سوريا تتفكَّك… ولبنان إلى المؤتمر التأسيسي؟

كتب طوني عيسى في “الجمهورية”: سوريا تتفكَّك… ولبنان إلى المؤتمر التأسيسي؟

مصير سوريا سيتحدَّد في هذه مفاوضات جنيف المعقدة جداً والطويلة جداً. وسيتولّى “قناصل الدول الكبرى” مهمة المصادقة على النتائج. ولأنّ كلاً من هؤلاء القناصل يتولّى دعم طرف سوري على الأرض، فالأرجح أنّ أحداً لن يستطيع مَحْوَ أحدٍ هناك، وسيتقاسم القناصل مناطق النفوذ في سوريا من خلال وكلائهم. وليست مصادفةً أن يبدأ الأكراد بالمجاهرة برغباتهم الفيدرالية، بدعم أميركي وروسي، فيما منطقة النفوذ العلوية باتت مرسومة، وحيث يكرِّس السنُّة أكثر من منطقة نفوذ لهم، في الشمال والشرق والجنوب. وعلى الأرجح، ستكون التقسيمات في سوريا مربوطة بالتقسيمات في العراق. فالكيان الكردي هنا سيحاذي الكيان الكردي هناك، والكيان السنّي أيضاً، سواءٌ بقيت “داعش” راعيةً له لمزيد من الوقت، أم تمّ إسقاطها نتيجة استنفاد مهماتها المرسومة. وستحتفظ طهران بالنفوذ الأقوى في هذه البقعة، لأنّ لها ارتباطاً بمعظم اللاعبين. وعندما تتبلور هذه المعادلة في سوريا والعراق، سيبدأ لبنان في تلمُّس المخارج. وإذا تمَّ ترسيخ منطقة نفوذ علوية من الساحل السوري إلى جنوب دمشق، على امتداد الحدود مع لبنان، فذلك يعني أنّ “حزب الله” لن يتخلّى عن المنطقة التي يحتفظ بها اليوم في البقاع والجنوب. وهكذا تكون المنطقتان العلوية والشيعية كيانين متلازمين أو حتى كياناً واحداً. وإذا حصل ذلك، سيكون لبنان قد تغيَّر تماماً والتحق مصيره بمصائر الكيانات الشرق أوسطية المجاورة. فالسنّة والمسيحيون والدروز اللبنانيون ستكون لهم خيارات اضطرارية عندئذٍ. لذلك، لن يعود لبنان إلى ما كان عليه، على الأرجح. فليس منطقياً أن تتغيَّر خرائط الشرق الأوسط وأنظمته وأن يبقى لبنان بلا تغيير. فالعناصر هي إياها، أو تتداخل، في كلّ الكيانات. وهكذا، يصبح واضحاً لماذا يُترَك لبنان لمزيد من الاهتراء. فإذا كانت مؤسساته صلبة ومتماسكة وتقوم بدورها، ستكون عملية التغيير المطلوبة صعبة. ومن هذه الزاوية يمكن النظر إلى عمليات التعطيل والفراغات والإمعان في دفع لبنان إلى اللاتوازن: من الفراغ الرئاسي إلى ضرب المؤسسات وحتى أزمة النفايات وتعميم الفضائح… وستحتاج كيانات الشرق الأوسط كلها إلى مؤتمرات تأسيسية، عاجلاً أم آجلاً. والذين يعمّمون الاهتراء في لبنان يعرفون ماذا يفعلون ليصلوا مرتاحين إلى هذا المؤتمر. وأما الرافضون للاهتراء فهم يجدون أنفسهم أمام خيارات تقود أيضاً إلى الاهتراء. فهل آن الأوان في لبنان لينتهي الدلع السياسي ويبدأ التفكير بواقعية؟

السابق
الراعي يذكّر باتفاق «الأقطاب الأربعة»: المرشحان من «8 آذار» تفضّلوا إلى المجلس
التالي
«حزب الله» إرهابي.. ماذا عن الشيعة العرب