بعد الانسحاب الروسي… من شيطانك الاكبر يا «سيد حسن»

لم تكن المفاجأة التي أعلنها يوم أمس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متوقعة، لا بالنسبة للخصوم ولا الحلفاء، فقرار الإنسحاب من سوريا شكّل حدثاً سريعاً قلب الأوراق وبدّل كل الاستراتيجيات المطروحة.

ولكن وبعيداً عن الساحة السورية وتطوراتها لا بد لنا من التساؤل لبنانياً: متى سيطل السيد حسن نصر الله؟
ممّا لا شكّ به أنّ حزب الله كما النظام السوري فوجئ بالقرار الروسي الذي ما زالت التحليلات السياسية تدرس أبعاده حتى اللحظة، والتي يشير البعض منها إلى تقارب روسي – سعودي، فيما يؤكد البعض الآخر على قرب نهاية بشار الأسد، وفي حين هناك شبه إجماع على أنّ سقوط النظام أصبح وشيكاً، لا بد لنا من العودة للداخل ولحزب الله الذي هو طرف أساسي بالحرب السورية أولاً، واليمنية ثانياً وليس آخراً

إقرأ أيضاً: الإنسحاب الروسي من سوريا…خديعة للجميع!

من المؤكد أنّ اتصالاً جرى بين السيد حسن وبشار الأسد ليل أمس، لا سيما وأنّ الصحافة المتابعة للشأن السوري أكدت أنّ النظام لم يكن على علم مسبق بالإنسحاب، وأنّ إعلامه والإعلام الإيراني تدارسا كيفية نقل الخبر بصورة لا يظهر بها جلياً التخلي الروسي عن الأسد.

حزب الله ليس بتاجر كما الروسي، وبالتالي لن يبيع بشار الأسد كما القيصر بوتين، يضاف إلى ذلك أنّ الحزب لم يعد يحظى لا بشرعية عربية ولا بحاضنة لبنانية “اللهم إلا المذهبية الشيعية”، فكيف سيعود إذا هو وعتاده وهزائمه إلى لبنان، وهو صاحب النصر الإلهي؟!

السيد حسن نصر الله
السيد حسن نصر الله

بداية الخطوة الروسية تجعلنا نتوقف عند عدة نقاط شهدناها في المرحلة الأخيرة وهي، زيارة الحريري الخاطفة إلى السعودية، وتوجيهه دعوة إلى السيد حسن للعودة إلى لبنان، وإعلانه أنّ الانتخابات الرئاسية سوف تجري في نيسان، اضافة الى المعلومات الصحفية التي تشير إلى تقارب روسي – سعودي.

ترابط هذه الخيوط يوحي بدلالات مختلفة، أنّ التصعيد الخليجي ضد الحزب جاء مدروساً ومتزامناً مع استمالة الدب الروسي، وبينها أيضاً أنّ زيارة الحريري للسعودية لم تكن بالعائلية وإنّما للإضاءة على المرحلة القادمة، وهذا ما تشيره دعوة الحريري للحزب أن يعود إلى لبنان.

يضاف إلى ذلك أنّ السعودية ودول الخليج عموماً لا تتمحور مشكلتها مع حزب الله “كحزب” وإنّما كحليف للنظامين السوري والإيراني، وكمنابر شتّامة تهين العرب وتمسّ بهيبتهم وكرامتهم.

ممّا يعني أنّه باللحظة التي يعود بها حزب الله ملبياً دعوة الحريري، ستعاود الخليج دراسة علاقتها مع الدولة اللبنانية كدولة مستقلة لا دولة خاضعة لدويلة الحزب

حزب الله أمام  هذه التداعيات المتسارعة في موقف لا يحسد عليه، ولكن وفي المقابل ومع كل التضييق على وجوده، ما زال هناك من يطلب منه العودة إلى الشرعية اللبنانية، وهذا الخيط الواهي بينه وبين الدولة عليه ان يقوّيه ويبني عليه للمرحلة القادمة ليتحوّل الى حبل نجاة له وللبنانيين أجمعين.

فهل يمتلك السيّد من الجرأة ما يكفي ليتخلى عن الأسد وعن المشروع الفارسي وعن الإيديولجيا الإيرانية، أم أنّ التكليف الشرعي للحرب السورية لا يتأثر لا بإنسحاب روسي ولا بهزيمة حتى، وهذا ما يجعل لبنان تحت خطر آخر، لأنّ الحزب- الإلهي صاحب “الوعد الصادق” لا يهزم ولا يتراجع، ممّا يعني أنّ الساحة متاحة لتكرار سيناريو 2006 وربما عبارة “لو كنت أعلم”.

إقرأ أيضاً: عندما قالت سورية… لا للأسد

ففي هذه المرحلة، إن لم يتراجع حزب الله عن خطيئته، فذلك قد يعني أنّ حرباً قريبة مع اسرائيل سوف نشهدها، تمنح للحزب شرعية الخروج من سوريا، فالتكليف ضد الصهيوني أكثر شرعية من تكليف ضد الشعب السوري، مما يرغم اللبنانيين والعرب على الإعتراف مجدداً بأنّ حزب الله هو مقاومة لبنانية ضد العدو الإسرائيلي.
في ظلّ كل هذا لا يسعنا سوى انتظار إطلالة قريبة للسيد حسن نصر الله، ولا نستبعد ان يعلن فيها بأنّ الروسي مشاركاً بالمؤامرة الكونية ضد المقاومة وبشار الأسد، ولربما تتحوّل عبارة الشيطان الأكبر التي انتقلت من أميركا إلى السعودية، فتنتقل مجددا للمحور الروسي!

السابق
رسالة تهنئة لتيار الغد السوري
التالي
كشف جهاز تجسس مجهز بلاقط قبالة مركبا