كلمة اليزابيث ريتشارد السفيرة المرشحة الى لبنان

الرئيس كوركر، عميد اللجنة السيد كاردان ، أعضاء اللجنة، شكرا لكم على إتاحة الفرصة لي للمثول أمامكم اليوم. وقد تشرفت بقرار الرئيس أوباما بترشيحي سفيرة للولايات المتحدة فى لبنان. وفي حال تم اعتمادي كسفيرة، فإنني أتطلع إلى العمل عن كثب مع أعضاء هذه اللجنة على تحقيق أهداف سياستنا في لبنان.

على مدى ثلاثين عام من العمل في سلك الخارجية الأميركية، كان لي شرف الخدمة في بعض بعثاتنا الاكثر تحديا، بما في ذلك العمل في أفغانستان وباكستان ومؤخرا في اليمن. وخلال بذلي جهودي الدبلوماسية لتحقيق أهداف سياسة الولايات المتحدة، إضافة إلى الاشراف على المساعدات الأمنية ومكافحة المخدرات والبرامج المتعلقة بالاقتصاد والحكم الرشيد، قد رأيت بنفسي كم تستطيع الولايات المتحدة أن تكون مؤثرة عندما تكون منخرطة على الارض. إن الآثار المترتبة على مصالحنا الوطنية بسبب الأزمات المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط تجعل من وجود الولايات المتحدة في القيادة أكثر ضرورة من أي وقت مضى.

تشهد منطقة الشرق الأوسط فترة من عدم الاستقرار لم يسبق لها مثيل، وجذور عدم الاستقرار هذا عميقة وشاملة بسبب: ضعف الشرعية السياسية، وعدم فعالية المؤسسات، والاقتصادات الهشة، والطائفية الدينية. وفي وسط هذه الخلفية من عدم اليقين، يبرز صمود الشعب اللبناني. فلعدة قرون، كان لبنان نسيج غني من الأديان والأعراق المختلفة. إن احترام الحرية الدينية والتسامح الطائفي تكمن في صميم الهوية اللبنانية، ويجب علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لمساعدة لبنان على الاستمرار في التمسك بهذه المبادئ. واذا تمّ اعتمادي كسفيرة، سوف أكرس نفسي لمواصلة تعزيز شراكتنا مع لبنان.

يواجه لبنان اليوم ثلاثة تحديات رئيسية هي: الآثار الجانبية للنزاع في سوريا، والتي جلبت إلى لبنان أكثر من مليون لاجئ، وأزمة سياسية أعاقت بشدة عمل المؤسسات الحكومية وحرمت الشعب اللبناني من خدمات أساسية؛ وبالطبع، أنشطة حزب الله، وهو منظمة إرهابية تضع مصالحها الخاصة ومصالح داعميها الأجانب قبل مصالح الشعب اللبناني. إن شراكتنا مع مؤسسات الدولة الشرعية في لبنان ومساعدتنا للشعب اللبناني ضرورية في مساعدة لبنان على معالجة كل من التحديات الثلاث.

لقد أذهلني الكرم الذي لا يصدق من قِبَل البلدات والقرى في جميع أنحاء لبنان من خلال استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري. وأنا فخورة جدا أيضا بكرم الشعب الأميركي. إن مساعداتنا للاجئين السوريين والمجتمعات اللبنانية التي استضافتهم منذ ما يقارب الخمس سنوات ساهم في تخفيف العبء الهائل على هذا البلد. في الشهر الماضي، في لندن، أعلن وزير الخارجية كيري عن مبلغ 133 مليون دولار أميركي كمساعدات إنسانية جديدة، مما يجعل مساهمة الولايات المتحدة في لبنان تتعدّى 1.1 مليار دولار منذ بداية الأزمة. إن وزارة الخارجية ممتنة للكونغرس على دعمه هذه المساعدة، مما يدل على عزم أميركا الراسخ في معالجة واحدة من أكثر الحالات ايلاما للقلوب في العالم اليوم. واذا تم اعتمادي، سوف أعمل جاهدة على مساعدة لبنان على مواجهة هذا التحدي الإنساني الهائل.

إن الجماعات المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة تشكل تهديدا خطيرا للبنان ولمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. وقد لعبت شراكتنا مع القوى الامنية اللبنانية دورا حاسما في الحفاظ على أمن لبنان ضد هذه التهديدات. لبنان هو أيضا عضو في التحالف الذي نقوده لمحاربة داعش. وفي حال اعتمادي، سوف أبذل قصارى جهدي من أجل البناء على أساس العلاقات القوية بيننا وبين الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. إن تفجير 12 تشرين الثاني الذي وقع في بيروت، والذي أسفر عن مقتل 41 من المدنيين الأبرياء وجرح الكثير، هو تذكير مأساوي بالتهديد الذي تشكله داعش. لقد تأثرت عندما علمت أن الكونغرس الأميركي قد وقف دقيقة صمت بعد وقت قصير من الهجوم. وأظهرت هذه اللفتة أن الشعب الأميركي يقف جنبا الى جنب مع الشعب اللبناني فيما يواجه داعش ومتطرفين آخرين.

