عرسال وحزب الله (4/4): هل تتعرسل مجدل عنجر؟ وما علاقة المفتي السابق قباني؟

سرايا المقاومة في البلدات السنية
مخطط حزب الله بات في ذروته داخل المناطق السنية. و"سرايا حزب الله"، من أبناء السنة، وقيادات الشيعة، باتت أمراً واقعياً، من سيطرة حزب الله عبرها على الخط الساحلي الذي يربط خلدة بصيدا، وصولا إلى المثلّث الحدودي الجنوبي في بالعرقوب، مرورا بمرجعيون وصولا إلى عرسال وجرودها. فكيف ستتعامل الحاضنة السنية المعتدلة مع هذا الاختراق الحزبي لبيئتها؟

سرايا المقاومة السنية تتمركز بشكل عام في البلدات السنية التابعة لتيار المستقبل، التي لا يستطيع حزب الله أن يفرض نفوذه عليها (خوفاً من اتهامه مذهبياً). وقد شكل التراجع الأخير لتيار المستقبل سياسياً ومالياً العامل الأبرز في مساعدة هذه السرايا على فرض حضورها، كما في العرقوب، كذلك في الخط الساحلي وفي البقاع.

في البقاع الغربي استعاض الحزب عن الحصور المباشر بسراياه، وهي بمجموعات موالية لحزب “الاتحاد” التابع لعبد الرحيم مرّاد. ومع اختلاف المسمى إلا أنّ الهدف واحد. والملفت في هذا المخطط الذي يعمل على اختراق الحاضنة السنية الحدودية هو اتجاه الحزب إلى بلدة سنية أخرى غير عرسال، معارض مزاج أهلها لسياسته في سوريا وفي لبنان، هي مجدل عنجر.

 إقرأ أيضاً: عرسال وحزب الله(1/4): حلم القصير… وواقع العرقوب

هذه البلدة الداعمة للمعارضة السورية، والمتبرئة سابقاً من كل “سني” منتسب إلى سرايا المقاومة، والتي استقبلت بالورود الخارجين من بلدة الزبداني في صفقة حزب الله الأخيرة، وبالشعارات والتهليل، ناهيك عن انخراط شريحة واسعة من شبابها في دعم المعارضة السورية ضد النظام وحزب الله، باتت هذه البلدة تشكلّ خطراً على الخط التمددي الذي يعمل حزب الله على الإمساك بخيوطه الرئيسية.

كلّ هذا انطلاقاً من موقع مجدل عنجر الاستراتيجي “الحدودي”، وقلنا سابقاً إنّ كلّ ما يخشاه حزب الله هو الحدود، لا سيما أنّ هذه البلدة ما زالت ضمن المناطق السنية ذات الثقل السياسي التابع للمستقبل، يضاف إليه أنّ التيار السلفي بات قويا داخلها، وأخذ يترسخ بين أهلها ومشايخها. لذلك بدأ عناصر حزب الله، من “السرايا” السرية، بمحاولة تكرار سيناريو عرسال والعرقوب داخلها.

بتنا نسمع من حين إلى آخر بمشاكل بين الأهالي، وهي في العمق بين من يأتمرون بأوامر حزب الله، من السرايا “السنية”، وبين أهالي مجدل عنجر المعارضين لحزب الله. والهدف هو تدخل الجيش اللبناني وإقامته داخل البلدة، وتمركزه على أطرافها، على نسق المخطط نفسه الذي فرضه على طول الخط الساحلي وصولاً إلى البلدات الجنوبية السنية. وهو مخطط يهدف من خلاله حزب الله إلى تضييق الخناق على هذه البلدة كما تمّ تضييقه على طرابلس في مرحلة “قادة المحاور” والخطة الأمنية. وبهذا يكون حزب الله قد فرض حصاراً تحت عباءة الدولة اللبنانية وأجهزتها على جميع التجمعات السنية المعارضة لسياسته.

مجدل عنجر
بلدة مجدل عنجر تستقبل مهجري الزبداني

هذا التمدد للحزب سواء من خلال السرايا أو حزب الاتحاد  إنّما يتكل بشكل مباشر، كما أشرنا في تقارير سابقة عن حاصبيا والعرقوب، على العنصر البشري المتمثل بالعاطلين عن العمل أو الهاربين من القانون أو الباحثين عن المال والنفوذ وصولاً إلى الخارجين الجدد من “تيار المستقبل” إن إقصاءً أو بسبب الأزمة المالية.

حزب الله بنى استراتيجيته هذه وفقاً خطة محدّدة تقتضي بإحراج الشارع السني وإرباكه وتوريطه أمنياً، هو وتيار المستقبل الحاضن له. ما يفسح له، في ظلّ هذا الواقع المربك الذي يريد خلقه، السيطرة على المناطق التي تخدم مصالحه الأمنية والحدودية والعسكرية والتي تشكلّ معبراً لإمداداته، ومن الأمثلة على استراتيجية حزب الله في الحاضنة السنية ما شهدناه مؤخراً في كل من طريق المصنع وسعد نايل.

فكيف يخرج السنة من هيمنة الحزب والسرايا؟

للخروج من هيمنة السرايا على الواقع السني أخذ المعنيون في الطرف الآخر، بحسب مصادر “جنوبية”، في لمّ شمل الفعاليات التي بدأت تتحرك تحت عباءة دار الفتوى. وهذا الملف يشكّل التحدي الأكبر لدار الفتوى لا سيما وأنّ انتخاب المفتي عبد الله دريان تمّ بتوافق سعودي – مصري لا تغيب عنه هذه التطورات في المناطق السنية.

 إقرأ أيضاً:عرسال وحزب الله (3/4): ما علاقة “السرايا” بالتفجيرات والاغتيالات الأخيرة؟

فمعروف أنّ المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني كان منضويا تحت عباءة محور حزب الله، ولهذا كان خلافه مع تيار المستقبل. وهو كان يتواصل وينسّق علنا مع حزب الله، من خلال تابعين له يتعاونون مع سرايا حزب الله، خصوصا عبر نجله. والجدير بالذكر أنّه في تلك المرحلة أوكلت مسؤولية أمن المفتي الخاصّ وتأمين تغطية أمنية له إلى شاكر البرجاوي، المحسوب على حزب الله. كما تمّ تلزيم أمن المشايخ المقربين منه إلى عناصر “السرايا”، وعناصر من أيتام النظام السوري الأمني السابق في لبنان من البقاعيين السنّة (عناصر كانوا تابعين لرستم غزالة).

هذا الشرخ الذي أحدثه المفتي السابق في تبني “السرايا” والإعتراف بها بات متكأً لينفذ حزب الله مخطّطه داخل “الهوية الديمغرافية السنية” في لبنان. وتعمل بعض اللوبيات على دفع دار الإفتاء، ممثلةً بالمفتي عبد الله دريان، إلى إعادة فتح دائرة الإتصالات، لكن لتفكيك هذه السرايا عبر استمالة الشبان السنة إلى محورهم المناطقي اللبناني لا المذهبي.

السابق
هيومن رايتس:روسيا والنظام السوري استخدما قنابل عنقودية في سوريا
التالي
غارات اسرائيلية تستهدف مواقع في محيط دمشق