الشيخ حسن مرعب: لهذه الأسباب لا نكفر داعش والنصرة رغم ضلالهما…

التكفير بين جبهة النصرة وداعش
دائماً ما يتم وضع "داعش" في خانة الإرهاب والتكفير دوناً عن جبهة النصرة، وعلى الرغم من ضلوع التنظيمين في عمليات خطف الجيش اللبناني والعديد من الإختراقات الأمنية والتي تمحورت بشكل خاص في عرسال، إلا أنّ الواقع اللبناني والعربي عموماً ما زال يصنف "داعش" إرهابية تكفيرية في حين يختلف فيما يتعلق بجبهة النصرة.

والأمر ذهب أبعد من ذلك على الصعيد الشعبي إذ أصبح يمنع الجمع بين داعش والنصرة في عبارة واحدة، كما ويعتبر الخلط بين التنظيمين نوع من أنواع التشويه للدين الإسلامي..
ليظل الالتباس هنا: هل سألنا نحن علماء الدين الإسلامي كيف يوصّفون كل من داعش والنصرة؟ وإن كانوا يكفّرون أحدهما؟ وما الفرق بينهما دينياً وانسانياً، وما مفهوم “الإرهاب” في ظلّ كل من الممارسات والسلوكيات التي يتبعانها؟

إقرأ أيضاً: هل للإعلام الغربي صلات متميزة بـ «داعش» بخلاف الجماعات الإرهابية الأخرى؟

في سياق البحث عن أجوبة لكل هذه الاستفهامات، ولإزالة اللبس عن الفوارق بين تنظيم داعش وجبهة النصرة، كان لموقع “جنوبية” حديثاً مع المفتش العام المساعد للأوقاف الإسلامية في لبنان الشيخ الدكتور حسن مرعب الذي اعتبر أنّ نظرة الإسلام لكل من جبهة النصرة وداعش وكل من هم على شاكلتهم “على أن هؤلاء قد ضلوا الطريق وهم ليسوا على هدى فالإسلام ليس كذلك
وإنّما هو دين رحمة، والنبي (ص) أرسله الله عز وجل رحمةً للعالمين فقال في كتابه ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) والعنف لا يبرر العنف ولا الظلم لا يواجه بالظلم والدفاع عن النفس لا يكون بالذبح والتفنن بأنواع القتل والتنكيل والتمثيل بالجثث وتصوير ذلك كله بتقنية سينمائية عالية وطرحها عبر مواقع التواصل ونسمي ذلك نصرة للإسلام ودفاعاً عن المسلمين واقامة دولة الخلافة ولو تعمقنا بهذه الأساليب الوحشية والهمجية واللا انسانية لتيقنا بأنها تهدم الإسلام وتشوهه وتغير معالمه الحقيقية وتسيء اليه والى اهله في الشرق عامة والغرب خاصة فكم ضُيق على الإسلام والمسلمين من خلال هذه الترهات التي يسمونها زورا الجهاد وكم خدموا بذلك اعداء الدين والإنسانية وعلى رأسهم الصهيونية العالمية واعطوهم المادة الدسمة التي يحاربون بها الاسلام ويصفونه بالارهاب والرجعية والتخلف .
لذا فكل ما ترتكبه داعش ومن هم على شاكلتها هو في مفهوم الإسلام ليس منه في شيء بل هو ما يذكرنا تاريخياً بالخوارج.

الشيخ حسن مرعب يتحدث عن داعش والنصرة
الشيخ حسن مرعب يتحدث عن داعش والنصرة

وأوضح الشيخ حسن أنّ الخوارج هم الذين خرجوا على سيدنا علي بن أبي طالب ويومها استباحوا الدماء وقتّلوا الناس وكفروهم وأخرجوهم من الملة، وأضاف أنّ النبي (ص) حذّر من الخوارج إذ قال “يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية”، وأنّ هناك أحاديث كثيرة وردت عنهم ومنها “نعم القتيل قتيلهم”.
وأردف هذا بالنسبة لتوصيف كل من النصرة وداعش ولكن هناك نقطة مهمة جداً أنّنا لا نكفرهم، متسائلاً: لو كفرناهم كما كفروا جمع المسلمين فما الفرق بيننا وبينهم؟
وشدد الشيخ أننا لا نكفرهم وإنمّا نقول هم مسلمون قد ضلّوا الطريق وهم ليسوا على هدى بل هم على ضلال مبين وطريقهم طريق موحشة وموعرة ويوم القيامة سيسألهم الله عزّ وجلّ عن الدماء التي يسفكونها وسفكوها بغير حق وسيحاسبون عليها، فالله عزّ وجلّ يقول عن القتل العمد في كتابه الكريم:{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }

