«جنيف 3» على أنقاض هدنة “«هشّة».. الأسد رئيساً لـ«جمهورية المقابر»؟

في اليوم الثاني عشر من “الهدنة الهشة” ستتّجه الأنظار من جديد نحو جنيف السويسرية، التي ستشهد الخميس المقبل الجولة الثانية من “جنيف 3”. ولا تراهن الأطراف على امكانية نجاحها إلا أنها تتزامن هذه المرة مع استمرار هدنة شهدت أكثر من 312 خرقاً منذ بدايتها السبت 27 شباط لكنها تميزت بـ 104 تظاهرات سلمية في مناطق المعارضة (الجمعة الماضي) وفق ما ذكرت “الشبكة السورية لحقوق الانسان”.

لم يعد الأفق مفتوحاً أمام المراقبين، فالأزمة السورية باتت أكثر من معقّدة، ونجاح الحل السياسي سيبقى مستحيلاً طالما كل طرف سيبقى متمترساً حول موقفه ورؤيته، ولم يعد للنظام أيّ جدوى في اتخاذ القرار، فروسيا حاضرة لتمثّله في كلّ المحافل، أما المعارضة فنجحت في الجولة الأولى في كسب ثقة الداخل السوري مع التزامها بمبدأ عدم المشاركة في المباحثات إلا في حال التزم النظام وروسيا بالقرارات الأممية الانسانية.
واليوم تعود المعارضة مجدداً بالسياسة نفسها، فهي لن تشارك في المباحثات إذا لم يلتزم النظام وروسيا بالهدنة وشروطها ومتابعة مسار الدعم الانساني، كما أنها غير مستعدة لمناقشة أي ملف سوى القضية الأساس وهي هيئة حكم انتقالي، ملوّحة بذلك إلى عدم رغبتها في تضييع الوقت بمناقشة ملف الارهاب، خصوصاً أن محاربته تتمّ في ظلّ انعاقد مباحثات أو غيابها، أكان عبر التحالف الدولي أو مقاتلي المعارضة الذين يواجهون “#داعش”، فضلاً عن اقتناعها بأن مكافحة الارهاب تبدأ مع زوال نظام الأسد.

312 خرقاً و64 قتيلاً
ووفق “الشبكة السورية لحقوق الانسان” فقد سُجّل 312 خرقاً خلال الأيام التسع من الهدنة، وتركّزت على “حمص، حماة، حلب، درعا، ريف دمشق واللاذقية”، وأكدت مصادر سورية ترصد الخروق منذ بداية الهدنة أنه “سجل في اليوم الأول 14 خرقاً، في اليوم الثاني 35 خرقاً، وفي الثالث 44 خرقاً، والرابع 52 خرقاً، والخامس 35، وأما في السادس فـ 36 خرقاً، وفي السابع 37، وفي الثامن 36، وفي التاسع 23″، مشيرة إلى أن “حصيلة القتلى من المدنيين تجاوزت الـ 64 مدنياً موزعين على كل المناطق التي شهدت الخروق”.
المعارضة الممثلة بـ”الهيئة العليا للمفاوضات” لم تأخذ قرارها بعد بالمشاركة، لكن الأجواء إيجابية إلا في حال استمرّ النظام وروسيا في خرق الهدنة، ويقول المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا “سنمتحن مدى الالتزام بالهدنة أولاً، وبالتقدّم في المجال الانساني ثانياً، أكان من حيث توزيع المساعدات ورفع الحصار واطلاق سراح المعتقلين، ومن ثم الالتزام بما نصّ عليه قرار مجلس الأمن 2254 بأن يكون الحوار مركزاً على تشكيل هيئة حكم انتقالي، ومن دون هذا لن تنجح المفاوضات”.

