إستهداف عبد المنعم يوسف: شهادة…صديق!

أصبح المدير العام للصيانة والإستثمار في وزارة الاتصالات ورئيس مجلس إدارة "أوجيرو" الدكتور عبد المنعم يوسف، خبز اللبنانيين اليومي، وتسبّب اسمه الذي يتعرض لهجوم إعلامي وسياسي مركز، باشتباكات تلفزيونية يندى لها الجبين.

قال لي صديق “خبر الحياة التي عجنته” إنّ عبد المنعم يوسف يؤرق الضمير ويوجع الرأس.

شرح رأيه بهذه الشخصية الإشكالية: يؤرق الضمير لأن الحملة التي يتعرض لها، ظلمها أكبر من قدرة الصمت عنها. ويوجع الرأس، لأن الدفاع عن عبد المنعم يوسف “بسود الوج”، فخصومه كثر، وهو “فاتر” في تقديم الخدمات “الكبيرة ” لمن يحسب عليه.

صديقي محق.

أنا أعرف عبد المنعم يوسف منذ ١٧ سنة تقريبا، وتربطني به علاقة تطورت مع الأيام الى مستوى الصداقة وأتابع عن كثب الملفات التي تعنيه، أو تُعنى به، وأناقش قضاياه مع أصدقاء لنا مشتركين.

إقرأ أيضًا: فضيحة شبكة الانترنت تفضح التلفزيونات اللبنانية‏

مرة قال لي صديق آخر، معروف بدبلوماسيته وبقدرته على إقامة شبكة علاقات مميزة، إن عبد المنعم يوسف يهوى إدارة المشاكل، وراح يعدّد من يخاصموه بشراسة، وطلب مني أن أساعده في إقناع عبد المنعم يوسف “بتطريتها”.

رسمت ابتسامة صفراء على شفتيّ. كنت اعرف أنّني أكلف بمهمة مستحيلة.

تمنّي الصديق هذا، ذكرني بحوار بيني وبين عبد المنعم يوسف.

الانترنت

سألته مرة:” إذا وقف ضدك شخص قد يكون مخطئا، وإذا عارضك إثنان قد يكونان مخطئين، ولكن ان تتواجه مع كل العالم، فهذا يعني ان المشكلة عندك؟”

ولا أنسى أن يوسف استهجن مقاربتي لوضعه، فأجابني بسؤال:” إذا استعنت بخبير باللغة الصينية، وراح يترجم كك مراسلاتك، وجاء عشرات الأشخاص ممن لا يعرفون اللغة الصينية واعترضوا على ترجمتي، فهل يجعلني هذا الاعتراض مخطئا لأن عدد المعترضين كبير؟ إذا كان هؤلاء لا يحسنون اللغة الصينية، فهذا يعني أنني أنا المحق وهم المخطئون. وبدل أن تطلب مني الرضوخ لهم، إطلب منهم أن يكفوا عن التدخل في ما لا يعنيهم، وفتّش عن مصلحتهم في التعطيل على ما يربطك بمن لديه المعرفة، فهؤلاء قد يكونون يهدفون إلى إلغائي من أجل توريطك بمترجم يعمل لديهم، من أجل تمكينهم من سرقتك”.

وكان عبد المنعم يوسف محقا، فإذا كان جميع من يهاجمونه أصحاب مصالح- وهو الأدرى بها- وإذا كان جميع من يعادونه يقدمون مصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة- وهو يملك الملفات- وإذا كان جميع هؤلاء، ومن جميع الملل السياسية، وعلى الرغم من عشرات الدعاوى والاخبارات والاستهدافات والاختراقات والتوقيف، قد عجزوا عن إقامة دليل واحد ينال منه، فكيف يكون هو المخطئ وهم المصيبون؟

مرة، قالت لي شخصية سياسية عملت مع يوسف عن كثب: “عبد المنعم يوسف عنيد ولا يخشى المواجهة، ولكنه للأمانة نظيف ولا توجد شبهة عليه”.

وسألت هذه الشخصية: “لماذا، والحالة هذه، لا تتولى الدفاع عنه”؟

أجابتني:” وهل تريدني، وأنا سياسي بحاجة إلى شبكة علاقاتي، أن أخاصم كل العالم، من أجله؟ أنا واثق بأنه قادر على تولي أمره بنفسه.”

وفي حمأة واحدة من صليات الهجوم عليه، اجتمعت به واستفسرت منه حول أمور كثيرة، أخبرني حقائق عديدة خاصة بقطاع الاتصالات، عن وزراء عمل معهم، وعن سياسيين تعاطى معه، وعن شخصيات اتصلت به.

خصومة هؤلاء له، سببها عدم قدرته على خدمتهم لتوفير عشرات الملايين على حساب الخزينة وبما يتنافى مع القانون.

لا مجال لذكر كل ما كشفته الآن. قد يأتي يوم ونكتب عن كل هذه الوقائع التي قد تحتاج الى مجلد ضخم، بما فيها من تفاصيل، ولما تحتاجه من جهد أرشيفي وتحقيقي، ولكن الأكيد ان العداوة له، سببها انه دافع عن المال العام في مقابل من شاء استباحته.

عبدالمنعم يوسف

فعلى سبيل المثال لا الحصر، وقف ضد هدر عشرات ملايين الدولارات على إقامة شبكة ألياف ضوئية تربط السنترالات بعضها بالبعض الآخر. شنّ عليه هجوم حجر الزاوية فيه أنه يقف ضد تطوير القطاع. عبد المنعم يوسف قدّم مستندات تثبت للجميع ان لهذا المشروع أهدافا سياسية ومالية لا صلة لها بتاتا بتطوير قطاع الاتصالات، لأن هذه الشبكة متوافرة، وقد جرى إنشاؤها على أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لاحقا، تبين ان هذه الشبكة لم تكن لخدمة الدولة بل لمسائل إقامة شبكة رديفة لاستخدامات “غير سيادية”. هيئة التفتيش المركزي أثبتت هذه الحقيقة. مبالغ كبيرة تطالب بها الشركات المنفّذة جرى تجميدها، لأن المخالفات التنفيذية كانت هائلة.

