عن يوم المواطن الطرابلسي…

ايها الطرابلسي لن تأخذ حقك في تشغيل محطات التسفير عند مدخلي مدينتك الشمالي والجنوبي، فما حاجتك بهما، وخلال ايام سيتم حفر4 طوابق تحت الارض لبناء "اعجوبة" العالم الثامنة في قلب مدينتك النابض. مرآب لم ولن ولا يحلم به ابناء اي مدينة في دول العالم الاول في اوروبا او اميركا او استراليا.

حضرة المواطن الطرابلسي العظيم

بمناسبة يوم المرأة العالمي، والذي ربما لا علاقة له بموضوعنا، لكن الشبه بينكما كبير، نعم بين المرأة والمواطن الطرابلسي.

يوم المرأة، والمرأة في لبنان لم تأخذ حقها رغم مطالبات عالمية ودولية ومحلية وتظاهرات ولقاءات وندوات وورش تدريبية واستحداث قوانين ووووو….

انت أيضا ايها المواطن الطرابلسي لم تأخذ حقك رغم المطالبات والاعتراضات والتظاهر في مئات المناسبات، والتي شاركت أنا شخصياً في الكثير منها.

اقرأ أيضاً: مافيات المولدات تحتل طرابلس… فأين الدولة والرقابة؟

وربما لن تأخذ حقك، في لبنان كما المرأة، ممن هم في سدة المسؤولية، وفي أروقة مجلس النواب أو وزارات الحكومات المتعاقبة او الادارات الرسمية ودوائر المالية وسواها الكثير ودهاليز البلديات ومجالسها التوافقية “التفاشلية”.

لن تأخذ حقك في ان يكون في مركز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الشمال العدد اللازم من الموظفين فعليك ان “تتبهدل” مع ما تيسر من موظفين، حيث لن تقوم الجهات الرسمية بتوظيف المزيد منهم، لأن ميزانية الدولة ستتأثر بسببك ايها الطرابلسي العظيم.

لن تأخذ حقك في أن يكون معرض رشيد كرامي الدولي، ذو المبنى المصنف عالمياً من أهم المعالم المعمارية هندسياً، مركزاً لاستقطاب المعارض وباباً لتوظيف العشرات بل المئات من أبناء طرابلس وكافة الشمال.

لن تأخذ حقك في ان يتم تفعيل مرفأ طرابلس وتنشيطه، وهو الذي كان بوابة عالمية تنطلق منه السفن التجارية الى كل دول العالم، ويمنع عليه العمل بكامل طاقته لغاية في “نفس اكثر من يعقوب واحد” في مرفأ العاصمة، وسيحاصصك فيه كل أبناء السياسين ومحازبيهم في المناطق المجاورة في التوظيف والاستثمار، والا فالتهميش المؤكد لمرفأ هو بين عدد قليل من المرافىء البحرية على الشاطىء الشرقي للبحر الابيض المتوسط.

أيها الطرابلسي العظيم، وأقول المظلوم، لن تأخذ حقك في المصفاة التي كانت تعرف بشركة نفط العراق (IPC)، وهي كانت “مصباً” رائداً للنفط القادم بأنابيب “وحدت” الدول العربية عبر امتدادها من العراق الى سورية. لكن من انت ليكون لديك مصفاة رسمية للنفط، كانت تدر على فيحائك مبالغ وموارد مالية هائلة وكان من المفترض ان تساهم بتنمية المدينة وجوارها، لكن ها هي اليوم هذه المصفاة الدولية متوقفة – نائمة، او بالاحرى تم ايقافها وتنويمها بفعل فاعلين، ورغم ذلك فالتوظيف والاستخدام فيها ما زال مستمراً حتى اليوم و”يعقوب” المصفاة غير “يعقوب” المرفأ، فعدد الموظفين في المصفاة يفوق عددهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، “السيء الذكر”، في مركز طرابلس، هكذا جكارة بك.

الرجاء منك عدم الاعتراض فنحن نعرف مع من نتعامل وكيف نتعامل، يقول لسان حال الدولة.