أما فيما يتعلق بالفرق بين كل من تنظيمي داعش والنصرة فقد أفادنا الدكتور حسن مرعب أنّ لا فرق بينهما في المعتقد والفكر ،وإنما في الأساليب والأداء فقط فقد يكون أداء النصرة أقل قسوة ووحشية في بعض المواضع من داعش واعقل قليلاً والنصرة لا تصور ما ترتكبه كداعش أو قد يكون اقل تقنية وتركيزا وهذا ما دعا البعض الى التفريق بينهما ولأن النصرة كانت اقرب من داعش الى الفصائل المعارضة والمقاتلة في سوريا في مرحلة من المراحل ولكن في حقيقة الأمر هما ولدا من رحم واحدة التي انجبت القاعدة وهذا الفكر الذي يسمى بالفكر التكفيري، والفكر المتطرف الذي نشأ مع نشوء ما يسمى بجماعة بالتكفير والهجرة (في مصر) وأيضاً في مرحلة حظر مايسمى بحركات الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين وغيرهم وهذه المرحلة خرجت منها افكار كثيرة تكفر المجتمع بكامله وتعتقد بأن الإسلام مقتصر على من يؤمن بهذه الأفكار ويناصرها فقط وكان من أبرز ممن كتبوا في تلك المرحلة سيد قطب وغيره ممن بقوا فترة طويلة في السجون ونشأت أفكارهم من خلال ما كانوا عليه داخل السجن ولأنهم شعروا بأن مجتمهم تخلى عنهم ولم يناصرهم ويؤيدهم .
واعتبر الشيخ أنّ محور الإشكالية هنا عندما ينظرون إلى الناس أنّهم ليسوا على الحق وأنّهم هم فقط على الحق وبالتالي كل من ليس معهم فهو على باطل وبالتالي فهو مباح الدم ورفضهم لقبول الرأي الآخر بل ومحاولة اسكاته بالقوة فكم سفكوا من دماء علماء في العراق والشام فقط لانهم خالفوهم وفضحوا معتقداتهم الواهية وهم لا يزالون يهددون كل عالم لا يؤيدهم في كل مكان وحتى في لبنان وهم يعتبرون العلماء ألدّ أعدائهم لأنهم يكشفونهم على حقيقتهم ويظهرون للمجتمع ضلالهم وتحريفهم للدين.
وباختصار الإشكالية معهم صراع مع الأمة بأكملها وليس فقط مع من يخالفهم لأنّ الأمة ليست على ما هم عليه أبداً بل الأمة تخالفهم فيما يفعلونه.

إقرأ أيضاً: السيّد الأمين عن «سياسة التحالفات»(1): ضدّ الارهاب أم لاقتسام النفوذ؟

وتابع الشيخ حسن مرعب موضحاً بأنّ أمّة الإسلام دائماً كانت أمّة الرحمة وأمّة الهداية والنور والرشاد والصلاح والعلم، وهي لم تكن يوماً أمّة ظلامية لا تؤمن إلا بالقتل وبالذبح وبسفك الدماء، وشدّد أنّ هذا الأمر هو دخيل على هذه الأمة بهذا النفس الذي نراه وبهذا الشكل الذي نراه.

وختم الشيخ لموقع “جنوبية” بأنّ هذه هي نظرة الإسلام إلى هذه التنظيمات سائلاً الله لهم أن يهديهم وأن يردهم إلى صوابهم وإلى رشدهم لكي تتوقف هذه المهزلة ولكي يقف سلسال الدم الذي نراه يومياً ونشاهده من كل الأطراف.

السابق
عون والضاهر: من مرحلة «الفجور» إلى مرحلة «التآخي»… قراءة في التصريحات
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد في 7/2/2016