إلغاء الانتخابات البلدية.. يعني شلل لبنان

ندوة شؤون جنوبية في النبطية
عقدت مجلة "شؤون جنوبية" الحلقة النقاشية الثالثة بالتعاون مع "المجلس الثقافي للبنان الجنوبي" في مدينة النبطية، في مركز المجلس، في صباح يوم 7/1/2016. افتتحت هذه الحلقة النقاشية الناشطة ضحى صبَّاغ، بكلمة ترحيبية، تطرقت فيها إلى موضوع الحلقة النقاشية وأهمية اجراء الانتخابات البلدية في موعدها.

عقل: حذار من الشلل

رئيس تحرير مجلة “شؤون جنوبية” الزميل محمد عقل تحدث في الحلقة النقاشية حيث فقال أنّه: صدر أربعة أعداد من فصليّة خلت من “شؤون جنوبية”، عالجت على التوالي: آثار اللجوء السوري على لبنان، المرأة وحقوقها، “الهويات اللبنانية”، “الحراك إلى أين”؟ واليوم نحضّر عدداً خاصاً باستحقاق الانتخابات البلدية، وها هي الانتخابات البلدية تفرض نفسها استحقاقاً داهماً وثابتاً في أيار 2016.

اقرأ أيضاً: في بلدة معركة.. البلديّة أيضاً لا تسْألُ الناس!!

خطورة هذا الاستحقاق أنه يأتي في ظل فراغ رئاسي، وخلافات سياسية شلّت مجلس الوزراء، ومجلس تشريعي لنواب مددوا لأنفسهم لأكثر من دورتين. وإذا ما تأجلت الانتخابات البلدية والاختيارية، فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة وطنية كبرى. ويعني شللاً وتدميراً لكل الحياة السياسية اللبنانية، ويكون ضربة للديموقراطية وتعطيلاً موصوفاً للدستور والقوانين. والكل مسؤول حيال ذلك.

الدولة بمؤسساتها، الأحزاب بتنظيماتها وسياساتها، والمجتمع الأهلي بمكوناته وأطيافه. وهذا يعني السير على قدم وساق من جديد نحو الطوأفة والمذهبة، وتحويلنا من “مواطنين” ننتمي إلى وطن المؤسسات إلى “رعايا” ننتمي لأمراء الطوائف والمذاهب. وهذا تدمير شامل للحياة السياسية في لبنان.

هكذا تنجح الانتخابات

فما هو العمل، وما هو الدور؟

إن جمعية شؤون جنوبية العاملة من أجل بناء مجتمع مدني متكامل حيّ ترفع منذ الآن شعاراً واحداً غير قابل للمهادنة والمساومة: معاً نحو انتخابات بلدية حُرّة ومسؤولة. نعم لتطبيق القوانين. نعم لدولة المؤسسات والمواطَنة. ولا للمساكنة مع نظام الملية العثماني، وطوأفة السياسة وتسييس المذاهب. لأننا بذلك نكون كمن يحفر قبره بيديه ويدفن الناس أحياءً.

إن تجييش الناس للمطالبة بإجراء انتخابات بلدية في موعدها، يتطلّب:

– قناعة واقتناعاً للناس والقوى والأحزاب والجمعيات بضرورة إجرائها مهما كلف ذلك. لاعتبار هذه الانتخابات هي حق طبيعي يصونه الدستور وتحفظه القوانين.

– العمل معاً وبقوة ومع الجميع على قاعدة السعي وتحقيق موجة توعية تعبوية، من أجل مد الجسور، وبناء أسس الحوار. مع كل القوى الاجتماعية والفاعليات والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية. هؤلاء جميعاً هم مجتمعنا المستهدف. سنعمل معاً ليس على قاعدة التنافر. بل على قاعدة الوَحدة الواحدة. من موقع الإقناع، والخيار الحُرّ، القائم على الفهم المصلحي والاجتماعي لبناء دولة الإنسان الحر والمواطنة. فنحن لا نحاسب على النوايا، إنما نحاسب على الأعمال والمنهج والنهج.

– وبعد التحفيز والتوعية سنوقت النشاطات مع كل هذه القوى الحية توصلاً إلى قوة ضاغطة تهدف إلى تحقيق هدف واضح وهو: إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المحدّد، دون إبطاء أو تأخير، وطبقاً للقانون والدستور.

