طفح الكيل لدى السعودية ورفعت كرباجها…!

اموال سعودية
بعدما نال لبنان استقلاله من الانتداب الفرنسي، بدأ تاريخ من العلاقات بين لبنان والسعودية كان يتصف بالاحترام الدبلوماسي والسياسي والسيادي المتبادل. وعلى مدى قرون كانت السعودية تصب اهتمامها الاكبر للبنان من بين الدول العربية من ناحية تعزيز الحياة الاقتصادية والسياحية والعمرانية وحتى التربوية.وخلال الحرب اللبنانية لم تتأثر تلك العلاقات بأي سوء، ولم يشبها أي شائبة.

أما اليوم، فقد وقع المحظور وطفح الكيل لدى العاصمة الرياض، بعد إغضابها من جراء التطاول عليها مراراً وتكرارً، طفح الكيل فرفعت كرباج “عاصفة الحزم” السياسية والاقتصادية بوجه لبنان بعدما جمدت المساعدات الـ 4 مليارات $ لتسليح الجيش وقوى الامن الداخلي، طبعا ليس بهدف تأديب الجيش أو قوى الأمن أو حتى لبنان وشعبه، بل من أجل تأديب المكابرة للعقلية السياسية السائدة لدى بعض الافرقاء اللبنانيين، الذين يأتمرون من الخارج ويقومون دائماً بتعكير صفو العلاقات مع السعودية، وذلك عن طريق اطلاق الاهانات بحقها وحق حكام المملكة.

وقد كان للمملكة العربية السعودية فضل كبير في مجالات عدة أهمها، إيقاف الحرب اللبنانية من خلال اتفاق الطائف، وإعادة الاعمار ما هدمته الحرب، وضخ السيولة والودائع داخل المصارف اللبنانية والمصرف المركزي من اجل انعاش الاقتصاد اللبناني، وأيضاً لا ننسى وبعد مغامرة “لو كنت اعلم..” في حرب تموز عام 2006، كانت المملكة العربية السعودية بطليعة ارسال المساعدات والهبات والودائع المالية الضخمة من أجل إعادة ما هدمته الآلة الحربية الإسرائيلية.

نعم تعكّرت وتعثرت صفو العلاقات بين العاصمتين بيروت والرياض، تعكرت لأسباب لا علاقة للبنان بها ولا حتى من مصلحة لبنان واللبنانيين بها أن تتعثر. طبعاً وبكل صراحة يعود السبب في تعكير صفو تلك العلاقات أولاً، الى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله وقيادته، بعد اعتلاء المنابر واطلاق الخطابات الرّنانة واطلاق التصاريح السياسية المسيئة للسعودية ولقيادتها ولنظام الحكم فيها.

ليس هذا فحسب، لقد تعدى الأمر بهم في التطاول بتوجيه الشتائم الى المملكة واتهام آل سعود وعلى رأسهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز حد العمالة لإسرائيل وأميركا، ونعتهم باستمرار بالوهابيين الكفرة المصدرين للفكر الداعشي وبكلام لايليق لا بالأدب ولا حتى بالأخلاق؛ وهذا التهجم والتطاول لم يقتصر على قيادة الحزب فحسب، بل تعداه ليصل الامر الى المناصرين والرعاع الاتباع في التطاول من خلال ثقافة تعليقاتهم وتغريداتهم على التواصل الاجتماعي المعروفتين بالفيس بوك والتويتر، حتى وصلت بهم ثقافتهم الوطنجية بتزيين جدران شوارع واحياء مناطق الضاحية “الضحية”، بالكتابات التي لا تخلو من الإستهزاء والشتائم والكلام النابي المذهبي المسيء بحق المملكة السعودية والأسرة الحاكمة التي لا تليق لا بمجتمع ولا حتى بطائفة، وذلك كله إرضاءً واكراماً لمصالح الجمهورية الإيرانية الفارسية.

ثانياً وهو الأهم، التقصير الحكومي بعدم التحرك في تصحيح الخطأ ومعالجة الأمر بسرعة الذي ارتكبه عن سابق إصرار وتصميم حديث السياسة وزير خارجية لبنان جبران باسيل، بعد تحييده او نأيه للبنان تحت عنوان “النأي بالنفس” وذلك بعدم الاستنكار لكل ما حصل للسفارة السعودية من تعدي سافر بحقها في العاصمة طهران، وذلك خلال اجتماع وزراء خارجية العرب في جامعة الدول العربية بالقاهرة.

وكان الاجدر ايضاً على هذه الحكومة الفاشلة ومن أجل مصلحة لبنان والشعب أولاً، التحرك ولو على الأقل باتجاه القنوات التي تؤدي الى أعلى قيادات “حزب الله”، وذلك من خلال الوزراء والنواب والمسؤولين الكبار في الدولة اللبنانية التابعين منهم والقريبين مباشرة من قيادات الحزب، بالطلب إليهم بوقف التهجم على المملكة العربية السعودية، لما يشكل من ضرر على صعيد الوطن وعلى صعيد المغتربين المتواجدين بكثرة على كافة أراضي المملكة، ولكن هذا الحكومة الفاشلة وعلى رأسها الوزير جبران باسيل التابع لوزارة خارجية “حزب الله”، لا يتقنون الا في فشل طمر النفايات وعدم ترحيلها، لكنهم وللأسف نجحوا في طمر الـ 4 مليارات$ لتسليح الجيش وقوى الامن الداخلي، وبترحيل الهبات والمساعدات عن لبنان.

إقرأ أيضاً: بالأرقام(2): شكراً دول الخليج… شكراً الإمارات والسعودية

لا اظن ان المملكة العربية السعودية ستتخلى عن لبنان كي تفسح المجال وبكل سهولة وبساطة لإيران وحلفائها ان يسرحوا ويمرحوا على الساحة اللبنانية، ولكن وبحسب تحليلي الشخصي وبالشكل العلني من الممكن ما قامت به المملكة العربية السعودية اتجاه لبنان هو بمثابة هزة عصا، وهي فرصة يمكن ان يستفيد منها دولة الرئيس سعد الحريري سياسياً وشعبياً، بعد عودته من غربته السياسية التي سببت له اهتزازاً وبشكل كبير داخل قاعدته الشعبية، أي بمعنى انه من الممكن ان يتحرك الرئيس الحريري دبلوماسياً وسياسياً باتجاه المملكة العربية من اجل إعادة الأمور الى نصابها بين العاصمتين بيروت والرياض، ويكون بنتيجتها إعادة تقوية وتعويم الأرضية الشعبية وحتى السياسية للرئيس الحريري وبشكل اكبر هذه المرة، ما يسمح له في إدارة الدفة السياسية وبقوة على الساحة اللبنانية وخصوصا لناحية الملف الخاص برئاسة الجمهورية.

إقرأ أيضاً: استقالة ريفي بوجه من.. الحلفاء أم الخصوم؟

الأوامر الإيرانية قد تبدلت الآن وصدرت الى قيادة “حزب الله”، الا وهي “الى الخلف عن إسرائيل در، باتجاه السعودية سر”، وجميعاً وبأعلى صوت، “الله اكبر الله اكبر، الموت للسعودية، النصرللطغاة، زحفاً زحفاً نحو الشام!

السابق
استياء داخل «الكتائب» على سياسية الجميل
التالي
بالأرقام: هكذا تحارب السُلطة في لبنان الإنماء المحلي