بسبب تحرير اليمن وسوريا… ضاعت فلسطين؟

فلسطين
ما يؤخر تحرير القدس هو دخولنا في معارك ليست لنا ولا مفروضة علينا، بل هي رد جميل لدول قامت اصلا بواجبها كدولة عربية حين سمحت بتمرير السلاح لقتال اسرائيل.. فلبنان لطالما قدّم الطاقات والشباب وسخّر الإعلام لدعم المناضلين في شتى أصقاع الأرض. فإلى متى هذا الهدر والإستنزاف؟

أخذ الحزب الشيوعي اللبناني، كما غيره ايام الحرب الاهلية والقتال ضد اسرائيل، من ليبيا دعماً سياسياًّ وماليّاً وعسكريّاً كبيراً كحركة وطنية أولا وكحزب ثانيا، وعندما دخلت ليبيا في حربها مع الجارة التشاد كان لا بد للحركة الوطنية من أن تفي بالتزاماتها تجاه معمرالقذافيّ. فأرسل عندها كل من الحزب التقدمي الإشتراكي، والحزب السوري القومي الإجتماعي، والحزب الشيوعي اللبناني، وعددا من القوى الفلسطينية كالجبهة الشعبية، والقيادة العامة، والجبهة الديموقراطية متطوعين من لبنان يصل عددهم الى أكثر من ألف شاب للقتال على الجبهة التشادية-الليبية. علما انه لم يذكر أحد ما عدد الذين سقطوا في معركة القذافي- التشاد من اللبنانيين والفلسطينيين.

هذه الحادثة باتت معروفة مؤخرا بشكل واسع، وهي التي حصلت خلال السبعينيات من القرن الماضي.

اليوم، وخلال القرن الواحد والعشرين، أطلّ علينا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليخبرنا ما مفاده ان حزب الله ارسل شبابه الى البوسنة والعراق واليمن وسوريا.. ليقاتلوا وليدافعوا عن أرض ليست بأرضهم، وعن قضية ليست بقضيتهم الا لناحية العقيدة الإسلامية التي ترى جميع الأراضي أرضا واحدة. وهذا الخبر الذي أطلقه السيد نصرالله ليس بجديد فهو معلوم منذ مدة ويكتب وينشر في جميع الوسائل الاعلامية المحلية والعالمية.

لكنه السيّد لم يفصح سبب تكتّمه وحزبه عن تلك المعلومات، ولماذا ظلّ ناكرا لها طيلة الفترات الماضية، فحين كان يُسأل عن عماد مغنية كان ينكر أية علاقة للحزب به. الى ان استشهد وتم الكشف عن أدواره المهمة في لبنان وفلسطين والعالم.

خسارة حزب الله في سوريا

إقرأ أيضاً: مسلمو بورما بعد خطاب السيد السني يستنجدون «وا نصر الله»

علما ان الفكر الإسلامي الذي يُنظّر لعالميته وأمميته، هو نفسه ايضا الذي يُبيح للشيشان والأفغان والباكستانيين والصومال والسودانيين والتوانسة والفلسطينيين أنفسهم، والأوروبيين المتأسلمين، وهلم ّجرا- هو الذي يتيح للمسلمين في جميع انحاء العالم التوجه نحو سورية للقتال داخلها والمساهمة في خرابها وفي إبعاد الحل سنوات وسنوات.

ولكن اذا سلمنا جدلا بالفكر الإسلامي العالمي والشبيه الى حد بعيد بالأممية الشيوعية التي دفعت الحركة الوطنية لرد الجميل لليبيا على حساب لبنان وشباب لبنان، هل يعني هذا استباحة الحدود والأنظمة والسيادة والعلاقات الدولية؟ هل ثمة إجازة قانونية او شرعية تسمح لهؤلاء باختراق حدود بلد ما والمشاركة بحرب عصابات داخل أراضيه، باسلوب أقلّ ما يقال فيه انه يشبه عمل مرتزقة؟

اذا كان الدافع هو الدين والغيرة على المسلمين، فلا بد من القول ان أيّ نظام له معارضوه وله مؤيدوه، فلماذا لا تستغل بعض الدول معارضات بعض الدول الأخرى لتحريك الجبهات الداخلية فيها ولإثارة الفتن الشغب والعبث؟

ولماذا نستنكر جميعنا دور الساسة الأميركيين والغربيين بشكل عام، عند انفضاح أدوار سفرائهم ومبعوثيهم من خلال تدخلهم بسياسة هذا البلد او ذاك تحت عنوان “مصلحة” للغرب الأوروبي والأميركي الا وهو نشر “الديموقراطية” والحرية!

وهل كان مقبولا وممكنّا لأية جهة حزبية عربية ان تستغل تحركات الشعب الإيراني خلال انتخابات العام 2009؟ اضافة الى اتهام الحراك المدني اللبناني بأنه يُحرك من قبل السفارات الأجنبية؟

معركة حزب الله في سوريا

ان شبابنا اليوم يذهبون الى سورية، التي تحيط بنا، وهي على حدودنا، ووجود الإرهابيين فيها يُهددنا.. نعم، لكن بعد الحديث الروسي عن “فدرلة” سورية، ماذا سنجنيّ يا ترى؟ وماذا جنينا غير أننا أبقينا على رأس النظام “بشار الاسد” الذي ضعف و لم يعد بإمكانه ان يفيد بشيء؟

إقرأ أيضاً: ما لا تعرفونه عن «شيعة السفارة»

ما هو ثمن دماء شهدائنا الشباب اليافعين والقياديين الكبار؟ ومن سيحفظ حقنا في الأمن والأمان بعد هذا العدد الهائل من التضحيات؟ خاصة ان الخريطة الموزعة لسورية الجديدة لن تجعلنا نعيش الهدوء على حدودنا الشمالية، فهل سنظل حرس حدود للنظام السوري الذي لن يحكم إلا دويلة طائفية على قياسه؟ ها نحن نرد له الجميل هنا، كما فعلت الحركة الوطنية. لكن أليسَ الأجدى بدفع هذا الثمن الباهظ من اعمار شبابنا باتجاه فلسطين فقط؟ وعدم إضاعة البوصلة؟

بالأمس عتبنا على اليسار، واليوم وغدا سنعتب على حزب الله، حين قلت يا سماحة السيد “أن مأساة اليمن فاقت مأساة فلسطين”!!

إقرأ أيضاً: ناشطون: هذه مؤسسات حزب الله …قاطعوها

يا للعجب…

ان كنا إسلاميين أمميّن فلنجهز جيش المليون شهيد، كما كان يقال، والذي مهمته تحرير القدس. علما ان أدبيات السيد موسى الصدر تقول:”ان اسرائيل غدة سرطانية يجب ان تزول من الوجود”، وبزوالها تسقط الأنظمة الداعمة لها.. فلماذا لا نعمل برأيّ موسى الصدر ونعمل لتحرير الأقداس؟ فلا تضيع طاقاتنا في معارك ثانوية تؤخر تحقيق هدفنا؟

السابق
واشنطن حذرت من كارثة في حال انهيار سد الموصل
التالي
هذه «دبيّ» التي غرقت بالسيول… وليست بيروت!