اضطراب دمشق وبغداد والقاهرة.. يغذيّ هدوء طهران

جون كيري
لا تزال الثورة لعبة إيران الخارجية مع الدول العربية، في حين انها تنظّم نفسها داخليا واوروبيا وعالميا.. فهل ان حاجتها لأداة ابتزاز للدول الغربية دفعها للبحث عن ضالتها هنا في المشرق العربي الهشّ؟؟

احتفلت إيران هذا العام بالذكرى السابعة والثلاثين لانطلاقة ثورتها، رغم تحوّلها الى نظام ودولة، وما يشبه الإمبراطورية السيّاسية، بعد فتحها لعدة جبهات في كل من سوريا واليمن، ولبنان (البلد الذي يشكّل رغم صغر مساحته- المحطة الأساسية لإنطلاقة أعمالها الميدانيّة).

هذه الثورة صارت دولة وانتظمت، الا انها لا زالت تتصرف بعدم ثقة مع جيرانها ومع الدول العربية بشكل عام، الا فيما يتعلق بعلاقاتها مع الغرب الذي بسطت له اليد لتصافحه محافظة على كيانها. بالمقابل عملت، ولا تزال، على تخريب الدول العربيّة بشكل غير مباشر لتستمر البلبلة ويستمر التخبّط العربي الداخليّ.

اقرأ أيضاً: يا جمهور حزب الله بعد اتفاق ايران وأميركا: أوقفوا نهر دمائكم

فهذه دمشق، وهذه مصر، وهذه بغداد، التي يمكن القول عنها انها الدول العربية الرائدة، والتي منها ينطلق الموقف الوطني والقومي الصائب والقويّ، ومنها تطلق السياسات ومنها انطلقت المقاومات لكل مستبد، إبتليت كلّ منها بداء الإرهاب، وتلّهت هذه الدول بالتخريب الداخلي. وتسلّمت بعض الدول الخليجيّة منصة النطق باسم العرب الذين لا يعبّرون أصلا عن هوى الشارع العربي الوطني والقومي.

من جهة أخرى، فرغم الخسائر التي يتكبّدها حزب الله يوميّا في سوريا جراء تدخله العسكري هناك، لا يزال الحزب ماضيّا في طريقه هذا حتى تحقيق أهداف الجمهورية الإسلامية في المنطقة. فطهران مصمّمة على مواصلة حربها، حماية لحليفها بشارالأسد أولا، ولمصالحها في المنطقة ثانيا.

فـ”رغم مرور السنوات وتعمّق مأساة ملايين السوريين، وتضاعف عدد القتلى والجرحى والمهجرين، فإن رؤية طهران لا تزال كما هي. وتحوّلت الجهود الإيرانية إلى تزويد النظام السوري باللوازم والإمدادات العسكرية”. كما نقل موقع برات ميديا الفرنسي.

الثورة الايرانية

وفي الوقت الذي تحتفل فيه إيران برفع العقوبات عنها، وبذكرى انتصار ثورتها على الشاه والحليف الأميركي السابق، فأنّ هذه الاحتفالات لم تكن لتتم لو لم تبذل إيران جهودها الأمنيّة وتعمل بدهاء سياسيّ فظيع، مع توظيف المسألة الدينية في كل من اليمن ولبنان وسوريا والبحرين والسعودية، ولو لم يبذل آلاف الشيعة دماءهم رخيصة فداءً للمشروع الإستراتيجي الذي تقوده الجمهورية الإسلامية لم تكن ايران اليوم قوية، وهذا ما عبّر عنه مؤخرا الرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريح واضح وصريح لا يحتاج الى أيّ دليل او تفسير منذ أيام.

إلا أنه رغم إلغاء العقوبات الدولية على طهران، لا تزال أزمة إيران الإقتصادية قائمة، بسبب هبوط سعر برميل النفط الذي يؤثر على دعمها لحزب الله ماديّا بشكل كبير. فالحزب الذي لطالما عُرف بقدرته التمويلية الهائلة، هو الآخر يعيش أزمة إقتصادية ضخمة وصلت الى حد التخفيف مصروفاته الداخلية.

علما انه وفي ظل هذا الإتفاق الدولي ينعم مواطنو الجمهورية الإسلامية بإستقرار لا مثيل له، وبالمقابل نجد ان مواطني العراق وسوريا واليمن لا زالوا يعيشون في ساحات حرب، إضافة الى لبنان -البلد الذي لا زال دون رئيس بسبب امتناع حلفاء ايران كحزب الله والتيار الوطني الحرّ عن النزول الى مجلس النواب لإنتخاب مرشحهم -المفترض دعمهم له- على الأقل.

فالسلاح الإيراني ما زال يتدفق الى حزب الله في لبنان كرمى للمصلحة الإستراتيجية لإيران الجمهورية، التي تتهيّأ لإقامة دولة الإمام المهدي!

اقرأ أيضاً: رهان إيران و«حزب الله»

لكن متى ستتخلى إيران عن أدواتها لترتاح المنطقة من تدخلاتها، فتنعم مدننا بهدوء مدن طهران؟

ولكن يبقى السؤال: هل سياسة واشنطن الجديدة القديمة في تجفيف مصادر الحزب الماليّة هو صراع من نوع مختلف للإنتهاء من بعض الجبهات النازفة هنا وهناك؟

 

السابق
ما علاقة العميل الإسرائيلي في ملف ترحيل النفايات
التالي
أبو طاقية «الشيخ المعتر»… الإرهابي الأوّل