“لا ثقة بالنظام”
أمر اتفق معه عضو الهيئة المعارض السوري منذر ماخوس، مؤكداً لـ”النهار” عدم صحة الخبر المتداول “في شأن مشاركتنا، بل لا زلنا في مرحلة تقويم المباحثات، والأمر متوقّف على تحقيق تقدّم على الأرض، خصوصًا في ما يتعلّق بالملف الانساني ووقف القصف واحترام شروط الهدنة، في ظل وجود الخروق التي لا نزال نتابعها، وخلال هذه الاسبوع سيكون هناك اجتماع لتقويم مجمل الوضع قبل اتخاذ قرار الذهاب من عدمه، وأشار دي مستورا إلى أن الحضور سيكون ضعيفًا في بداية المباحثات، وحتى لدى النظام يبدو أن هناك مشاكل لوجستية، فهو أعلن أنه يريد أن يحضر لكن ليس من المؤكّد حضوره في 10 آذار، وإذا حضروا سيبدأ معهم، والتواصل سيكون بشكل منفرد على كل جهة وحدها”.
لا تثق المعارضة بجدية النظام، فهو لم يلتزم بالقرارات الدولية، وعند كل جولة محادثات يبتعد عن مناقشة الحكم الانتقالي الذي أرساه “جنيف 1” ويبسط خطر الارهاب، لكن هذه المرة رفعت المعارضة من سقفها ويشدد ماخوس على “أننا لن نناقش إلا مسألة هيئة الحكم الانتقالي ذات صلاحيات كاملة دون أي شيء آخر، وإذا انعقدت المباحثات وحضرنا، فلن نناقش أيّ نقطة أخرى”.

اقرأ أيضًا: الهدنة السورية هشة.. وخروق في بعض الجبهات

“نريدها أن تستمرّ”
في محور النظام، تمسك روسيا في زمام الأمور، أكان لناحية الهدنة التي خرقتها عشرات المرات، أو المباحثات التي تريد أن تفرض فيها جهات أخرى تصفها بـ”المعارضة”، ويقول آغا: “روسيا هي الطرف الموقِّع مع الولايات المتحدة على الهدنة، ونستغرب أن يتم اختراقها، ونحن التزامنا مطلق بالهدنة ونريد لها ان تتحقق لأن الحالة الاجتماعية في #سوريا وصلت إلى حد لا يُطاق، وعلى الرغم من انها موقتة فإننا نريدها كاستراحة للناس من الموت والذل اليومي، لكن هناك من يصرّ على الخرق والهجوم، ففي اليوم التاسع من الهدنة فقط شهد 24 خرقا وسجل مقتل 46 مدنياً في يوم واحد، فكيف سكيون الحال من دون هدنة؟”
المعارضة تريد استمرار الهدنة لكن على “ألّا تكون هشّة بل صلبة”، ويتمنّى آغا أن “تستمر، ونطلب من الجانب الأميركي باعتباره الموقِّع الثاني على الاتفاقية أن يضمن استمرار تنفيذها، وهو يستطيع أن يضغط على الروس والاخيرون يضغطون على النظام”.
هدنة فاشلة
كما يؤكد منذر ماخوس أن “الهدنة ليست ناجحة ومتعثرة، لأن هناك خروقاً كثيرة واستمراراً للقصف، ومحاولات لكسب أراضٍ جديدة خلافاً لشروط الهدنة التي تمنع تنقل القوات من مكان إلى آخر، فوفق الشروط التي أقرّها مجلس الأمن ممنوع احتلال أراض جديدة أو محاولة القيام بذلك، لكن النظام يحرّك قواته وقوات حماية الشعب الكردي أيضاً تحاول السيطرة على مناطق جديدة، وهناك براميل وقصف وهذا خرق جدّي وسنقوّم مجمل عمليات الخرق، وقد سجلنا أكثر من 150 خرقاً حتى الآن، أما انسانيًّا فسُجِّل دخول بعض المساعدات ولكنها قليلة جداً، ولم تغطِّ سوى 5 بلدات حدًّا أقصى، فيما هناك 18 بلدة يجب تغطيتها، إضافة إلى فك الحصار عنها، كما أن المساعدات لا تشمل الادوية ولم نشهد خروج أي جريح أو مريض بأمراض مزمنة لمعالجته في الخارج، وبالتالي لا تقدّم حتى اليوم في موضوع الهدنة”.

