين يأكلون لحوم بعضهم علنا، فها نحن منهمكين بالانتخابات، وصفقات المعالي تتم على ما يرام، فضيحة تلو الأخرى وأحد لا يسأل، وهنا بيت القصيد حقا، فمصلحة كل اللاعبين أن يغض الشعب أطرافه عنهم.

الانتخابات البلدية

كيف لا وكل وزير أو زعيم أو سياسي يمتلك أسهما في لبنان، يحركها كيف يشاء، إن خسرت أسهمه يبدأ بفضح الأوراق تارة، أو تنتهي بتقاسم الجبنة اطورا أخرى. فالمسؤولون مشغولون بتمرير صفقاتهم التي لا تنتهي، ونحن مشغولين بكيديتنا العائلية حتى نصل إلى القاع، أو ربما حتى ينتهي الحيتان من تقاسم قالب الحلوى.

إقرأ أيضاً: ما هي شروط الترشح للإنتخابات البلدية؟

فهناك اقاويل تزعم ان إجراء الانتخابات البلدية اصبح قريبا، وأخرى تسربت بتأجيلها ستة أشهر أو ربما سنتين، و بالاستناد إلى ما ذكر أعلاه، فإن البلديات الحالية ذاهبة إلى التمديد مدة ستة أشهر، لأننا سنبقى نفرغ غضبنا هذه المدة، ولن ننسى هذا الاستحقاق، سنبقى نسعى إلى إلغاء عائلات على حساب أخرى، ولن يبيت الحس العائلي فينا، سنبقى منهمكون، وسيستمرون في تحريك الشطرنج كما يشاؤون.

إقرأ أيضاً: إلغاء الانتخابات البلدية.. يعني شلل لبنان

هكذا استسلمنا لما تركنا عليه أجدادنا، وأكرر كأغلبيتنا الساحقة، لن نخرج من الاصطفافات العائلية، ولن نجعلها انتخابات لنقيّم فيها البقاء للأفضل وليس للأقوى، فقد أقرّ هذا الاستحقاق لجعل القرى والمدن تذهب بعيدا عن الرجعية والتخلف، ولتصبو نحو التحضر والتقدم، أما اليوم .. ها نحن نقلب الأدوار دون أن نعلم.

السابق
السيد محمد حسن الأمين وسؤال: هل يمنع الاسلام الترحّم على ضحايا بلجيكا؟
التالي
عندما يفقد الاسلاميون زمام المبادرة والابداع !؟