ايها الطرابلسي، لن تأخذ حقك من محطة القطار ولا حتى في مجرد ان يتم ادراجها على لائحة الإرث الثقافي اللبناني او في فتح ابوابها لاستقبال الزوار كمعلم تاريخي عمره اكثر من 100 عام، وهو لعب دوراً مهماً بين الشرق والغرب يوم كانت طرابلس مركزاً تجارياً وادراياً محورياً. محطة قطار طرابلس تهمّش حتى من قبل المشتغلين على هذا الارث فهم يشيرون الى المحطات الاخرى في رياق وبيروت ويهمّشون محطة طرابلس رغم انها هي المحطة الرئيسة في خط قطار الشرق السريع “L’orient Express”

ما لزوم تشغيل وتفعيل محطة القطار في مدينة الفيحاء فهي من الكماليات وليست اولوية بالنسبة اليك رغم ان لها هيئة مستقلة تستنزف المبالغ المرقومة كل عام.

ايها الطرابلسي لن تأخذ حقك في تشغيل محطات التسفير عند مدخلي مدينتك الشمالي والجنوبي، فما حاجتك بهما، وخلال ايام سيتم حفر4 طوابق تحت الارض لبناء “اعجوبة” العالم الثامنة في قلب مدينتك النابض. مرآب لم ولن ولا يحلم به ابناء اي مدينة في دول العالم الاول في اوروبا او اميركا او استراليا.

طرابلس

افرح ايها الطرابلسي العظيم

افرح بنسبة البطالة المرتفعة بين شباب مدينتك.

افرح بنسبة تسرب مدرسي متفاقمة بين أبناء مدينتك من الاطفال والمراهقين، ولا من يتسنفر لوقف هذا “الهدر” البشري… من “سربني من المدرسة صرت له عبداً”.

افرح بقضم آثار مدينتك وأبنيتها المميزة واحداً تلو الآخر خدمة لبناء ابراج مكعبة اسمنتية في مختلف ازقة المدينة من قبل المتمولين الكبار.

افرح بعدم استخدام الملعب الاولمبي، افرح بقلعة مميزة منسية (هما اليوم ثكنتين عسكريتين).

افرح بنهر كان ينبض بالحياة واليوم تم “اسكاته” بسقفه بالباطون، هل رأيت شيئا مماثلا في اي بلد أخر؟.

افرح بمكب النفايات الذي تتطاير منه روائح نتنة بين اليوم والاخر لتنعش رئات ابناء المدينة.

افرح بملعب بلدي مهمّش وبقصر بلدي مهمل، فالقصور في مدينتك مصيرها الى الزوال.

افرح بجهاز دفاع مدني متروك لمصير مجهول، وبمعمل لتدوير النفايات تم تجهيزه، وصرفت في سبيل انشائه مئات الالاف من “اليويورات”، ومن يكترث بهذا الامر، فهذا المعمل بحاجة الى مفتاح “عصري – خنفشاري” لفتح بوابته وما زال القيّمون عليه يبحثون عن من هو “أمين” يتسلم مفتاحه وكأنه صندوق كنز.

افرح بكل هذا … وافرح ايها الطرابلسي لأنك ابن العاصمة الثانية في لبنان.

اقرأ أيضاً: طرابلس تمزّق صور زعمائها الذين تخلوا عن أهلها

وابك، إبك يا ابن الفيحاء، ان استطعت البكاء، فلا بد ان يضجر القدر منك ولا بد ان ينتهي كل هذا لأن الآتي “أبكى”، فلا تنس ان تفتخر بآخر الأعاجيب أولها: اعتزال فريق كورال الفيحاء، وثانيها التهديد والوعيد ببدء اعمال حفر 4 طوابق تحت الارض تطمر فيها كل شكواك آنفة – سيئة، الذكر التي لا جدوى منها لانك انت “الطرابلسي المنسي”.

السابق
لقد «مات الله» فكيف لا «تموت المقاومة»؟
التالي
المرأة، محاولة فهم على هامش يومها