نجمة بيروت انطفأت

ساحة النجمة

كنّا نتجنب الذهاب الى وسط بيروت فيما مضى تفادياً للازدحام، أقصد ازدحام السير وازدحام المشاة داخل شوارع وسط بيروت وساحة النجمة. تلك الساحة التي كانت تعج بالسائحين والزوار من دول عربية وأوروبية وافريقية. تمر في الشوارع فتسمع قهقهة الناس في المقاهي وتشم رائحة الطعام ممزوجة برائحة الدخان، وأصوات الأولاد يلعبون، وبكاء الأطفال من هنا وهناك، ترى حبيبين يتمشيان متشابكي الأيدي ، وهناك ترى مجموعة من المراهقين يتحدثون ويضحكون، منهم من يعتلي دراجته الهوائية، ومنهم من يكاد يرتطم بك وهو يسرح على الroller skate، فتحاول تجنبه.
اليوم، وبعد فترة طويلة على غيابي عن تلك الساحة، قصدتها مع عائلتي تلبية لدعوة على الغداء في أحد مطاعمها الذي ما زال صامداً هناك.. وكم تفاجأت بما رأيت. ساحة مسيجة بأسلاك حديدية، اقرب أن تكون الى ثكنة عسكرية ، بابان فقط مفتوحان لدخولها، ويشترط في الدخول ان تكون حاملاً لجواز سفر أجنبي. اقتربت من العسكري وسألته أيمكننا الدخول؟ رد عليّ لا يمكن لأحد الدخول الى هنا سيدتي، فبرزت له بطاقة الجيش خاصتي، فاعتذر مني وسمح لي بالدخول.
شوارع فارغة إِلَّا من الصمت والوحشة، محلات مقفلة كتب عليها مقفل بسبب الصيانة، وأخرى خالية من البضائع زائرها الوحيد هو الغبار الذي يعتري رفوفها، مقاهٍ ومطاعم لم يبقَ منها سوى الستائر التي كانت تقي الناس أشعة الشمس. أما الساحة التي كان يغطي بلاط ارضها اقدام الناس ودواليب العربات والدراجات الهوائية، بدت حزينة عارية، والنجمة التي كانت تشع نوراً، انطفأ بريقها وانكسر شعاعها.
المكان خالٍ إِلَّا من عشرات اليمامات التي تغط بين الحين والآخر علها تجد من يتحنن عليها ببعض الحبوب لتأكل، وعندما لا تجد شيئاً ترحل من جديد. لم يبقى في الساحة سوى ذكرى لساحة، وما نفع الساحة بلا أناس يملؤها؟
حزينة هي ساحتك والظلام يخيّم على نور نجمتك يا بيروت!

السابق
بروكسل …و تحدّيات الاسلام الصعبة!!!
التالي
عون وحزب الله ليسا على أفضل حال