لبنان يترقّب موجة عقابية جديدة ضد «حزب الله»

السعودية وحزب الله

بدا لبنان امس امام مشهد يتقاسمه مناخان متوازيان:

– الاول، الارتياح لأن البلاد نجحت في إبقاء “الخيط الرفيع” الفاصل بين الاحتدام الخارجي وبين مقتضيات منْع الانفجار الداخلي، من خلال الالتفاف حول الخيار الذي اعتمده وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري في اجتماع وزراء الداخلية العرب، والذي قام على الموافقة على قرار إدانة الاعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران وإدانة تدخل “حزب الله” العسكري في الدول العربية والموافقة على البيان الختامي وفي الوقت نفسه النأي بالنفس عن الفقرة التي تصنّف الحزب إرهابياً.

إقرأ ايضاً: لماذا عقوبات «التنابل» مؤذية لحزب الله؟

واعتُبر موقف المشنوق وتغطيته من الحريري مع تأكيد الأخير المضي في الحوار الثنائي مع “حزب الله” تحت عنوان “منعاً للفتنة”، مؤشراً الى الحرص الداخلي على تفادي اي انزلاق نحو “حرق المراكب” في العلاقات بين أطراف الصراع المحليين، وحفظ “أحزمة الأمان” على النحو الذي يُبعِد شبح الالتحاق بالساحات الملتهبة في المنطقة.

– اما المناخ الثاني، فهو الارتياب ذات الصلة ببُعدين، خارجي وداخلي. ويتمثّل البُعد الخارجي في مجموعة محطات ستشهد محاولات لإكمال الطوق على “حزب الله” سواء في اجتماع القمة الإسلامية في جاكرتا غداً وبعده، او اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة الخميس المقبل، وبعدهما القمة العربية التي تُعقد في موريتانيا أوائل ابريل، علماً ان ثمة ترجيحات بأن تؤجل إلى مطلع يوليو المقبل.

واذا كانت السياسة التي سيعتمدها لبنان في هذه المحطات يفترض ان تلتزم السقف الذي رُسم في اجتماع وزراء الداخلية العرب قبل 3 ايام، فإن المخاوف في بيروت ما زالت قائمة من المدى الذي ستذهب اليه الدول الخليجية في “الحرب” على “حزب الله”، وسط إعراب اوساط سياسية واسعة الاطلاع، عن إعتقادها ان من غير المستبعد اطلاقاً ان تكون الإجراءات الخليجية والعربية بتصنيف الحزب كمنظمة ارهابية امتداداً للإجراءات الاميركية التي أُدرجت ضمن قانون مكافحة نشاطات “حزب الله” الذي أقرّه الكونغرس الاميركي، ويسري مفعوله في ابريل المقبل. وهو تطور يحمل دلالات مهمة للغاية بما يعنيه من تنسيقٍ غربي – خليجي – عربي في محاصرة “حزب الله”، وبما يرتّب ذلك على لبنان الدولة والقوى السياسية من تبعاتٍ في التعامل مع هذا الواقع في شكلٍ يحمي البلاد من ان تذهب بجريرة التداعيات المنتظَرة له.

وفيما كانت المصادر تراهن على امكان ان تؤثّر التدخلات الاميركية والفرنسية لدى السعودية في تقنين العقوبات ضدّ لبنان، او أقلّه تجميدها عند الحدّ الذي بلغته تمهيداً لإعادة النظر في وقت لاحق، ومعاودة الافراج عن الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا، فان الأنظار شخصت على اجتماعات ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز في باريس، حيث التقى امس الرئيس فرانسوا هولاند وناقش معه العلاقات الثنائية وملفات المنطقة وبينها لبنان.

علماً ان دوائر سياسية توقفت باهتمام امام ما نقلته احدى الصحف القريبة من المملكة عن حيثياتٍ لمسها موفدون فرنسيون خلال زيارة الرياض حيال “الغضبة” السعودية على “حزب الله” ولبنان، وأبرزها الى جانب الاستياء من أدوار الحزب في اليمن وسوريا وتدخله مع إيران في هذه الدول، وتصريحات أمينه العام السيد حسن نصرالله ، وجود استياءٍ سعودي من مسؤول عسكري لبناني رفيع (قائد الجيش العماد جان قهوجي) على خلفية إطلاق المحكمة العسكرية الوزير السابق ميشال سماحة، الذي يحاكم بتهمة نقل عبوات ناسفة من سوريا إلى لبنان لتفجيرها في الشمال، وتصريحاته الأخيرة عن أن ما تقدمه الولايات المتحدة للجيش اللبناني كاف ولا حاجة لأكثر، وصولاً الى موقف وزير الخارجية جبران باسيل بالامتناع عن إدانة الهجوم الإيراني على السفارة السعودية.

اما البُعد الداخلي للارتياب اللبناني فيكمن في تصاعُد الخشية من ان تنهار الحكومة تحت ثقل مئات آلاف الأطنان من النفايات التي لم يتم بعد ايجاد حل لسحبها من الشوارع في بيروت وجبل لبنان، ولا سيما ان رئيس الحكومة تمام سلام علّق جلسات الحكومة ورفع سقف التحدي امام كل القوى السياسية ملوّحاً بالاستقالة خلال ايام ما لم يتحمّل الجميع مسؤولياتهم في دعم حلّ “قابل للحياة” لهذا الملف المفتوح منذ نحو 8 أشهر.

إقرأ أيضاً: أوساط غربية تحذر: إحموا الحكومة منعاً للتفجير

وجاء “تحذير” سلام بمثابة “جرس إنذار” تردد صداه خارجياً وسط مخاوف دولية من سقوط لبنان من بوابة النفايات في فخ الفراغ القاتل اذا استقالت الحكومة في ظل استمرار اصطدام الانتخابات الرئاسية بحائط مسدود. وبرزت في هذا السياق حركة للقائم بالأعمال الأميركي في لبنان ريتشارد جونز الذي زار امس كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة.

(الراي)

السابق
حقيقة الصاعقة التي تعرضت لها طائرة الميدل ايست
التالي
سليمان: للكف عن سياسة التخوين