حوار طهران – الرياض ومضيق خامنئي

احمد عياش

سلطنة عمان التي اكتسبت شهرة إستضافة الحوار السري الاميركي – الايراني الذي أفضى الى الاتفاق النووي بين الجمهورية الاسلامية والغرب، تشهد اليوم حواراً مماثلا بين طهران والرياض حول ملف شائك متخم بالاوراق التي يعود تاريخها الى عام نجاح ثورة الامام الخميني عام 1979 فقلبت العلاقات بين طهران والعالم عموما وبينها وبين دول الخليج بزعامة السعودية خصوصا. بالطبع، هذا الحوار الايراني – السعودي المتصف بالسرية لن يجد الان من يتبناه علنا قبل أن يبلغ غاياته. لكن الاشارات المفيدة اليه تجلّت بتصريحات للرئيس الايراني حسن روحاني خلال زيارته الاخيرة لباكستان ورد وزير خارجية المملكة عادل الجبير مما حدا بروحاني، كما كشف مصدر إيراني رفيع لمراسل “الحياة” في طهران محمد صالح صدقيان، الى الإيعاز الى وزير خارجيته محمد جواد ظريف بترتيب الاوضاع لفتح حوار جاد وبنّاء مع السعودية. وليس معروفا بعد كيف سيكون المشهد في القمة الاسلامية في إسطنبول بعد أسبوعين عندما يحضر الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس روحاني في مبنى واحد وما هو مضمون خطاب كل منهما في القمة؟

اقرأ أيضًا: لا حل دون الأسد.. ولا تسوية بوجوده

ما اعتبره الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي يمضي شهوره الاخيرة في البيت الابيض، إنجازا تاريخيا في إبرام الاتفاق النووي مع إيران، وهو أمر يجادل فيه كثيرون لجهة وصفه بالتاريخي، يعتبر كثيرون أيضا ان الاتفاق بين الرياض وطهران إذا ما قيّض له أن يبصر النور سيكون أكثر أهمية من النووي لإنه سيكون عندئذ تطورا تاريخيا يدفع بالعلاقات العربية – الايرانية عموما والعلاقات الخليجية – الايرانية خصوصا الى منعطف غير مسبوق سيغيّر إتجاهات الاحداث في المنطقة والعالم. المضيّ في هذه التوقعات يمثل حاليا مكابرة تشبه سلوك النعامة التي تدفن رأسها في الرمال كي لا تنظر الى الواقع من حولها. وللمقارنة فقط بين الحكم في السعودية الذي ينفذ سياسة واحدة وبين الحكم في إيران الذي يقبع منذ عقود على حافة حرب أهلية، يرى المرء ان سفينة الحوار الايراني – السعودي تشق طريقها في بحر متلاطم قد يبتلعها في أية لحظة. ولنا شاهد في الهجوم الذي شنه المرشد الايراني على الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي قال:”المستقبل في الحوار وليس في الصواريخ”. فرد عليه الامام خامنئي: “من يقولون أن المستقبل هو المفاوضات وليس الصواريخ إما جهلاء أو خونة”.
الذين ينظرون الى النصف الملآن من الكأس يحيلون من يخالفهم الرأي الى مواقف خامنئي نفسها التي انتهت الى تمرير الاتفاق النووي مع الغرب. وفي عالم منهك بإنهيار أسعار النفط هناك سباق محموم على الوصول الى الموارد ولو كانت في الصين.فقد أوردت “الايكونوميست” البريطانية أن وزيرا إيرانيا تباهى لدى وصول القطار الآتي من شرق الصين الى إيران في طريقه الى كازاخستان في رحلة طولها 10 الاف و500 كيلومتر قائلا: “لقد أصبحنا محورا عالميا بين الشرق والغرب”. قد يبدو خامنئي اليوم مضيقا مغلقا لكنه مرشح لان يفتح فجأة.

(النهار)

السابق
موازين القوى لن تكون في مصلحة إيران مستقبلاً
التالي
إعلان دستوري انتقالي لـ «الجمهورية السورية»… وواشنطن تدرس «مسودة روسية» للدستور