في وجه حزب الله وحركة أمل.. صرخة في واد

حزب الله وحركة أمل

لم يتمكن الشيعة الرافضون لهيمنة قطبي الطائفة، حزب الله وحركة أمل،من تكوين تيار سياسي وثقافي راسخ،يعبر عن رؤاهم وتطلعاتهم،ويستوي منبراً فاعلا في وجه الآلة الإعلامية الكاسحة لحزب الله، والإحتكار الدولتي والخدماتي الذي تضطلع به حركة أمل، انطلاقا من موقع رئاسة المجلس النيابي، والتربع في المناصب الوزارية الهامة التي يشغلها أتباع الرئيس بري.ومع ذلك ظلّ الصوت الشيعي المستقل يحاول الإفلات من ربقة هذا الثنائي الرهيب.ورغم محاولات بعض رجال الدين بلورة حركة معارضة فاعلة من حين لآخر، إلا أنّ الأمر لم يلق َالنجاح المطلوب.

إقرأ أيضًا: هكذا حوّلت الثنائية الشيعية مشروع الليطاني الى «مجرور الليطاني»!
وظلّت الصيحات المعارضة تذوي أمام أمام السيطرة الكاملة للحزب، عسكرياً في الداخل والخارج، واجتماعيا واقتصاديا وتربويا وخدماتيا،واستمر الرئيس بري في تغطية مواقف الحزب والتّستر عليها، والإكتفاء بجني المكاسب الخالصة من حالة الفساد المستشري في أجهزة الدولة ومؤسساتها. واستباقاً لخطاب الامين العام السيد حسن نصر الله يوم الاثنين القادم، أرغب في إطلاق هذه الصرخة، علّها تلقى آذانا صاغية.

1- كان الشيعةُ على مدار تاريخهم ، ومنذ استشهاد الإمام الحسين بن علي،وترسُّخ الإمامة الروحية على يد أبنائه وأحفاده، قد دأبوا على ترك الدنيا والحكم والسلطان والإمامة، وأوكلوا أمرها لصاحب الأمر والزمان ،الإمام المهدي الذي عليه،وعليه وحده أن يملأ الدنيا عدلا ورحمة، بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً.وما زال جمهور الشيعة ، ومن ضمنهم شيعة لبنان، يؤمنون بهذا المسار الروحي بعيداً عن سلطان الولي الفقيه التي جاء بها السيد روح الله الخميني.
ويتلخّص هذا المسار بتفضيل المعنى على القوة أو السلطة، ثم تفضيل السلم على العنف، والمعرفة المنيرة على الجهل المؤسّساتي، والخروج من أفكار التكفير والتبديع التي أشاعتها كتب الفِرق والملل والنحل، وكان الشيعة أبرز ضحاياها.

2ـ ليس مطلوباً من الشيعة في العالم الإسلامي اليوم،المجاهرة بأنّهم يمتلكون ناصية «الدين الحقّ»،وأنّ الآخرين وقعوا في محضورات النحل والأهواء الضّالة، بل عليهم، كما درج أئمّتهم نقل العقيدة في محتواها وممارستها إلى مستوى أوسع،ومنظومة معرفية أكثر تفتُّحاً وأشمل إحاطة بما أضافته الحداثة المعرفية إلى الخطاب الديني، للوقوف في وجه الحركات الأصولية المُتشددة، فإذا كان الشيعة سيشاركون في نشر العنف السياسي والإجتماعي والحربي،وتعميم الجهل كما يفعل قادة الحركات الأصولية، فأي فرق بينهما؟،وأي رسالة يمكن إيصالها لإخوانهم في الدين وللأجيال الطالعة،إذا ما نشأت وتربّت في أحضان الجهل والتكفير والتعصب.

إقرأ أيضًا: يوسف سعادة: الثنائية المسيحية لا تشبه الثنائية الشيعية

3- ليس مطلوبا من قيادة حزب الله التخلّي عن سلاحها غداً،ولا الرئيس بري عن سلطته بعد غد. بل لعلّ المطلوب من قيادة الحزب أن تعود إلى تعاليم الله الذي يحمل حزبهم اسمه، فالمال عارضٌ وزائل،كذلك السلطان، ومعهما الدنيا بأسرها. لكن آن الأوان للحزب أن يستقلّ بقراره،ومعه مصير أبناء الطائفة،عن المشاريع الأيرانية التوسعية في المنطقة العربية، كما آن الأوان للتصالح مع محيطهم العربي الواسع بالإنسحاب من حروب سوريا المفتوحة،وصولا إلى التدخل غير المبرر في البحرين واليمن(ولو كلاميا ودعائيا). والعمل بإخلاص ووطنية لتقوم«دولتهم» الحقيقية،دولة لبنان الكبير،على حساب«دُويلتهم» المُصطنعة والتي لم يجدوا لها اسماً حتى الآن. أمّا الرئيس بري فعليه أن يتّعظ بما أصاب أسلافه ممن كنزوا الذهب والفضة، وغادروا هذه الدنيا باللعنات وبئس المصير.

مجرد صرخة علّها لا تضيع في وادٍ سحيق، أو يصرخ في وجهنا من يقول:

لقد أسمعت لو ناديت حيّاً

ولكن لا حياة لمن تنادي.

(لبنان الجديد)

السابق
السفير: مرض الملك سلمان يمنعه من اتخاذ اي قرار
التالي
هذا التنظيم.. هو نسخة جديدة عن «حزب الله»