هل تتدخل تركيا والسعودية في الحرب السورية؟

يشكل وصول مقاتلات سعودية إلى قاعدك انجرليك العسكرية في تركيا، مشهداً مهمّاً في التقارب السعودي-التركي، لا يقتصر فقط على توافق حول الوضع السوري، وإنما يتعداه الى تطابق في وجهات النظر حيال القضايا الاقليمية والدولية بين البلدين.

تعيد السعودية وتركيا النظر في موقعهما داخل منطقة هزّتها الحروب. ذلك أن الدولتين مهددتان في أمنهما القومي، وإحدى أبرز مسببات هذا التقارب، كان وصول الادارة السعودية الجديدة الى الحكم، وهي صاحبة نهج مختلف عن الادارات السابقة.

تنظر تركيا الى الادارة السعودية الجديدة على أنها إدارة ثورية، إذ يعتبر الأتراك أن ما جرى في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز يتخطى واقع تغييرات أحدثها في السياسة السعودية، إن على صعيد الانتقال من المواجهة من الخلف وعبر بعض الحلفاء، إلى المواجهة المباشرة، أو في الانفتاح على جميع من كانت الادارات السعودية السابقة حذرة في التعاطي معهم.

الخطوة الاكثر تعبيراً عن مدى التقارب والتنسيق بين تركيا والسعودية، تمثلت بالاستعداد لإنشاء مجلس استراتيجي بين البلدين. وتشير مصادر واسعة الاطلاع، إلى انه في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي سيعقد في تركيا في الربيع المقبل، سيتم التوقيع الرسمي على إنشاء هذا المجلس، خلال زيارة الملك سلمان إلى أنقرة.

عماد هذا التوافق حول المجلس، هو النظرة المشتركة لما يهدد الدولتين في ضوء كل التطورات العسكرية الجارية في المنطقة. وتعتبر المصادر أن هنالك قناعة سعودية بأن التقدم الذي تحرزه في اليمن، لا يمكن أن يكسر النفوذ الإيراني بشكل سريع، إذ إن طبيعة المواجهة في اليمن فرضت معركة استنزاف على السعودية، وهذا النوع من المعارك لا تتحقق نتائجه على المدى القريب. ولذلك، بات هناك قناعة سعودية بضرورة خوض هذه المواجهة على أكثر من جبهة، ولا شكّ أن سوريا إحدى تلك الجبهات.

الجيش السعودي
الجيش السعودي

هذا النهج الذي تتبعه السعودية، فيه إحراج للولايات المتحدة. فالإعلان السعودي عن إرسال مقاتلات إلى قاعدة أنجرليك، وعن الاستعداد لإرسال قوات برية لخوض معركة مع تنظيم “الدولة الإسلامية” داخل سوريا، كان فيه حرص شديد على القول إن كل تلك الخطوات ستكون تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، الذي تقوده واشنطن.

لكن أين تركيا من هذا الموضوع؟ تلفت المصادر إلى أن تركيا تعول على استدراج سعودي لواشنطن إلى التدخل في سوريا أو على الأقل إلى غض الطرف عن ذلك التدخل على غرار ما فعلت المملكة في اليمن، لا سيما أن تركيا ليس بإمكانها التدخل في سوريا من دون غطاء دولي أو عربي إسلامي، وفي ظل التردد الأميركي وتسليم الوضع السوري إلى روسيا، تجد تركيا نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها وأمنها، وهي لا تستطيع ذلك بمفردها، خاصة أن واشنطن أبلغت أنقرة في السابق أنها معها في الدفاع عن نفسها، اما فيما يخص أي قرار بالهجوم فإن أميركا لن تكون متوافقة تماماً مع تركيا ولن يتدخل حلف شمال الأطلسي في أي معركة تريدها تركيا، خاصة أن أي تدخل تركي من هذا النوع قد يستدعي رداً روسياً، وقد يحصل إشتباك بين الطرفين.

أيضاً، من مسببات عدم التدخل التركي، هو ما تأخذه أنقرة في الحسبان على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي، إذ أنها بعد الخلاف مع موسكو والعقوبات الروسية التي فرضت على تركيا، عقب إسقاط الطائرة الروسية، ليس من مصلحة تركيا الإمعان في هذه المواجهة، التي قد تنعكس سلباً عليها على الصعيد الإقتصادي، إذ أن الحكومة التركية لا ترى فائدة من الدخول في هكذا مواجهة ستنعكس سلباً على علاقاتها الإقتصادية مع جوارها وخاصة مع الإيراني، الذي تستعد كل الشركات العالمية إلى الانفتاح على أسواقه، وبالتالي لا يمكن أن تسير تركيا بعكس التيار.

إقرأ أيضاً: جمهور الممانعة يسأل: وهل كان عليّ يُصلّي؟!
لا شك أن الترقب والحذر يسيطران على الموقف التركي، تقع تركيا بين نارين، نار تمدد النظام السوري مدعوماً من روسيا وإيران على حدودها وفي عمقها الإستراتيجي بالإضافة إلى توسع رقعة سيطرة الأكراد على الحدود التركية السورية وهذا يهدد الأمن القومي التركي، والنار الثانية هي بحال مواجهته لهذه الوقائع وحيداً في ظلّ تخلّي حلف الناتو وواشنطن عن دورهما وحلفائهما، ستكون تداعيات تلك الموجهة سلبية على تركيا، ليس فقط من وجهة الخارجية، لا بل أيضاً على الصعيد الداخلي، ولذلك تجد تركيا نفسها في مكان ينتظر الموقف السعودي وتطوراته، وإذا ما أرادت السعودية التدخل حينها فقط تستطيع تركيا أن تعمل.

السابق
الحريري سيدفع في السعودية وفي لبنان…
التالي
هكذا حاول المغرضون «الاصطياد في الماء العكر» بين الحريري وجعجع…