الأسد وساعة الحقيقة!

عندما يكرر ستافان دو ميستورا انها ساعة الحقيقة بالنسبة الى الأزمة السورية، فذلك يعني موضوعاً واحداً يضع الأزمة على طريق الحل الوحيد، وهو عملية الإنتقال السياسي التي طالما حاول النظام السوري التملص منها.
يمكن المفاوضات عير المباشرة التي بدأها دو ميستورا في جنيف في ١٤ آذار الجاري ان تتوقف وتفشل غداً، لكن هذا لا يعني ان شيئاً يمكن ان يتغيّر في “ساعة الحقيقة” التي تعني ان على النظام ان يستعد لقبول عملية إنتقال سياسي حقيقي، تسقط ذلك الشعار الذي دمر سوريا: “الأسد رئيسنا الى الأبد”، فلقد احترق البلد فعلاً بنيران النظام المدعوم إيرانياً وروسياً، لكن ذلك لا ولن يعني إطلاقاً انه يمكن إخراجه من الجحيم دون خروج الأسد من السلطة.
ليس هذا لأن دو ميستورا يقول للمرة الأولى ما يمكن ان يشكّل صدمة للنظام أي “ان موضوع الإنتقال السياسي هو أم القضايا التي تواجهها مفاوضات جنيف” بل لأن سيرغي لافروف وجون كيري اللذين سيبحثان في العراقيل التي تتهدد مفاوضات جنيف، يدركان إنه لا مفر من عملية إنتقال سياسي تشكّل البوابة الوحيدة لحل سياسي يضع خريطة مرحلية تنتشل سوريا من الجحيم الدموي.

اقرأ أيضًا: الأسد يحزم حقائبه
في النهاية لن يستطيع النظام ان يفلت من ساعة الحقيقة التي تحدث عنها دو ميستورا، ومن المؤكد انه لم يكن ليتلفّظ بمثل هذا الكلام لو لم يكن يعلم ضمناً أن الإتفاق الأميركي الروسي غير المعلن هو الذي أقر بأن ساعة الحقيقة السورية تضبط على أساس خطة مرحلية واضحة لعملية إنتقال سياسي حقيقي.
لم يكن هذا خافياً على الأسد الذي يعرف جيداً ان الإنسحاب الروسي من سوريا لم يكن لأن موسكو حققت أهدافها المعلنة في حربها المزعومة صد “داعش”، كما أعلن فلاديمير بوتين، بل لأن المقاتلات الروسية حالت دون سقوط النظام الذي كان محاصراً بإعتراف بوتين، وأقامت توازناً ميدانياً ساعد على الذهاب مجدداً الى جنيف، على إفتراض ان هذا التوازن يساعد في إقناع الاسد والمعارضة بالإنخراط في مفاوضات تفضي الى حل سياسي ولو عبر الفيديرالية التي بشّرت بها موسكو.
مرة جديدة يكرر وفد النظام في جنيف ان عملية الإنتقال السياسي ليست من مرجعيات الحوار، محاولاً تأجيل جلسات الحوار بحجة الإنتخابات التي دعا اليها الأسد في ١٣ نيسان المقبل، وهو ما كان أثار غضب حلفائه الروس الذين لم يترددوا في الإعلان ان عليه ان يراجعهم وينسّق قراراته معهم اذا كان يريد ان يخرج من الأزمة بكرامته.
لكن الواضح ان الاسد يلعب على الحافة مجدداً عندما يسعى الى احباط المفاوضات لانه لا يريد ان يواجه ساعة الحقيقة التي تعني ان عليه ان يرحل في النهاية!

(النهار)

السابق
محاولة إيرانية أخرى للتذاكي
التالي
أمهات «الشهداء» يرفضن عزاء حزب الله