مقتدى الصدر… صحافي لاذع باسم مستعار

يحاول «الحمائم» في تيار مقتدى الصدر، التخفيف من احتمالات الصدام بينه وبين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على خلفية تعديل وزاري مثير للجدل قد يضع أهم مفاصل النفوذ مجدداً بيد حزب الدعوة الذي ينتمي إليه الأخير، ويقول معتدلو الصدريين إن الاعتصام غير المسبوق، الذي سينفذه تيارهم الجمعة المقبلة أمام بوابات المنطقة الخضراء، «مقر السلطة»، هو خطوة داعمة ومساندة للعبادي نفسه، الذي يواجه ضغوطاً من بقية الأحزاب في محاولته إنقاذ البلاد من انهيار أمني واقتصادي.
لكن الصدر نفسه لا يساعد أتباعه على دعم هذا التفسير، بل يفعل العكس، ففي الأسبوع الماضي وصف العبادي بأنه نسخة تشبه القذافي، حين حاول رئيس الحكومة العراقية تحذير المتظاهرين من خرق القانون.

اقرأ أيضاً: هل توقع الجبير الإنسحاب الروسي قبل أسابيع؟

ثم عاد الصدر ثانية، ولكن باسم مستعار هذه المرة، ووصف العبادي بأنه «الأقرع» الذي يزعم أن فتنة كبيرة ستنجم عن اعتصامات الصدريين!
ومن المعروف أن الصدر الذي صار «النجم الأبرز» في نشرات الأخبار أخيراً، يكتب مقالات لاذعة وساخرة شبه أسبوعية، باسم مستعار هو «صالح محمد العراقي»، تستقطب عشرات الآلاف من المتابعين، الذين يعتقد بعضهم بأن هذا الكاتب هو الصدر نفسه، بينما يتصور آخرون أنه كاتب مجهول مقرب جداً للصدر، لأنه ينشر صوراً ومعلومات خاصة وحصرية عن زعيم التيار الصدري بشكل مستمر، كما أن الصدر أوصى بمتابعة مقالاته.
وفي المقال نفسه كان «صالح محمد العراقي» يهاجم شخصية أخرى، هي وزير الخارجية إبراهيم الجعفري. فقد دافع الأخير عن حزب الله اللبناني في اجتماع الجامعة العربية الأخير، ما جعل الوفد السعودي ينسحب احتجاجاً، ومع أن بغداد الرسمية لم تكن مرتاحة لما فعله وزير خارجيتها، إلا أن أي شخصية شيعية لم تجرؤ على انتقاد الجعفري «المدافع عن المقاومة»، باستثناء الكاتب المقرب للصدر، أو الذي هو الصدر نفسه، الذي كتب بسخرية عن الجعفري، مؤاخذاً إياه على دفاعه عن حزب الله اللبناني، ووقوفه في آنٍ واحد ضد التيار الصدري «الذي قاوم جيوش أميركا».
وهذه إشارة إلى أن الجعفري الذي كان مقرباً من الصدريين يوماً ما، بات منذ سنوات يساند حزب الدعوة والعبادي وسلفه نوري المالكي ضد تيار الصدر.

الصحافة اللبنانية
ومع اقتراب يوم الجمعة تكون بغداد أمام حدث غير مسبوق، وهو اعتصام آلاف الشيعة ومعهم مئات العلمانيين، أمام مقر الحكومة لمحاصرة العبادي عملياً، ومنعه من تشكيل حكومة «أمر واقع» موالية له تخرق قواعد الشراكة تحت لافتة «الإصلاحات الضرورية».
لكن الصدر نفسه يظهر بمظهر غير مسبوق، فهو معارض للعبادي ساخر منه، ومحتج على مكانة حزب الله اللبناني لدى «الخارجية العراقية»، ومعترض بقوة على الميليشيات المقربة لإيران، وهو في الوقت ذاته يهاجم الولايات المتحدة بمناسبة ومن دون مناسبة، ويبدو أنه مستمتع بهذا الدور وبقدرته على الإمساك بقلب بغداد الحيوي، كما أنه يستمتع بتناقل وسائل الإعلام في العراق ولبنان، أنباء عن محاولات اغتياله، ويفندها عبر صفحة «فيسبوك» التابعة لكاتبه المفضل «صالح محمد العراقي»، أما الأكثر إثارة فهو أن عراقيين من كل الطوائف لا يخفون حماسهم لتهديدات الصدر للحكومة، ويتابعون باستعجال مشهد الصدام الكبير بين الجمهور الشعبي الذي يقوده، وطبقة المسؤولين في مقار الحكومة، وهو ما قد يجعل التيار الصدري يتعامل ببرود مع وساطات كثيرة تحذر من عواقب اعتصام الجمعة، وتدفعه إلى تجربة صيغة جديدة من المناورات السياسية، منعاً لحزب الدعوة من الاستيلاء على أكبر الملفات السيادية في البلاد، كما يقول أنصاره.

(الجريدة)

السابق
بيان لتيار الغد السوري في ذكرى انطلاق الثورة
التالي
سبعون عاماً على المحكمة العسكرية: ثم ماذا؟