وفي كل مرة يقال انه مسؤول عن عدم ربط المنازل والمؤسسات بشبكة الألياف الضوئية، فيظهر لك مشروع لبنان ٢٠٢٠ الذي يهدف الى ربط كل لبنان بهذه الألياف، فيشرح لك ان توصيلها من السنترالات الى كل منزل مشروع ضخم وكبير. لا يتكلم أحد عن هذه الورشة الجاري تنفيذها. يحاولون أن ينسوك وجودها، عبر محاولات ابتداع شعارات خاوية، والإستعانة التزييفية، بما هو حاصل في دول متطورة، حيث تكتشف أنه في فرنسا، مثلا، وعلى الرغم من التقدم التقني والإستقرار السياسي والمالي والأمني والإجتماعي- مقارنة بلبنان- لم تصل شبكة الألياف الضوئية بعد، الى خمسة بالمائة من المنازل.

ولا تتفاجأ ان مموّلي الهجوم على يوسف هدفهم اقتطاع حصة مالية من هذه الورشة المليارية، من خلال مساعي البعض الى حصد حصة مالية من مشروع تملك “اوجيرو” القدرات التقنية والمعرفية والبشرية على إنجازه، بأقل كلفة وبمردود يخرج من الخزينة ليعود إليها.

وتسأله عن التأخر في اكتشاف شبكة الانترنت غير الشرعي، فيشرح لك أمورا كثيرة تبدأ بالتقنيات وتمر بالمحاسبة وتصل الى شروط السوق، ويسأل:” لماذا يتأخر مصرف عن اكتشاف مدير يختلس، ولماذا تتأخر شخصية عن اكتشاف سرقة المسؤول المالي لديها”؟

ويقول ان السؤال عن التأخير في اكتشاف مجرم لتبرئته وتوريطك، يفتقد الى المنطق، ومن شأن اعتماده ان يسقط كل الاليات المعتمدة لكشف الجرائم والحد منها.

كبار المحققين العالميين يدركون هذه الحقيقة. وكبار المحققين في لبنان يدركون ذلك أيضًا، ولكنهم يفضلون أن يتجاهلوه لئلا يتعرّضوا لهجوم.

عبد المنعم يوسف ليس “سوبرمان” كما تحاول الإيحاء بعض وسائل الاعلام المتضررة منه او المكلفة بالتهجم عليه.

محاولة تضخيم قدراته سببها الوحيد محاولة تحييد السياسيين عن الهجوم المركز عليه.

لو صحت أسباب الهجوم عليه، فليس ثمة أسهل من الإطاحة به، فالقضاء جاهز ولا يوجد، خلافا للدعاية، من يحمي يوسف سوى خواء الملفات المثارة ضده.

كما ان مديرًا بمواصفات الحملة التي يتعرض لها يوسف، يمكن اسقاطه بالضربة القاضية في مجلس الوزراء، ولكن مثيري الحملة اوهن من طرح ملف يوسف للنقاش، لأن هذا الملف يتضمن وقائع تسقط من يمكن ان يفتحه من دون ان تسقط يوسف.

إقرأ أيضًا: جديد فضائح ملف الانترنت: بصمات اسرائيلية وسوابق مكررة

حاولت أن أستقصي حقائق من خصوم عبد المنعم يوسف. لم أوفق. الكلام عليه كان يقتصر على ترجمة حقد شخصي عليه. سبب ذلك، أنه لا يسهّل الأمور المطلوبة.

ليس في جعبة من استقصيتهم أي وقائع لها قيمة منطقية أو ثبوتية.

يتضح لك بعد جولة على هؤلاء أن يوسف “حجر عثرة” في طريق مشاريع تعنيهم كأصحاب مصالح، ولا تعنيك كمواطن.

وهذا أدركه شخصيا. الصداقة العميقة التي ربطتني بيوسف لسنوات، لم تمكنّني من تقديم خدمات “ذات قيمة” لأي ممّن توسطني، لأنها “غير ممكنة” أو “غير قانونية”، كما كان يجيبني عبد المنعم يوسف.

في الواقع، عبد المنعم يوسف ليس “سوبرمان” بل هو مدير عام صلب، قرّر أن يواجه في دولة فيها السوبر حرامي والسوبر ميليشياوي والسوبر متعجرف والسوبر مافيوزي.

وبناء عليه قلت لصديقي “الذي عجنته الحياة”: نحن مجموعة تشكو دائماً من انعدام القيم في حياتنا السياسية، ولكننا عندما نكتشف ان قيمنا تتجسد بشخص محدّد، نهرب منه بدل الدفاع عنه، لأن ذلك سيلحق أَذى بمصالحنا.

ابتسم صديقي متنبئا بما سأتابع قوله: إذا جلسنا مكتوفي الايادي خوفا على مصلحتنا فلن نكون أفضل حالا ممن ننتقدهم، ونكون، والحالة هذه، ضحايا أسوأ معادلة: شركاء معنويين لمصلحة سارقين فعليين!

السابق
ورقي أم الكتروني لا فرق… فرجعيتنا باقية وتتقدم‏
التالي
الاشكال بين عناصر بلدية الغبيري وبعض الاشخاص سببه ازالة فان