بناء الإنسان

– يكون ذلك كله ليس على قاعدة الانتخابات من أجل الانتخابات. بل على قاعدة بناء الإنسان – المواطن. صاحب الموقف والقناعة، والاشتراك في بناء مقومات حياة حرة وكريمة في بيته وشارعه وقريته ومجلسه البلدي، ومجلسه الاختياري، على قاعدة من اللامركزية الإدارية، وإعطاء البلديات حقوقها، للقيام بواجباتها، وفي مقدّمها سياسة تنموية واضحة تجعل في أولوياتها إعداد المطامر البيئية، والسعي لتشغيل مراكز فرز النفايات في المحافظات الثماني، والعمل مع الدولة ومجموعات الدعم العالمية لإنشاء مراكز فرز وتدوير للحفاظ على لبنان البيئوي لنظافة الإنسان، ومعالجة ملف النفايات معالجة جذرية ونهائية.

محمد عقل

فالبلديات تجربة من حق المواطن أن يعيشها ويشارك فيها عن قناعة واحترام، لهدف تنموي وصولاً إلى تغيير المجتمع نحو الأحسن. معاً وسوية من أجل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها. معاً لإجراء الانتخابات البلدية.

المداخلات: البرنامج مطلوب

ثم وسيم شميساني قائلاً: بدل أن نلوم المواطن، ونحمّله دائماً مسؤولية انتخابه لنفس الطبقة التي يفترض بها أن تمثله في العمل البلدي، علينا العمل على توعية المواطن، مبدئياً على مهام العمل البلدي، وما هو المطلوب من البلدية تجاهه كمواطن؟ من خلال معرفته لصلاحياتها كبلدية، في ما هي قادرة على تقديمه، وما هي ليست قادرة على تقديمه له. كما على المواطن أن يطالب مرشّحه الانتخابيّ للبلدية، بإطلاعه على برنامج انتخابي، ينتخب على أساسه ليكون بمقدور المواطن بعد الانتخابات البلدية، محاسبة المجلس البلدي على تقصيره في ما وعد به المواطن في برنامجه الذي قدمه له.

أما أحمد بدر الدين فقال: أنا بتقديري، هذه الجلسة مهمة، لأنها هي باكورة التحرك، من أجل تثبيت، موعد الانتخابات البلدية، وذلك بالأهمية التي تشكّلها هذه الانتخابات، والتي هي، وللأسف، في لبنان لم تعطَى الأهمية التي تعود لها. والتي تُعطاها، في كل بلدان العالم. وأقول إنّ اللوحة السياسية في لبنان، وكل التناقضات الموجودة فيه، السياسية والعائلية، هي، بتقديري تصعِّب على قوى الطبقة السياسية، أن تثبَّت هذه الانتخابات في موعدها المقرّر، فهذه الطبقة السياسية المشهورة بالنفاق على كل المستويات، تتخذ من أي حدث يحدث في لبنان، مبرِّراً لها، لعدم إجراء الانتخابات، لذا فأنا من الذين يعتقدون، هذه الانتخابات البلدية والاختيارية، لن تجري في لبنان، أمّا وقد طُرح هذا الموضوع، على مستوى الساحة، لذا فالمفروض بنا أن نأخذ هذا الأمر على المستوى المبدئي.

أين الصلاحيات؟

ثم تحدث سمير فياض قائلاً: إذا ما نظرنا إلى البلديات من الناحية النظرية المحض، القانونية، والقوانين التي ترعاها، أعتقد أن البلدية لديها صلاحيات واسعة جدّاً، ولكن كيف يمكن تفعيل البلدية لأخذ دورها، لأجل أن تمارس صلاحياتها الواسعة، والتي هي، فعلاً تخلق جوّاً من التنمية، ومن التوعية وإلخ…

وأتصور أن أهم نقطة، هنا، يمكن أن نبحث فيها، ونشدّد عليها هي “اللامركزية الإدارية”، فإذا لا يوجد “لامركزية إدارية” لا يمكن للبلدية أن تقوم بدورها الفاعل. والنقطة الأساسية الثانية، إذا كان للبلدية كل هذه الصلاحيات، ولديها النية لأن تعمل، فما هي الإمكانيات المادية المتوفرة لها؟ فإذا لم تتوفر الإمكانيات المادية للبلديات، فإن كل بحثنا في هذا الموضوع، يكون خارج الإطار العمليّ والفاعل، الذي يؤدّي إلى النتيجة المرجوة حقيقة، من هنا يجب أن يكون الضغط باتجاه تحقيق “اللامركزية الإدارية”، والأهم في ذلك توعية الناس حول “اللامركزية الإدارية”، هذا أولاً، وثانياً: الإفراج عن أموال البلديات لأجل أن تقوم بدورها الفاعل حقيقة، وتلعب دورها الذي يمكن أن تحقق التنمية من خلاله، وعلينا أن نعطي البلدية الإمكانيات، المطلوبة، ونرفع عنها سلطة الوصاية التي تعرقل عملها، كما ونشدّد على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها.

