ياسر شهيدًا ولكن… في قبر أخيه

هل يمكن للموت أن يصبح ثقافة، وهل خلقنا لنهدر الدماء في "اللا-سبيل"، ولنحوّل شبابنا عن "طموح الحياة"، نحو طلب الشهادة..

كثيرًا ما تتردد عبارة التكليف الشرعي، فيظهر ولي الفقيه هو من يحدد لشباب الشيعة من الحزب أين يُقتلون، فيصدر أمر الحرب من البوسنة إلى سوريا فالعراق واليمن والبحرين.

السيد حسن نصرالله وإن كان يردد دائمًا في خطاباته أنّ لا أوامر تأتيه من إيران، وأنّ العلاقة هي مصالح مرتبطة وقناعات متماهية، ولأنّ ايديولجيا إيران اعتنقها حزب الله اللبناني، لا نجد أيّة فوارق بين أهداف الاثنين، إلا فارقة يتيمة وهي أنّ المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي لن يذهب بنفسه إلى هذه الحروب ولن يقتل جميع شعبه.

إقرأ أيضًا: حزب الله واستحالة تحوّله إلى «سلطة»

فيما السيد حسن نصرالله قالها علنية وكررها أنّه اذا اضطررت الظروف في سوريا فسيذهب هو ومن معه ويقاتل دفاعًا عن بشار وعن مصالح محور الممانعة.

لن أطيل في هذه الثقافة التي نجح الحزب في إقناع حاضنته بها، فأوهمهم أنّ السيدة زينب تُسبى في سوريا، وأنّ وجود الطائفة الشيعية مرتبطة ببقاء النظام، و نقل لهم أنّ الجيش الحر والثوار السوريون سيجتاحون بيوتهم الحدودية فيغتصبون النساء ويهتكون العرض والأرض.

ما يشيعه الحزب في بيئته نورده “نقلاً عن لسان مقربين وعن لسان مقاتليه”، وهذه الإيحاءات وحدها كفيلة بتحريك الحمية للجهاد، جهاد يحسبونه لأجل الطائفة والوطن والأرض، ليكتشفوا لاحقًا أنّه لأجل شخص وهو الرئيس السوري بشار الأسد.

ياسر علي ضعون
ياسر علي ضعون

لأجل بشار قتل محمد علي ضعون منذ ثمانية أشهر على مشارف الزبداني، محمد الذي لم تمح بعد صور تشييعه من الذاكرة، وكيف يمكن ان ننسى مشهد اخيه ياسر وهو يعانق نعشه ويبكي بحرقة بصورة أكثر من مفجعة؟.

وأمس اعلن عن “استشهاد” ياسر، نعم ياسر اصبح هو الفجيعة الكبرى، فلم يكن التصاقه بنعش اخيه سوى اشارة منه انه يريد الموت لانه لا يقو على فراقه ، صورة لم يفقهها حزب الله الذي يجيّش الشباب تعبئة ومذهبية ومالاً.

ياسر اليوم عاد من تدمر، لم يعد عريسًا، ولم يعد خريجًّا، عاد في جوف النعش، ولكن اللافت هو الإعلام الحزبي الذي فسّر حالة “ياسر ومحمد”، أنّ ياسر لم يقوَ على فراق شقيقه فالتحق به “شهيدا”، اي انه يطلب الشهادة.

إقرأ أيضًا: «السفير» تهرب من «حزب الله»

صدق الإعلام الحزبي، ياسر لم يذهب لسوريا لا ليقاتل داعش في تدمر ولا الثوار في الزبداني ومضايا ...،ولا ليدافع عن بقاء النظام، ياسر ذهب كي يقتل “لهدف” لانّه وببساطة فقد الرغبة بالحياة.
فياسر من شاهده في جنازة أخيه يدرك جيدًا أنّه لم يمت اليوم، وأنّه شيّع منذ ثمانية أشهر، ودفن منذ ثمانية أشهر، في نعش واحد، في قبر واحد هو واخيه محمد!

السابق
إيّاكم و زبالتنا
التالي
جبران باسيل: هناك مناطق آمنة فليعد إليها النازحون