دواعش «موديرن»… إياكم وعيد الأم رجس وفجور‏

21 آذار عيد الأم، ظننت للوهلة الأولى انها المناسبة التي لا يختلف عليها اللبنانيون أو الإنسانيون عامة، إلا أنّه وبكل أسف وقعت هذه المناسبة كغيرها من المناسبات المستوردة، بين التحريم والتحليل والإحاطة بالبدع...

مواقع التواصل الاجتماعي تحوّلت في الساعات القليلة الماضية ساحة للإفتاء، فبعض المتشددين لم يعترفوا بهذا اليوم “حرّموه” واعتبروه “بدعة”، وللأسف أكثر من اتخذوا هذا السبيل تناسوا في ممارستهم اليومية بوصلة المصلى أين هو؟!

ولا أكون بموقع الإفتراء إن قلت أنّ الجشع المادي والخوف من خسارة ثمن هدية، هي من أسباب رفض هذه المناسبة يضاف إلى ذلك الأنانية الرجولية التي تنظر للمرأة من علياء فتستخسر بهذه “الأم” عيدًا سنويًا.

إقرأ أيضًا: كيف أصبح عيد الأم «عربياً»؟

من حجج المحرمين الالكترونيين لهذا اليوم أنّه ليس من النص الديني ولا يدخل ضمن قواعد الدين الإسلامي، والبعض الآخر، يرى أنّ هذا اليوم قد ابتدعه الغرب ليتذكر به أطفال الزنا أمهاتهم، وليس من شريعتنا الإقتداء بهؤلاء الكفرة!

هذه الحجج لا تبتعد عن أهل الدعوى وفقههم، فالداعية سعيد عبدالعظيم، النائب السابق لرئيس الدعوة السلفية قال في هذا اليوم “عيد الأم ليس من العادات الحسنة بل هو من البدع القبيحة، ومن أراد تكريم الأمهات فعليه بالرجوع للكتاب والسنة”

في حين ان الداعية يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كان مرده إلى أنّ “المفكرون الأوروبيون وجدوا الأبناء ينسون أمهاتهم، ولا يؤدون الرعاية الكاملة لهن، فأرادوا أن يجعلوا يومًا في السنة، ليذكروا الأبناء بأمهاتهم، فتقليدهم بشكل أعمى يعد بدعة مُحدثة”

أما، فتوى أبو يحيى الحويني، نجل الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني، فتنص “إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية بدعا حادثة، لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح، وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضًا، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى”.

عيد الأم

هذه الفتاوى ومن اتبعها، يراها المثقف شاذة عن الدين الإسلامي ومفاهيمه، ولست هنا بوارد الإفتاء، ولكن ما تعلمناه دائمًا أنّ الإسلام دين العقل وأنّ تعاليمه خاضعة للإجتهاد وملائمة لكل عصر وجيل.

أولاً، لمن يعتبر هذا العيد بدعة مستندًا للرسول “ص”، فيما لم يكن بعصر الرسول هذه المناسبة ولم ينقل عنه تحريم أو استنكار تكريم الأم بيوم أو مناسبة.
ثانيًا، من يأخذ التحريم على هذه المناسبة لكونها “أوروبية المنشأ”، يضعنا أمام جدلية لا بد منها وهي العلوم والثقافة التي نقلها العرب عن الغرب، ناهيك عن الاختراعات والإرساليات والمناهج التعليمية..
فحتى الحاسوب الذي استعمله الآن “ليس إسلامي” وكذلك”هواتفنا النقالة” وسياراتنا والشاشات التي يطلّ منها الأئمة نفسهم.

تحريم عيد الأم لكونه غربي الهوية، هو تحريم أحادي الجانب، فما من ممارسة في هذا العيد تتعارض والشريعة الإسلامية، وتكريم الأم ليس بمعيبٍ ولا أظنني بالرسول “ص” كاره لهكذا تقدير لأمهات المسلمين.

إقرأ أيضًا: لن أحتفل بعيد الأم!

هذه الفتاوى التي تمتد وتفرض تأصلًا فكريًا، تسيء للهوية الإسلامية، وكم يحتاج الإسلام السني خصوصًا لكثير من الاجتهاد، وهذا ما يتمايز به الشيعة بطوائفهم إذ أنّه على الرغم من مفهوم “ولاية الفقيه” إلا انّ مفهومهم للإسلام أكثر ملائمة للعصر وأكثر تماهيًا مع حاجياته.

ختامًا، كل من يدعي أنّ عيد الأم بدعة وكل يوم هو “للأم”، ليخبرنا متى أكرم أمه آخر مرة أو أحضر لها هدية رمزية؟
هي الأم التي تمنح دون مقابل، والتي نتناساها دون مبرر، تستحق منّا يوم تكريم على الأقل.

السابق
بالفيديو: حادث سير مروّع في الرملة البيضاء
التالي
سلطان الطرب .. والوداع الأخير لوالده