عن غياب الراعيّ السوري وفشل الراعي السعودي

الملك سلمان وبشار الأسد
كانت سوريا هي الناطق الرسمي باسم لبنان، وكان الرئيس الحريري وزير خارجية سوريا، كما يقال، الى ان اغتيل وجاء من لم يكن بحجمه، هذا الخلل فرض راع جديد سعودي لم يحسن اللعب مباشرة مما أساء لبلده وللبنان.

الأزمة الداخلية اللبنانية ناتجة عن التضارب وغياب الإتفاق او التنسيق بين القوى اللبنانية، وذلك نتيجة تبعية كل طرف لدولة إقليمية معينة دفع بالأزمة الى ذروتها.

فهذه الإنتفاضة السعودية اذا صح التعبير، بوجه لبنان، والتي تمثلت بوقف هبة الجيش ومنع رعاياها من السفر الى لبنان، هي بالحقيقة بوجه حزب الله المدعوم من ايران هو ليس حركة مقدور عليها على الساحة اللبنانية سياسيا، كونها الساحة التي لا يمكن اللعب السعودي داخلها بسهولة. ففريق 14 اذار اللبناني الموالي للسعودية هو المكان الأنسب والأسهل لتسجيل ضربة ضد إيران من خلال اطلاق بروباغاندا اعلاميا، ومحاصرته على الصعيد الأمني او السياسي او الإقتصادي.

وفي تقديرات الرياض، ان التبعات التي يتحملها حزب الله عن ايران، الجار اللدود للسعودية، في خليج يتململ ويتخبط، يفترض الا يقف بوجهها على الأقل ولا يواجهها لأنه سيرتد عمليّا على القوى المؤيدة والمعارضة للسعودية فيما بعد، لجهة المال والأعمال والإقتصاد والتجارة والإخوّة والصداقة والرعاية.

ولا بد من الإشارة والتذكير الى ان ذروة هذا التصاعد العقابيّ اتى نتيجة غياب الراعي السوري عمليّا، للأسباب المعروفة، حيث انه كان من المفترض نتيجة انسحابه كليّا من لبنان، وعمليّا، وعسكريا، ان تحلّ السعودية كراع بديل في الأوضاع التي استجدت بسبب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي كان من آثارها توجيه الإتهام الى حزب الله بشكل مباشر في عملية الإغتيال هذه، الا ان حساب الحقل لم يأتِ على حساب البيدر، فكان ان قوي حزب الله بعد حرب تموز 2006، ولم يضعُف بعد تدّخله في سوريا ايضا، والتي راهن الكثيرون من المحللّين على ضعفه نتيجة هذا الإنغماس العسكريّ – ذي الطابع والصورة والحجة المذهبية-.

وجاء عدم حلول السعودية محلّ سوريا لبنانيّا لأسباب عديدة أبرزها وأهمها زيادة الدعم الايراني لحزب الله من ناحية، وشخصية الرئيس سعد الحريري لم تكن بحجم وثقل ووزن وحركة والده الراحل.

عاصفة الحزم
عاصفة الحزم

وكان لتدخل السعودية في اليمن انهاكاً إضافياً لها، اضافة الى الإتجاهات الجديدة في سوريا بعد تدّخل روسيا وما تلاها من أحداث عسكريّة منها سيطرة الجيش السوري، المدعوم من إيران وروسيا، ميدانيا على مناطق أساسية في شمال سوريا.

إقرأ أيضاً: حزب الله «إرهابي» والإتهام اليمني موثّق !

وتبقى الساحة اللبنانية الضعيفة كمثلث برمودا الذي يشدّ الغريق نحو الأسفل والى مزيد من الغرق. فقد ظهر للعلن مدى ضعف الساحة اللبنانية المواليّة للسعودية، فرغم كل تصريحات فريق 14 اذار ونشاطاته وغلبته في الانتخابات النيابية، فان حزب الله ونتيجة قوة حليفه الإيراني، خصوصا بعد توقيع طهران للاتفاق النووي مع الغرب، يأخذ قصب السبق النهائي دائما، والمبادرة على الساحة السياسية والعسكرية في لبنان والجوار.

فالى أين سنتتهي المطاف بالسعودية في حربها على ساحة ضعيفة جدا، على ساحة تعودت التبعيّة، هزيلة، لا تمنح داعميها أية قوة ذاتية.

إقرأ أيضاً: هل تدفع الازمة السعودية – اللبنانية الى حرب اهلية وانهيار اقتصادي؟

فمسألة كرسي الرئاسة اللبنانية انتهت الى غير رجعة على المدى المنظور، ما يعنيّ إستيقاظ من حلم رئاسة الوزراء لسعد الحريري، الذي قيل انها الهدف من عودته في 14 شباط الفائت، الا ان ما ظهر حتى الان، ان القصف السعودي على لبنان مغزاه ومنبعه ومنتهاه إقليمي، وليس لبنانيا بحتا، وان كان بأدوات لبنانية. فالحليف الضعيف يشبه الى حد بعيد العدوّ اللدود الذي لا ينفع بل قد يضرّ أكثر في أغلب الاحيان.

السابق
السعودية تتهم حزب الله: يستهدفنا بتهريب المخدرات
التالي
ناشطو بدنا نحاسب حاولوا الدخول الى قلم هيئة التفتيش