من خلال هذا الدعم السخي من الكونغرس، نقوم بدعم الجيش اللبناني بالمعدات والتدريب الذي يحتاجه لمحاربة داعش وغيره من المتطرفين. إن مساعداتنا الأمنية إلى الجيش اللبناني، التي فاقت 150 مليون دولار خلال السنة المالية 2015، قد أدت إلى فرق حقيقي على أرض الواقع. فقد حوَّل الجيش اللبناني التيار ضد داعش على طول الحدود الوعرة مع سوريا، بحيث لم يعد الشمال الشرقي للبنان في خطر داهم من قِبَل الجماعات المتطرفة، والطائرات الحربية اللبنانية باتت الآن تستخدام صواريخ هيلفاير التي زوّدت بها الولايات المتحدة الجيش اللبناني لتحديد مكان الإرهابيين والقضاء عليهم. كما أن شراكتنا مع قوى الأمن الداخلي لا تقل إثارة للإعجاب. على سبيل المثال، إن قوى الأمن الداخلي المدربة من قِبَل مكتب التحقيق الفدرالي (FBI) تقوم الآن بإجراء تحقيقات الادلة الجنائية للمساعدة في تحقيق العدالة للشعب اللبناني في حالات الهجمات الإرهابية والجرائم الخطيرة.

يحتاج الأمن الحقيقي للدعم من قيادة سياسية فعَّالة. ويشهد لبنان عدم وجود رئيس للجمهورية على مدى سنتين تقريبا – وهذا وقت طويل جدا. لقد حان الوقت الآن ليتمسَّك لبنان بمبادئه الديمقراطية ولينتخب رئيس وفقا للدستور اللبناني. إن الشعب اللبناني يستحق حكومة قادرة على تقديم الخدمات الأساسية، وتعزيز الرخاء الاقتصادي، ومواجهة التحديات الأمنية الأكثر إلحاحا في البلاد. وقد كان موقف الولايات المتحدة واضحا وثابتا: لبنان بحاجة، ودون تأخير، الى رئيس، وإلى مجلس وزراء يعمل بشكل كامل، والى برلمان. هذه أولا، وقبل كل شيء، مسؤولية لبنانية. فاللبنانيون هم من لديهم المصلحة الاكبر في نجاح بلادهم. ومن خلال ريادتنا في “مجموعة الدعم الدولية” للبنان، دفعت الولايات المتحدة المجتمع الدولي للتحدث بصوت موحَّد في الدعوة إلى وضع حد للشغور في المنصب الرئاسي. وفي حال تم اعتمادي، سوف أكرس نفسي لدعم اللبنانيين في جهودهم الرامية إلى وجود حكومة فاعلة.

في حال اعتمادي، أتطلع قدما للعمل مع الأصوات اللبنانية الداعية الى الاعتدال والتقدم من أجل دعم سعي لبنان الى السيادة والاستقلال الكاملين. إن التدخّل الجاري لحزب الله في سوريا لدعم نظام الأسد، والذي اضطلع به من دون موافقة الشعب اللبناني، يتناقض مع إعلان بعبدا في العام 2012، والذي ينص بوضوح وحكمة على سياسة النأي بالنفس عن التورط الخارجي. إن أنشطة حزب الله في سوريا تخلق تحديات أمنية خطيرة على لبنان. واذا تم اعتمادي، سوف تكون مهمتي القيام بكل ما في وسعي لدعم لبنان في ممارسة سيادته الكاملة في جميع أنحاء البلاد والمساعدة في بناء الجيش اللبناني المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان.

إن الادارة (الاميركية) تؤيد بقوة قانون منع التمويل الدولي عن حزب الله (Hizballah International Financing Prevention Act) الذي أقره الكونغرس في كانون الأول الماضي. وقد أوضحنا للجميع أن هدفنا هو تفكيك الشبكة المالية الدولية لحزب الله فيما ندعم المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني. سوف يسهم ذلك بشكل مباشر في تعزيز الرخاء الاقتصادي في لبنان. إن نجاح القطاع المصرفي اللبناني، وهو العمود الفقري لاقتصاد البلاد، يعتمد على التمسك بسمعة هي في الاصل ممتازة فعلا. ولدى كل من لبنان والولايات المتحدة مصلحة في ضمان الا يخترق حزب الله القطاع المالي اللبناني. واذا تم اعتمادي، سوف أكرس نفسي للعمل مع القطاع المالي اللبناني لتعزيز تعاوننا في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب.

إن التزامنا تحقيق الازدهار الاقتصادي في لبنان هو أحد الركائز الأساسية لعلاقاتنا الثنائية. إن مساعداتنا التي تتراوح من المنح الجامعية لتنشئة جيل جديد من رواد الاعمال اللبنانيين، إلى مشاريع المياه والصرف الصحي للمجتمعات الريفية، تساعد لبنان على التعامل مع التداعيات الاقتصادية لمنطقة تعاني من الاضطرابات. وفي حال تم اعتمادي، آمل في توسيع التجارة بين لبنان والولايات المتحدة، وتعزيز صادرات الولايات المتحدة إلى لبنان. وفي حال انضم لبنان إلى منظمة التجارة العالمية فإن هذه الخطوة سوف تشكل تطورا إيجابيا، ونحن على استعداد للمساعدة في تحسين ربط لبنان بالاقتصاد العالمي.

والأهم من ذلك، أودّ التذكير بأن لبنان هو أرض مقدسة للدبلوماسيين الأميركيين ولزملائنا العسكريين. لن ننسى أبدا التفجيرات المأساوية لثكنات المارينز والسفارة الاميركية في بيروت في العام 1983. وفي حال تم اعتمادي، سوف يكون أمن وسلامة جميع الأميركيين في لبنان من أهم اولوياتي ، ولا يوجد بالنسبة لي أي عمل أكثر أهمية.

سيدي الرئيس وأعضاء اللجنة، أود أن أعرب عن خالص تقديري لهذه الفرصة لأتوجه إليكم. وأنه في حال تم اعتمادي، إنني أتطلع إلى رؤيتكم والعاملين معكم في بيروت، وارحب بهذه الفرصة للإجابة عن أي سؤال لديكم. وشكرا.

السابق
زعيم كوريا الشمالية يعدم وزير البيئة بسبب أحوال الطقس
التالي
صاحب فتوى «إياكم واللايك» يعتزل الفيسبوك!