بلدية طرابلس بلا عنب ولا نواطير

بلدية طرابلس
وأنا أحاول الكتابة عن موضوع بلدية طرابلس، بحثت عن جانبٍ موضوعي أو عن إنجاز أشكرها عليه، أو أقلّه عن مشروعٍ عاد بمنفعة على المدينة... إلا أنّني كلما استفضت بحثًا، تذكرت "السيارة" التي كسرّتها طرقات طرابلس غير المؤهلة، وتذكرت المخالفات العلنية، وتذكرت "ناس بسمنة وناس بزيت"، ومؤتمرات التصوير، وبلدية المستشارين، ومشروع المرآب و و و.

ممّا لا شكّ به أنّ هذه أسوأ تجربة عمل بلدي للمدينة، تساؤلات لا محاسبة عليها، و وضع مترّدي، و رئيس يُسأَل ولا يجيب، ومشاريع لا تنفذ وإن نفذت عُلقّت أو أضرّت.

بالطبع لن أعلّق على البلدية الأخطاء المتراكمة، فطرابلس مهمشة منذ “الخليقة”، ولكن لا بدّ من القول أنّها لم تُصلح ولم تبحث للإصلاح سبيلاً فتابعت مسيرة الفساد واللامبالاة والترفع عن مشاكل المدينة وعن حاجاتها.
استفهامات عديدة حول العمل البلدي، وإشارات أكثر، والمفارقة انّ كل هذا كان يقابل من المجلس البلدي بلا مبالاة أو إجابات غير مقنعة.

إقرأ ايضًا: طرابلس تمزّق صور زعمائها الذين تخلوا عن أهلها

لا بدّ من القول أنّ مفهوم العمل البلدي في طرابلس، أصبح “برجوازيًا”، ليظنّ من حصدوا المنصب بسياستهم أنّهم في قصر بعبدا والكل لهم يأتمر، أولاً البلدية وبحسب ما توصفها الدولة اللبنانية هي سلطة محلية تُحصر مهامها في تحسين أوضاع المدينة.
بما معناه، أنّها سلطة تعمل عند الشعب، والشعب من يختارها.
فإن كان المجلس البلدي يعمل عند “الشعب”، لماذا هذا التعامل معه من موقع الرئيس والمرؤوس ولماذا لا يتجاوب “رئيس جمهورية البلدية” لمآخذ الشعب عليه.

وفي إجابة عن ماذا قدّم هذا المجلس للمدينة، لا بدّ من أن نذكر أنّه يكاد يبلغ المجلس البلدي الطرابلسي عامه الأوّل، دون أيّ إنتاجية تذكر، مع الإشارة إلى أنّ الطرابلسيين تأملوا خيرًا بالتغيير الذي نال بلديتهم، إلا أنّ ما حدث كان معاكسًا ففي حين حسبوا هذا التبدل في المواقع انتهاءً لمشروع المرآب المشبوه، تمظهر لهم أنّ كل ما حدث كان هدفه تمرير المرآب الذي لم يمنعه إلا الضغط الشعبي.
المرآب ليس الوزر الوحيد على هذه البلدية برئيسها المهندس عامر الطيب الرافعي، وإنّما الإهتمام بطرقات معينة وإهمال أخرى، فوضى النظافة، ناهيك عن المستشارين الذين كاد عددهم يزيد عن عدد مستشاري رئيس الجمهورية نفسه.
من ناحية ثانية، وفي سياق الضعف البلدي، ينهي الرئيس عهده الذي يفترض أن يختتم خلال شهرين بسيارة ثمنها 100 مليون!
يحق لأهل طرابلس أن يسألوا ويحق لهم أن يرتابوا من هذا الترابط بين صاحب المعرض الذي يرتبط عائليًا برئيس البلدية (هذه المعلومة التي يؤكدها أهل المدينة) ناهيك عن معلومات تداولت عن ترابط بالمصالح إلاّ اننا لا نستطيع أن نجزم!

طرابلس
يبرر رئيس البلدية أنّ هذه السيارة لخلفه، ليظل السؤال هل من البديهي أن يدفع 100 مليون للرئيس المقبل؟ ولماذا هذه الخطوة والعهد البلدي أوشك على نهايته (اللهم لاتمديد)، فلا يمكننا أن نتناسى أنّ رئيس البلدية تيار مستقبل وكذلك وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وربما ما يتمّ التداول به بين الأروقة يختلف تمامًا عمّا يحاولون إقناعنا به إعلاميًا.
ولا ننسى أنّ مصدر قد صرّح منذ مدة عن تأكيد قيادة الجيش للوزير أنّه ليس من إمكانية لسحب عناصر الجيش من عرسال لمتابعة الانتخابات البلدية، فهل يمكن أن يتغير هذا القرار اليوم وأمس تعرضت دورية الجيش اللبناني لعبوة مفخخة؟
إن الوضع الأمني أصبح أكثر توتراً ممّا يعني أنّ الحديث بحصول الانتخابات البلدية لا يعدو مجرد طمأنة إعلامية.

 

في سياق كل هذا، تتابع البلدية في مناخها الخاص، فطرابلس تشهد اليوم مهرجانًا لعيد الطفل تتخطى كلفته الـ 20 مليون، مع الإشارة إلى أنّه لم يمضِ الكثير على مهرجاني الكريسماس والعيد الأضحى.
هذا التكرار للمهرجانات، يضعنا أمام ما صرح به مصدراً مقربًا لموقع “جنوبية”، وهو اقتراح أحدهم على رئيس البلدية استبدال الاحتفال بآخر بكلفة أقلّ لا تتعدى الـ 5 ملايين، يشمل نشاطات وعروض يفرح بها الأطفال، غير أنّ هذا الاقتراح لم يلقَ الا الأذن الصمّاء.
كذلك أخبرنا مصدر آخر، عن تغطية البلدية لأحد عروض السيرك الذي يقدم عرضًا في طرابلس، وكانت الفرضية المطروحة أن يتمّ تغطيته بمبلغ 3 ملايين ليرة على أنّ يفتح مجانًا للأيتام، إلا أنّ هذا لم يحصل لنتساءل أين ذهبت اسعار البطاقات؟

إقرأ أيضًا: صرخة طرابلسية: هذا ما صنعه «حافظ الأسد» في مدينتي؟

الحديث عن مخالفات العهد البلدي يطول، والتساؤلات تكثر والأحاديث الجانبية عن الفساد والهدر لم تعد مخفية، ليظلّ السؤال ماذا لو تمدد هذا المجلس؟ وكيف سيتعامل أهل طرابلس مع استمراره؟
مع الإشارة إلى أنّ معارضة المجلس البلدي طرابلسيًا لم تعد من الناحية السياسية فقط فحتى أبناء البيت الأزرق ينتقدون سرّاً وأحيانًا جهرًا سياسة البلدية اللا- إنمائية.

السابق
أردوغان يتسبب بإستقالة وزيري العدل والداخلية في بلجيكا
التالي
ريفي: استقالتي ليست مزحة ولا أسعى لأيّ منصب أو زعامة