هل الخطر يطال المسيحيين فقط في المنطقة ؟

هل يقع الخطر في منطقة الشرق العربي على المسيحيين فقط أم على المسيحيين والمسلمين معا؟ سؤال يُقلق الجميع.. ورغم ذلك يرفع المسيحيون وحدهم الصوت عاليّا في ظل صمت إسلامي مُطبق.. فهل المتُهمون هم المسلمون؟ والضحيّة هم المسيحيون؟

ثمة أزمة عميقة في المحيط العربي تضرب أسس التفاهم والتعايش، القائم منذ عقود في بلادنا التي طالما كانتمصدرا  للتنوع الديني، خاصة بلاد الشام القديمة والعراق، لكننا نجد ان هذه البلاد التي كانت ترفع شعار التعايش صارت منطلقا لمن يريد إلغاء الآخر، وللمتشدد الذي يريد قتل الآخر وسبيه.

ورغم ان المُواطنة ليست منّة من أحد، بل هي حق لكل شخص وُلد وعاش هنا على هذه الأرض المتوسطة بين قارات ثلاث، الا انه لا وجود لما يُسمى مساواة ولا اعتراف بالخصوصيات. فالمسيحيون أول من تأذىّ في كل من العراق وسوريا لأنه مع انهيار الدولة المركزية انهارت سلة حقوقهم، رافق ذلك إتهام كبير للفاتيكان بالتقصير تجاه المسيحيين المشرقيين، اضافة الى تقصير العرب أنفسهم اذ لم نشهد مسيرة واحدة خرجت دفاعا عن الآشوريين مثلا. ويعود تبرير ذلك الى التالي: إن المصيبة أكبر من الآشوريين بل من العراق نفسه.

ورغم نزوح المسيحيين عمليّا من المنطقة وتوجههم نحو الهجرة، الا اننا نشهد هجرة جماعيّة لأعداد هائلة من المسلمين ايضا نحو أوروبا.. وهذا كله بفضل الإرهاب الديني المتمثّل بـ”داعش” اولا وتوابعه ثانيا كالقاعدة وطالبان وبوكو حرام وغيرهم في مختلف أنحاء العالم لاسيما الإفريقي.

ولا بد من القول انه على المسيحيين تقع المسؤولية الكبرى لان البلاد بلادهم، وهم المساهمون الأكبر في حضارتها ونهضتها منذ بدايات القرن الفائت. وكان النظام الرسمي العربي- الظالم لجزء كبير من أبنائه- يبتعد عن الضغط على المسيحيين بشكل مباشر لأهداف سياسية معينة مرتبطة بصورته أمام الإعلام الغربيّ.
ورغم ان المسلمين الأوائل كان لهم موقفهم من الخوارج، الا انهم في العصر الحاليّ لم يواجهوا “داعش”، ولم يعملوا على منع وصول الخراب الى عقيدتهم التي لها، بفعل الإجتهادات والمذاهب، دور أساسيّ في انتشار هذه العقائد الفاسدة. وهو استغلال صريح وواضح للتنوع المذهبيّ في الإطار الديني والمدارس الكلاميّة فيه، قديما وحديثا.

والمسلمون كانوا ولا زالوا حتى اليوم المتضررين من المتطرفين أكثر من المسيحيين أنفسهم، حيث يتجلى اليوم هذا الإضرار بالصراع السعودي- الإيراني، او الصراع السني– الشيعي، علما ان السنّة كمذهب من المذاهب الإسلامية مجتمعين هم بالعموم مع الاعتدال ويؤيدون دولهم الوطنية. اضافة الى مسؤولية المسيحيين في هذه النكسة العقديّة الإسلامية الكبرى.
وللعلم يبلغ عدد سكان الدول العربية 350 مليون نسمة,70% منهم يعيشون تحت خط الفقر، و70% منهم أميّون، وهنا تكمن الكارثة. ومن هنا يمكن تفسير انتشار التدّين كاللهب خلال ثلاثة عقود من الزمن، بطريقة هائلة. لأن الأميّة والفقر صنو العصبية والتشدد والإرهاب.

فهذا الصراع ليس سوى صراعا على النفوذ والسيطرة على شعوب أميّة تملك أقوى الإمكانات التي تحتاجها الدول الأخرى كالنفط والغاز والطاقات الشابة التي صرحت ألمانيا بخصوصها علنّا عندما قالت انها ترحب بالمهاجرين، كونها كدولة تعاني من الكهولة في مجتمعها، وتحتاج ليد عاملة شابة.

من هنا، الجميع ينتظر مراكب الهجرة، حيث لا تعتبر مقولة الأقليات سوى لعبة يلهو بها من لم تطله لعبة الإرهاب حتى اليوم. لذا نرى القلق يساور الجميع ممن يُطلقون على أنفسهم عنوان “الأقليّات في الشرق” بسبب فقدان ثقافة التعايش والتفاعل الايجابي في بلادهم.

السابق
جنبلاط: واهم من يظن ان سلاحا اخر سيقدم الى لبنان
التالي
ريفي يقدم استقالته من الحكومة: سأواجه الدويلة