لم نكن روسيا ولا أمريكان… الوطن هوية وعمل

أميركا روسيا
منذ انطلاقة الثورة السورية والمواقف الدولية تتصارع على الشكل الذي ترسمه لمستقبل وطننا سوريا.

كان جلياً التناغم بالمصالح بين القوى الدولية، لكن الأمر الغائب ولم يستدرك هو أحلام الشعب السوري وأهدافه في القضاء على الإستبداد وبناء دولة الحرية والكرامة بما تعني تأمين الحقوق والواجبات بدولة يسودها القضاء والقانون وتحفظ المواطنة كهوية وتعايش. هذه الأهداف التي رفعها الشعب ، وعلى الرغم من أصالتها والحاحيتها واجهت حقيقة ضعف المعارضة السورية وتفكك بنيتها التي عمل الاستبداد على تكريسها. لهذا ساد كثير من عملها وهم انفعالاتها وعبرت عن مأزقها التاريخي كمحصلة لثقافة ولغة وخطاب وهي التي عانت الاقصاء والملاحقة والسجون ونخرت الامراض جسمها ولم تتخلص من أمراضها فكانت تتفاعل بردود فعل، ولم تجر وقفة حقيقية مع كل الخيبات والهزائم التي مني بها خطابها، مما افقدها في كثير من الأحيان عامل الفعالية والمبادرة، وفي المحك التاريخي المحيط بالثورة السورية برز التعويل على أفكار براغماتية وصولية، سمحت بخطف الثورة وسرقة وجهها وأدخلتها زواريب وحفر بحيث اصبح مستقبل سوريا بيد الخارج الذي يرسم ويحدد. والأنكى انه اصبح يتعامل مع الوضع السوري كبلد يعيش حربا أهلية تنتج الإرهاب وتصدره، بغض النظر عن منشأ هذا الإرهاب ومدارس تصنيعه ونشره.

إقرأ أيضًا: ويسألونك عن الفيدرالية؟

روسيا من البلدان التي انتفضت قواها الحية بنهاية القرنالماضي على المدرسة الشمولية، وأطاحت بنظرية الحزب الواحد ومجمل علاقات الدولة الأمنية العميقة،،، الأمر الذي ادخلها في صراعات طويلة وكبيرة، ومازالت تعاني كدولة من جوارها وانفكاك اجزاء من المناطق التي كانت تحسب عليها وعلى مناطق نفوذها . اما في علاقاتها مع العالم فما زالت روسيا تتنازعها رغبة استعادة التأثير الدولي واعادة الاعتبار لنفوذها أيام أمجادها، لهذا نراها بدأت بأخذ زمام المبادرة وفي التدخل المباشر لحسم عدد من القضايا وتتصدر في عدد من الساحات وتخوض معارك واضحة لاعادة التوازن لدورها ، أبرزها على الساحة الأوكرانية والسورية، علماً بأنها ما زالت مستفيدة من كونها دولة مقررة بمجلس الأمنمما يعطيها مساحة من الحركة.

بهذا الفهم انحاز الروس منذ البداية الى جانب النظام، ولم يلتفتوا للثورة السورية إلا بمقدار حاجة استمرار النظام والحفاظ عليه، على الرغم انهم قدموا أنفسهم كرعاة حل للازمة وكان حلهم ينطلق دائما من الحفاظ على النظام واالتخوفات التي ستنجم عن ترحيل النظام.

الحقيقة ان الروس بتدخلهم في سوريا كانوا يوجهون رسائل للولايات المتحدة والغرب بأن المنطقة يجب اعادة ترتيبها وتنظيمها بحيث يتم التسليم بمصالحه وبأنها منطقة نفوذه،وفي نفس الوقت حرص في رسائله ايصال بأن مصلحة الثكنة الصهيونية مكفولة من قبله فهي ستبقى اللاعب الاساس والمراقب المتيقظ لكل الحراك.

