كريم عبد السلام… راثياً ملاكته

"مراثي الملاكة من حَلَب
"مراثي الملاكة من حَلَب"، هو عنوان الديوان الشعري الرابع، الذي أصدرته حديثاً (دار الجديد في بيروت في طبعة أولى 2015) للشاعر والصحافي المصري رئيس التحرير التنفيذي لموقع اليوم السَّابع الالكتروني، الباحث كريم عبد السّلام.

وجاء في كلمة الناشر حول “مراثي الملاكة من حلب”: “إلى الدّرك الأسفل من الجحيم يسير بنا الشاعر راثياً ملاكاته، متمنّياً لهنّ ما يتمناه لنفسه من فراديس ناضحةٍ بالحنان والحبّ.
بجرأة وعنف وألم وحبّ وحنان، بكلّ ما قرأ من كتب سماويّة ودنيويّة، يصرخ الشاعر رؤياه فلا يقول قائلهم، مستشهداً ببرتولت بريخت: “لماذا يصمتُ الشعراء”.
وهذا الديوان مؤلَّف من ثلاثة أقسام: موزعة على 111 صفحة من القطع الوسط.
القسم الأول فحواه قصيدة طويلة بعنوان: “الملاكة من حَلَب”؛ والقسم الثاني، يحتوي على سبع عشرة قصيدة مختلفة ومتنوعة الأجواء والمناخات، تحت عنوان: “المراثي”، وهي: “الحَمَّالُ والبناتُ الثلاث” – “مراثي دنيا زاد” – صلاة من أجل سارة” – و”أُمُّ حمزة”.
والقسم الثالث هو عبارة عن قصيدة واحدة وطويلة تحمل عنوان: “في كلّ وداع هزيمة”. ويُصدّر الشاعر هذا الديوان بقوله: “أعرف الآن لمَ خرج آدمُ من الفردوس/ أيّةُ قوّة دفعته ليعصي/ ليتحدّى/ ليرفعَ هامته ويضربَ صدره بقبضته/ وكيف سار على الأشواك.
ومن أجوائه المقتطفات التالية: من قصيدة “الملاكة من حَلَب”: هل كانت المرأة الكاملةُ تتعرّى في الصالة/ تخلع نقابها وعباءتها وتأخذ بيدي إلى الندوب العميقة/ يا لجسدها القائد المهلم/ يا لأبيضها الذي يُغشي العيون/ يا لأوامرها الحرير/ هنا… أَرِحْ شفتيّك برفق/ هنا… اسجدْ واقتربْ/ هنا… داوني والتهمْ هنيئاً/ أنظر إلى جروحي، لا لتُشفقَ/ بل لأن لديكَ شِفائي.

إقرأ أيضاً: الإسلام وضرورة التحديث من وجهة نظر قرآنية
الملاكةُ مكسورةُ الجناحين/ سقطتْ من سحابةٍ على رأسي/ بينما أفكّر في الخبز للعشاء/ باعتباره الحقيقة الوحيدة في الوجود.
هل كنتُ في المترو/ عندما خاطبتني العينان العميقتان من وراء النقاب/ هل تقدّمتُ في الزحام وأمسكتُ يدها الصغيرة،/ غير عابئ بالوحوش والكائنات والعيون/ يدها صغيرة وأصابعها تجلِبُ الحنان/ هل نزلنا متشابكي الأيدي،/ دون مساء الخير/ دون كيف الحال/ دون ما اسمكَ/ دون إلى أين/ هل اتّخذت اللغة شكل موجاتٍ ملوّنة/ هل عبرنا من رصيف المترو إلى المياه العميقة/ فطاردَنا حوتُ يونُس/ لمَ تريد ابتلاعنا أيّها الحوت/ لسنا نبيّين/ وليس لنا آية/ ولا نحمل رسالة إلى فئة ضالّة/ ولن نهديَ الكافرين.
من “المراثي” قصيدة “بدرُ البدور والذِّئاب”
ليكن كلُّ ذئبٍ فرحاناً/ ليهنأ بقضمته من جسدي/ بانتعاظه/ ولُهاثه/ وارتعاشته/ وسعادته المغتصبة/ ليس في قلبي بغضاء/ ليكن جمالي المبهر نسغاً في شرايينه/ وصوتاً في عوائه نحو القمر/ ليهنأ كلُّ ذئبٍ بقضمته من جسدي/ بما يستطيع أن يحمله معه من روحي/ الأغبرُ الأفغانيُّ الذي تلقّى رصاصةً في فكّه/ الرماديُّ الصوماليُّ الذي يقتل الهواء من الخوف/والجزائريُّ الذي لا يتكلّم إلاّ برصاصة/ والسعوديُّ الزاحف عندما يبدأ القصف/ والليبيُّ الذي يهرب من شبح يطارده/ والمصريُّ الذي يبكي سرّاً/ فتصنع دموعه مجرًى إلى النيل.
ليهنأ كلُّ ذئبٍ بقضمته من جسدي/ لا أريد انتقاماً ولا ندماً/ لا أريد صواعق تهبط على رؤوس المخدوعين/ على رؤوس الضحايا الجلاّدين/ لا أريد ألف سوط لأمزّق القوّادَ اليمنيّ/ أريد لجميع الذئاب أن تتذكّر تلك القضمة الفريدة/ وهي تعبر مثل ومضة/ ساعة يأتيها الموت.

إقرأ أيضاً: «فنُّ القراءة»… ما يميّز نوعَنا الإنسانيّ
“في كلّ وداعٍ هزيمة”
أعرفُ اسم المرأة التي سمّرتني أمام الغزالة: الملاكة/ أعرفُ اسم قدميها: معجزة الله/ أعرفُ اسم ساقيها: أوتاد السماء/ أعرفُ اسم ردفيها: الشمسان/ أعرفُ اسم بطنها: القمر الدافئ/ أعرفُ اسم أصابعها: المياه في الصحراء/ أعرفُ اسم نهديها: نار الشتاء/ أعرفُ اسم عنقها: الكبرياء/ أعرفُ اسم شعرها: الذهب في الفجر/ أعرفُ اسم ظهرها: الأفق السعيد/ أعرفُ اسم راحتها: الحنان/ أعرف اسم ذراعيها: الكنز/ أعرفُ اسم حضنها: العودة للوطن/ أعرفُ اسم عينها: البحر لحظة الغروب/ أعرف اسم بابها المقدس: الجنون/ أعرف اسم القبلة في شفتيها: الوداع.

السابق
«داعش» يضرب بلجيكا ويرهب العالم ولبنان يرفع جهوزيته
التالي
مهاجم مطار بروكسيل الذي لا يزال هارباً هو نجم العشراوي تطارده الشرطة منذ الإثنين