 

لا مشاركة للأكراد؟
وعاد الحديث عن مشاركة الأكراد، ولا تزال المعارضة متمسكة بأنها الممثل الوحيد للشعب السوري المعارض، ويؤكد ماخوس: “لا نقبل إلا بوفد واحد هو وفد الهيئة العليا للتفاوض وهو نتاج قرار دولي وليس مبادرة من هيئة، بل هو نتاج مجموعة دعم سوريا التي اجتمعت في فيينا واتخذت قراراً بالطلب إلى السعودية باستضافة مؤتمر للمعارضة، كي تكون هناك صيغة شاملة وبرنامج شامل للمعارضة، ونحن نتاج قرار دولي من 17 دولة بما في ذلك روسيا، ونعتبر أنفسنا ممثلين شرعيين ولا نقبل بأي طرف آخر”.
ويعتبر البعض أن الهدنة التي لم تشهدها الأزمة من قبل، مؤشِّر جديّ على بداية الحل، لكن آغا يؤكد أن “المشكلة تتعلق بارادة المجتمع الدولي التي لا تزال متردّدة على الرغم من انها تعلن شعارات دولية مثل: لا دور للأسد في المستقبل، ولكن عند التفاوض نجد تراخياً في هذا الأمر”.

البديل عن الأسد
هل تعتقدون أن المجتمع الدولي لا يرى فيكم البديل للرئيس السوري بشار الأسد؟ يجيب آغا: “الجميع متفق أنه يوجد أكثر من 10 ملايين بديل في سوريا للأسد، لكن روسيا غير مقتنعة وتريد أن تحافظ على الأسد وهي غير مهتمة بالحفاظ على سوريا، ومن المؤسف أن تفضل روسيا رجلاً على جمهورية وبلد، وأظن أنها في النهاية ستحتفظ به وحده لكنها لن تجد سوريا”، متسائلاً: “لمن ستحتفظ بالأسد… لوضعه في المتحف مثلاً أو لجمهورية المقابر؟”
واستطاعت وسائل الاعلام أن تنهي “أضحوكة” وزير الخارجية جون كيري المتمثلة بـ”الخطة ب”، ويقول آغا: “عليكم أن تسألوا كيري عنها، فلا فكرة لنا عن هذه الخطة، و”أكثر من القرد لم يمسخ الله…” ماذا سيحصل أكثر من الدمار الحالي والقتل وسفك الدماء، وأعتقد أن الخطة “ب” يجب أن تكون بقرار إلزامي من مجلس الأمن، فالقرار 2254 ضعيف وليست له آليات تنفيذ”.

التدخّل البرّي غير جادّ
ماذا عن التدخل البري السعودي – التركي؟ يجيب آغا: “هو من الأساس غير جاد والتدخل البري غير مطلوب بالنسبة لنا كسوريين، بل نحتاج إلى دعم وسوريا لا ينقصها الرجال”. أما عن خلاصة الموقف، فيؤكد أن “الهيئة ستتّخذ القرار خلال اليومين القادمين، وإذا وجدنا ان الهدنة تشهد صلابة أفضل، وان المسار الانساني يتقدّم، فهناك توجّه عامّ ايجابي للمشاركة في الجولة الثانية، أما إذا وجدنا الأمور تسوء أو أن هناك عدم جدية بالالتزام بقرار مجلس الأمن، فحينها حتى لو وصلنا إلى جنيف فلن ندخل إلى مفاوضات”.

(النهار)

السابق
هذه الدول ستشهد كسوف كلي للشمس الأربعاء
التالي
بري يؤيد فرنجية ومستعد للسير بأي رئيس غير عون