الهيمنات والمحاصصة

خليل ريحان (عضو منتدى الثقافة والتنمية في كفرصير): إن الهيمنة على تمثيل البلديات، والمحاصصة الموجودة في مناطق الجنوب خاصة، عملت على تعطيل الأداء المطلوب للمجالس البلدية. وهذا ما يدعو إلى إنشاء لجنة متابعة في كل بلدة وقرية، من فاعليات وناشطين، لمراقبة العمل البلدي، هذه المراقبة المطلوبة حتى لو كان هناك توافق على أيّ مجلس بلدي، وبعد تجاربنا البلدية يجب أن نعمل على إيصال أشخاص إلى المجلس البلدي، يكونوا قادرين على القيام بدورهم التنمويّ المطلوب.

ثم تحدثت سلام صباح قائلة: أودّ أن أشير إلى أن المواطن، لا يعرف واجباته تجاه البلدية، وما هو المطلوب من البلدية تجاهه؟ لذا فإني أقترح أن يوضع جدول بما يجب أن تقدمه البلدية للمواطن، حتى يعرف على أي أساس يقوم بالانتخاب، وحتى يعرف المواطن حدوده في عدم التعدي على الأملاك العامة، التي على البلدية مسؤولية حفظها من خطر هذه التعديات.

التوعية أساسية

أما صادق إسماعيل (عضو مجلس بلدي) فقال: أنا كمواطن، أسعى لأرى بلدي أحسن بلد، بادئاً بمدينتي أولاً وأعمل على تطويرها، وأعمل على توعية أولادي جيداً، على حقوقهم وواجباتهم، وأقول إن علينا كمواطنين أن نعي دورنا جيداً، في عملية انتخاب المجالس البلدية، على أي أساس، وبموجب أي برنامج إنتخابي يكون انتخابنا. كما أنه وبالمقابل علينا توعية المرشحين للانتخابات البلدية عن طبيعة دورهم المطلوب منهم، لنصل إلى دور بلدي متكامل بين المجلس البلدي والمواطن.

وقالت مايا ضاهر (ناشطة): كم نحن نفتقد إلى التوعية في العمل البلدي، والتوعية ليست فقط هي مسؤولية المجتمع المدني والجمعيات، بل هي في المنطلق الأول، مسؤولية البلدية، فمن الطبيعي ومن البديهي أن على البلدية أيضاً أن تقوم بتوعية المجتمع.

الخطة التنموية

تدخّل وفيق الهواري قائلاً: ثمة نقطة أساسية، أريد الإشارة إليها، وهي أهمية وجود خطة تنموية. ومن خلال متابعتي للعمل البلدي، منذ زمن طويل، من خلال عملي كصحافي، لم أجد – للأسف – أن لدى أية بلدية في الجنوب خطة تنموية ما. لدى المجالس البلدية، برامج انتخابية، تتضمن مجموعة من المشاريع، ولكن لا وجود لديهم لخطة تنمية، تُوجِد الصِّلة الرابطة مابين المشاريع المطروحة، للوصول إلى غاياتها المرجوة، وحتى اتحادات المجالس البلدية، المفترض بها أن تكون بنًى وأُطراً بلدية تُعنى بوضع خطط تنموية على صعيد المناطق، للأسف، لا يوجد أي اتحاد لديه خطة تنموية، بل لديه أشباه دراسات لخطّة تنموية، من أجل ذلك، من المهم جداً، في أي انتخابات بلدية، إن أي قوة تريد طرح نفسها، على أنها هي بديل للقوى السياسية، في داخل البلدية، عليها أن تكون قادرة على إنتاج خطة تنموية، والخطط التنموية تعني، كيف أستطيع أن أجعل المجتمع المدني يتقدم، تقدماً تنموياً فعلياً، إن البلدية هي حكومة محلية، وذات سلطة فاعلة، فهي حكومة مصغّرة إذا عرفت كيف تستخدم صلاحياتها.

اقرأ أيضاً: نهاد المشنوق لـ«جنوبية»: لن نقبل بتأجيل الانتخابات البلدية

ردّ محمد عقل على المداخلات، إننا مصرّون، على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية، في موعدها كحقّ، لا يُؤجّل حصوله. وبالوسائل المدنية كافة، إضافة، وحسب رأي مستشارين قانونيين، إلى أنه بمستطاعنا جميعاً، وعبر المجلس الدستوري، أو سواه، أن نوقف قرار توقيف الانتخابات البلدية، ونضغط باتجاه إمكانية حصولها قانونياً، لأنها حق مشروع يحفظه القانون والدستور.

 

السابق
شكراً موقع «ملحق»
التالي
ميشال سليمان في رسالة إلى بان كي مون: لترسيم الحدود اللبنانية – السورية استنادا الى القرارات الدولية