دين غسل الأرجل!

في الدين المسيحي محطّات لا يُمكن إلا أن نتوقّف عندها، ونتأملها بعين الإنسان لا فقط بعين المؤمن الملتزم.

في الكنائس اليوم، يسجد الكاهن على رجلَيه ليغسل أقدام 12 شخصاً، في استعادة لما فعله السيّد المسيح مع تلاميذه. مشهدٌ لا يمكن المرور عنه من دون تأمل طويل. قد يكون غسل الأرجل السلوك الإنساني الأكثر تعبيراً عن التواضع، أعطاه السيّد المسيح في رمزيّة لها الكثير من الدلالات.

هو غَسَل الأرجل، الجزء “الأوسخ” ربما من الجسد. نحن، غالباً، نحيد بنظرنا عن التأمل في وجهٍ مشوّه أو في جسدٍ فَقَد أحد أعضائه، أو في يدٍ امتدّت إلينا تتسوّل مالاً وعطفاً.

إقرأ أيضًا: الذهنيّة الداعشيّة ليست حكرًا على أحد

هو غَسَل الأرجل، ونحن نفتّش، في يوميّاتنا، عن غسل الأموال وغسل الأكاذيب بالابتسامات الزائفة، وغسل المصالح الشخصيّة بادّعاء الطموح.

هو غَسَل الأرجل، ونحن نأبى عن نغسل ذلّات الآخرين الذين أخطأوا، ولو عمداً، في حقّنا. ونأبى أن نغسل للخطأة ما اقترفوه، فنرجمهم، رغم عظمة خطايانا.

هو غَسَل الأرجل، ونحن نريد أن نغسل هذه الأرض من الأفكار التي تختلف عن أفكارنا، في الدين والسياسة والاجتماع، فنخوّن ونقتل، بالسلاح متى توفّر وبالكلمة والشتيمة وزرع الفتنة دائماً.

إقرأ أيضًا: «حزب الله» … وصناعة التطرف
في المسيحيّة محطات ومشاهد وعِبَر قد تصلح لأن تكون دروساً للإنسانيّة، وقد يستفيد منها غير المسيحي أيضاً، خصوصاً في ظلّ تنامي ما يسمّى “الفكر الأصولي” وسواد مظاهر التعصّب على ما عداها. وقد تصلح الاستفادة منها، أيضاً، من قبل بعض من يتولّى غسل الأرجل في الكنائس اليوم.

(mtv)

السابق
ماذا يحمل لك الفلك من خفايا لهذا اليوم؟
التالي
والدة السيسي: حرام عليكم ما تفعلونه بابني