أكبر عملية إنسحاب صوتي لقوة عسكرية روسية…

روسيا وسوريا
هي أكبر عملية إنسحاب صوتي لقوّة عسكريّة لم تطأ الأرض جنودها، وقد يكون تدخّلها في الفوضى السّورية البارحة أشبه بخرق الطّائرات المقاتلات لجدار الصّوت وانسحابها اليوم منها أقرب ما يكون إلى الصّدى المتأخّر المرتد عنها

الحرب طُوّرت وتطوّرت، وقد تكون من أول الأشياء التي سعت المخلوقات والكائنات إلى تطويرها منذ الهبوط الأول بنتيجة جين الشّراهة وحب التّملك، لها عالمها وفنونها وأساليبها ولها جولاتها وصولاتها، لكن الروسي في حربه هذه في يومنا هذا لم يكن أفضل حالاً من يوم إفتتاح دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي 2014 التي شهدت إستعراضاً مدهشاً تخلّلته أقوى العروض لكنّه إنتهى بإنتهاء الحفل.

كل مشكور محمود وليس كل محمود مشكور، وكل ملوم مذموم وليس كل مذموم ملوم، وليس ذلك القول على جهة اللّوم ولا على جهة الشّكر، إنّما الأمر بما ينال بالإستطاعة والتخيير. أمّا بعد قرار الرئيس بوتين، وعلى الرغم من غرابة القرار الذي لم يتوقعه على هذا النحو أبلغ الخطباء وأفصح المتكلّمين وأعظم المحرّرين المحلّلين الكاتبين والمراسلين بات لزاماً معرفة ما هو المقبل المتوقّع المجهول وعمّا إذا كان المطلوب أن تتحوّل سوريا إلى جيفة لتكون أحب إلى السّباع، ما نراه يخرج من نتن البطن ليس إلا فسائه. حرب العلكة الأمريكية لم تنته بعد، هي مازالت تحتفظ بطعمها، وما نحن بصدده اليوم ليس إلا بداية فصل جديد من مسلسل أمريكي طويل، وما حدث في السابق ويحدث حاضراً وسيحدث مستقبلاً سيبقى بين فكّيها وهو كالرّيق طالما بقي في الفم بقي عذباً لكن عندما يخرج منه يستحيل قرفاً، وهو لربما ما ظن به البعض وهماً. أمّا جحافل المتقاتلين فمثلها كمثل صغار التّماسيح تفقس بالمئات لكن القدر لا يبقي منها إلى واحدٍ، وفي أحسن الأحوال وأفضلها مثله سيزيد.

سوريا

إقرأ أيضاً: صرخة طرابلسية: هذا ما صنعه «حافظ الأسد» في مدينتي؟

لكن ما يستأهل الذكر هو أنّ أول آكليها هم أبناء جنسها والبقيّة الباقية على قلّتها وجبة تشتهيها من أجل البقاء الكواسر. ماذا فعل الصّديق اللّدود بإيران وحزبها؟ أهو أغرقهم أم أحرجهم أو بناء لطلبهم أخرجهم؟ أغرقهم في حرب الظّهور المنتظر حجّتهم أم أخرجهم خوفاً على نفسه من طمعهم؟ أو لربما هو بطلبٍ مبطًنٍ منهم أعانهم على إنجاز ما خجل من فعله قائدهم؟ أم هل ستنكشفت المذهبية بفعلهم وتستعر نار الفتنة أكثر بخروجهم؟ ماذا سيكون عليه الوضع في سوريا إن استفاق الخيار العربي عند الناس في العراق واليمن وفي لبنان وفلسطين والبحرين؟

إقرأ أيضاً: هل تنجو الصحافة الورقية اللبنانية من الهلاك؟

أسئلة كثيرة ستجيب عليها مع الأيام الأفعال، ولكن الجواب الواضح منها والصّريح هو أن إيران خرجت من حصار لتدخل في حصار، إلى حيث خرجت أول مرة، إلى داخل حدودها، إلى ما قبل عام الثورة الخمينية في 1979، ستجمّد غصباً عنها مشروعها التّوسعي وتتقوقع لزمانٍ وستصارع أمعاؤها أبواتها، سيكون لها كل ذلك لأنها أعطت العطيّة فلما شبعت رجعت فيها، وستخسر لأنها عاملت من أحسن إليها لعشرات السنين بمثل من حالفته من بضع سنين، سيكون لها حتماً ما كان لمن إتّبع من أجاعه و أهانه.

السابق
انتشار قوى امنية رسمية في محيط منطقة صبرا واخلاء مدارس الفاروق المقاصد
التالي
البحرين ترحيل 30 لبنانياً والقبض على شخصين بتهمة بيع صور لـ «حزب الله»