هل بدأ الأسد بتقديم التنازلات؟

بشار الأسد

ربما بدأ الرئيس السوري بشار الأسد يشعر بارتفاع الحرارة أسفل قدميه، فأطلّ بجملة مواقف روسية المصدر تشابه تقديم التنازلات أو المرونة السياسية مقابل إبقائه على كرسيه، أكان بموافقته على حكومة تشارك فيها المعارضة وتتم مناقشتها في مفاوضات جنيف، أم على عفوٍ عام للمقاتلين مقابل تسليم سلاحهم، أم بإعلانه الموافقة على انتخابات رئاسية مبكرة “في حال أرادَ الشعب السوري ذلك”، على حد قوله، في محاولة منه لصرف النظر عن مطالب المعارضة بهيئة حكم انتقالية، فسارعت الأخيرة إلى رفض وجود الأسد أيّ حلٍّ مستقبلي، ولحقت بها واشنطن بموقف مشابه، فيما تحاولُ روسيا استبعاد النقاش في مصيره في المفاوضات.

ويبدو أن الأزمة السورية دخلت قفص الحلّ السياسي وأقفل على الأطراف داخله منذ بدء سريان الهدنة “الهشّة” وتوقّف روسيا عن استهداف القوى المعارضة المعتدلة، وما تبعها من لقاء جمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، والخروج باتفاق على دستور جديد لسوريا في آب المقبل. ومن التصريحات الروسية اللافتة ما قاله رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي لشؤون الدفاع والأمن في البرلمان، فيكتور أوزيروف الذي أكد أن “موسكو لا تعتبر الأساس في عملية التسوية هو الحفاظ على بشار الأسد رئيسًا بل العمل على مصلحة الشعب السوري، وهو المصلحة الرئيسة، ولا بدّ من تهيئة الظروف ليتمّ تحديد من يقود البلاد”.
اقرأ أيضًا: لا حل دون الأسد.. ولا تسوية بوجوده

حقوق الأطراف
تريد المعارضة هيئة حكم انتقالية مع كامل الصلاحيات التنفيذية تشارك فيها شخصيات من النظام لم تلوّث مسيرتها بالدماء والجرائم، فيما يتجه النظام إلى طرح حكومة تضم المعارضة من دون أن يتطرق إلى مصير الأسد الذي تكمن المشكلة في جوهره. وتدرك روسيا أن صلاحية الأسد انتهت ولا تزال تبحث عن البديل، فما يجري اليوم محاولة لتأمين سيناريو انتهاء هذا النظام مع ضمان حقوق كامل الأطراف ومصالح كل الدول وحفظ ماء وجه الأسد، ويستعد النظام والمعارضة والمجتمع الدولي إلى جولة مفاوضات جديدة في 10 نيسان المقبل، وسط قناعة دولية بمناقشة الانتقال السياسي، ويبقى خيار العودة إلى الحل العسكري قائماً في حال فشلت هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، حينها يرجح أن تكون الحملات العسكرية من الطرفين شرسة وغير مسبوقة.
ويقول عضو الائتلاف السوري المعارض سمير نشار لـ”النهار” ان “التنازلات والمرونة التي يقدمها الأسد ليطلّ في مظهر الساعي الجدي إلى حل سياسي في سوريا، محاولة للابتعاد عن جوهر الموضوع، وهو مطالبة المعارضة السورية بهيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، بما يعني ان الأسد ليس له أي دور في المستقبل”، معتبراً أن “الأسد يحاول أن يقدم تنازلات في القضايا الجزئية التي ربما تعطي الانطباع بأنه يتعاون مع الطروحات السياسية، لكنه يبتعد عن أنه جوهر المشكلة فهو مسؤول عن جميع الجرائم التي ارتكبت في#سوريا”.

ويضيف ان “الأسد شعر أن هناك ربما توافق روسي – أميركي، خصوصاً في اللقاء الأخير بين كيري ولافروف حول ايجاد صيغة ما لموضوع الأسد، فباشر في تقديم خطاب يظهر أنه مرن وانه راضٍ بالحل السياسي وقابل لتقديم تنازلات جزئية بعيدة عن جوهر الموضوع، خصوصاً أن الجولة الجديدة من المحادثات أو المفاوضات التي ستجري في 10 نيسان في #جنيف سيكون موضوعها هيئة حكم انتقالية من دون بشار الأسد، على الأقل هذا موقف المعارضة وقوى الثورة التي ستذهب إلى جنيف”.

وفي شأن إمكانية العودة إلى الحل العسكري، يرى نشار أن “الاستمرار في الحل السياسي مرهون بالجولة القادمة، خصوصاً إذا لم يكن هناك تجاوب مع مطلب الثورة والمعارضين السوريين في تنحي بشار الأسد عن السلطة، وفي حال تأمن قد تدفع المعارضة إلى تقديم تنازلات تخصّ موضوع المؤسسة الأمنية والعسكرية مثلا”، موضحاً: “في حال تنحي الأسد سيكون هناك المزيد من المرونة من المعارضة، ودفع نحو توحيد الجهود لمحاربة الارهاب سواء كان داعش، أو في مرحلة لاحقة النصرة إذا لم تحسم خيارها ليكون ضمن الخيار الوطني السوري الذي يضم سوريا كما هي ارضاً وشعباً ومقومات وأعرافاً وادياناً ومذاهب، إذا لم تقم بذلك ستكون النتيجة مواجهتها بعد إزالة داعش التي هي بمثابة الموضوع المحسوم بالنسبة إلى الجميع”.

(النهار)

السابق
رفسنجاني «خائن» لأنه يريد «الحوار»!
التالي
«العربية الحدث» تقفل مكاتبها في بيروت