لذلك أدارت الولايات المتحدة وبدهاء كبير كل تطورات الحراك، ولعبت دور في ممارسة الضغط كي لا تخرج الأمور عن ما تراه مناسباً لها، وظلت في ذات الوقت توهم المعارضة بانتهاء ورحيل النظام. وما كان هذا الهذر سوى لكي تتمكن امريكا من استكمال تحقيق هدفها الاول وهو وضع اليد على الملف النووي الايراني، وبنفس الوقت ترتيب بدائل لكل التغيرات التي تتفاعل بالمنطقة ومنها سوريا،، لهذا أوكلت الأمر لروسيا واعطيت صلاحية إدارة الملف السوري وتحديد مستقبله، مع تدخل بسيط هنا وتنويه هناك.

ما الذي يريده الروس من سوريا ،، بوضوح الروس يريدونالحفاظ على موطئ قدمهم وتعزيز قواعد تواجدهم العسكري على البحر الأبيض المتوسط باستمرار تواجد قاعدتهم العسكرية في مدينة طرطوس الامر الذي يعيه الامريكان وبنو مقابله قاعدتهم بمدينة رميلان النفطية .

ففي السياسة الدولة لكل شيء ثمن فتناغم الأدوار في سوريا سيدفع ثمنه برفع العقوبات عنها والتساهل بملف اوكرانيا بالاضافة لخط الغاز، بمعنى اللقمة الروسية معروفة للأمريكان والغرب.

اليوم الروس وهم الوكلاء المفوضين بحل المسألة السورية من الأمريكان والغرب هم الذين يرسمون الحلول ويفتحون ابوابهم لكل الوفود كي تصل لحل اسمه مقررات فينا التي أصبحت جنيف تعتبره قاعدة الإرتكاز لانطلاقه، وجوهره ان هناك تفشي للارهاب ويجب القضاء عليه من خلال توافق دولي، ويوقع عليه سوريا ومن يكون خارج التوقيع فهو هدف وسوف يهاجم،، نفذ الروس بهمجية برنامجهم، واعلنوا هدنة، وانسحاب شكلي كي يعاودوا تطبيق برنامجهم بعيد المفاوضات ، فتواصلهم قائم ومستمر مع مركز التخطيط والتفويض وهو الولايات المتحدة الامريكية، التي اصبحت تفصح وتهدد، إما هدنة وحل توافقي، وإما التقسيم (حسب تصريحات كيري).

بهذا المعنى يفهم تيار الغد السوري موقف الروس ويتفهم الواقع الذي يرى به ان السوريين ونتيجة عوامل ذاتية كثيرة ومنها الارتجال بالسياسة القائمة على رد الفعل والأهم شرذمة قواها وتفرقها ،، ان السوريين اصبحوا بحالة من الاستضعاف وفقدان لكل مقومات التدخل الفاعل بالوضع ، لهذا فالمهمة المركزية والملحة هي ان يتوافق السوريين على الوطن من خلال خارطة طريق تقول بحل سياسي، هذا الحل لا يفرط بتضحيات الشهداء ولا بنضالاتهم ومأسي معتقليهم واغتصاب نسائهم، لكنه يضمن الانتقال لدولة تسودها الحرية والعدالة والقضاء والقانون دولة كل المواطنين بهوية مواطنة.

لهذا فان تيار الغد السوري الذي يتهم بمحاباته للروس او للسياسة الروسية هو أول من أدان تدخل الروس وقصفهم الهمجي  للأبرياء والمدنيين، وبنفس الوقت توجه دائما ومرارا لكل القوى الوطنية وشخصيات وطننا مؤكدا على التوافق الوطني وسيادة برنامج وطني ، محاربا كل التوجهات لنظام الطاغية ، ومتصديا لكل قوى الارهاب ، ومطالبا بانضاج خطاب وثقافة وطنية هي التعبير الاساس لأصالة الشعب السوري وتاريخه الحي بالتعايش،،

إقرأ أيضًا: الشعب السوري واحد.. أول مسلمات الثورة وثوابتها أم أبرز هواجسها ومطالبها ؟؟!

لن يقف التيار أمام كل الترهات والهرطقات والتهجمات التي تنال من سياسته ويطالب بسيادة السياسة والتحليل والوعي السياسي ، كي نتغلب على قوى الإقصاء والإرهاب

لم نكن روسيا ولا أمريكان،،، الوطن هوية وعمل

(عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري)

السابق
سماع اطلاق نار كثيف في مخيم عين الحلوه
التالي
خطف الطائرة المصرية يثير عاصفة سخرية.. الحب في زمن الإرهاب‏