الحريري في «كلام الناس»: حجر شطرنج أم لاعب؟

أطلّ الرئيس سعد الحريري في حلقة الأمس من برنامج كلام الناس، وهي الإطلالة الأولى له في لقاء حصري بعدما مزّق تذكرة الـ "وان تيكت" وقرر الإستقرار أخيراً في لبنان..

بالرغم من كاريزما الزعامة المتمثلة بإرث والده الشهيد والتي تحيط بالرئيس الحريري، ومن محبة الحاضنة السنية خصوصاً واللبنانية عموماً له، إلا أنّه في حوار أمس تحوّل من قائد إلى محاور سياسي، ومن ممسك بزمام الأمور إلى من لا يمتلك في السياسة اللبنانية ما يأخذه الا بإيعاز من الحلفاء، وما يبصمون عليه.

هذه الصورة التي تمظهر بها الحريري في حلقة الأمس تعود لعدة أسباب، الأول أنّه لم يأتِ بجديد، مخيباً بذلك آمال من انتظروه ومن كانوا يبنون على هذا اللقاء الحصري وعلى ما سيصدر به من مواقف تقلب الطاولة وتغير البوصلة السياسية التي حوّلت لبنان من وطن إلى مستعمرة أو كتوصيف أدق إلى دويلة يديرها حزب الله.

السبب الثاني، وهو الاعتدال والوسطية المبالغ بهما، ومحاولات الحريري فتح خطوط التقارب مع كافة الأطراف، لاسيما وأنّ اعتدال الحريري و وسطيته لم تقابل بيد مبسوطة من الاخر، وبقيت من جهة واحدة هي جهته فقط.

سعد الحريري في كلام الناس
سعد الحريري في كلام الناس

فالرئيس الحريري الجالس على طاولة الحوار، اصبح يعارضها اقرب مقربيه ويقول انها اشبه بشهادة زور، فلا قرار لفريقه سوى القبول بما يقوله الأخر المسيطر بالسلاح، وغني عن القول ان تقديمه التنازلات المتتالية لفريق 8 اذار جعله يخسر شعبيا كما في ترشيح سليمان فرنجية الاخير لرئاسة الجمهورية، مع ان الاخير اظهر عجزه وعجز الحريري الذي رشحه، عندما خضع لارادة حزب الله ومعسكره الممانع فقال فرنجية انا التزم بفريق 8 اذار وقراراته، ولم يجرؤ على النزول الى المجلس النيابي لينتخبه النواب كما هو مفروض، وذلك في مهزلة ديموقراطية قل نظيرها.

إقرأ أيضاً: لغة الضاد عند «سعض الحريري» والـ«V» عند نصرالله
السبب الثالث، وهو محاولة الحريري اليائسة للانتقال من “كادر” الزعيم السني الوطني، إلى حالة الزعيم اللبناني الجامع، هذه الخطوة التي لم يلتفت سعد قبلها إلى أنّ زعامته هي من ارث دم الشهيد ، وأنّ من منحه القدسية السياسية هي الحاضنة السنية أولاً ومن يتقاطع معها من سائر الطوائف ثانياً.
هذه الخطوة الناقصة، أبعدت الحريري عن من منحوه الزعامة ولم تمنحه لقب “الرئيس الوطني”، فلا حافظ على بلح الشام ولا نال عنب اليمن.
وعن إطلالة الحريري أيضاً، فقد كرر أكثر من مرة عبارة “ما حدا أكبر من بلدو” محاولاً أن يبرر للمشاهدين ما قد صنفه البعض منهم “تنازلاً”، ويبدو أنّ سعد رفيق الحريري لم يلاحظ أنّ الوطن أصبح أصغر الصغائر وأنّه لا بد لأحد “وطني” أن يمسك بهذا الوطن، فيكبر به ضد كل الاستراتيجيات الحزب – الهية، وضد كل المخططات الايديولوجية، ولم يلاحظ أنّه نفسه يمتلك هذه المقومات اللاطائفية لإعادة صيغة الوطن بتقاطعه وتلاقيه مع الزعيمين بري وجنبلاط في كثير من الملفات.

إقرأ أيضاً:  «سعد الناس» نجم السوشيال ميديا في « كلام الناس»

ببساطة،الحريري يوم أمس ظهر كما اللاعب المرتبك على طاولة الشطرنج تحركه أولاً وثانياً وأخيراً كل الضروريات التي يصنفها بحسّه اللبناني وطنية، وبين مربعات لوحة الشطرنج واللونين الأبيض والأسود قد يصافح الحريري نصر الله وإن لم يسلم قتلة والده، كما أنّه قد يناقض كلامه فيتحاور مع الحكومة السورية والسبب “ما حدا أكبر من بلدو”!

في كلام الناس، لم يقدم الحريري جديداً لهؤلاء الناس إلا في فن الحديث الذي تحسن مستواه عمّا سبق.. فكل شيء كان مكررا، حتى صور السيلفي مكررة!

السابق
نقل حسن يعقوب من المستشفى الى سجن روميه… والعائلة تهدد
التالي
مجلس وزراء الخارجية العرب: حزب الله منظمة إرهابية