هل للإعلام الغربي صلات متميزة بـ «داعش» بخلاف الجماعات الإرهابية الأخرى؟

نظرة الاعلام الغربي الى داعش

إن بعض المجموعات الإرهابية تحصل على كم كبير من الاهتمام عبر وسائل الإعلام في حين أن الاهتمام بباقي تلك المجموعات ضعيف جداً إن لم يكن معدوما.

فعلى سبيل المثال، وسائل الإعلام الغربية الضخمة تكرس الكثير من أخبارها وتحليلاتها “لداعش” -وهي جماعة سنية متطرفة- وسط فشلها في رفع مستوى الوعي العام حول الجماعات الإرهابية الأخرى.

فكما يبدو فإن هناك علاقة تعاونية بين وسائل الإعلام الضخمة وداعش، فمن جهة يحصل داعش على الترويج والدعاية من هذه الوسائل، ومن جهة أخرى زيادة التقييم والمشاهدين والقراء وعائدات الإعلانات في هذه الوسائل.

إقرأ أيضاً: صحوة الاعلام الغربي.. ما يجري في سورية ليس ثورة

هناك أسئلة هامة للنقاش ومنها: لماذا تحظى بعض الجماعات الإرهابية دون الباقي بمعظم اهتمام وسائل الإعلام؟ وما هي باقي المجموعات الإرهابية الكبيرة تلك؟

هناك أكثر من 250 مجموعة إرهابية في جميع أنحاء العالم، من مختلف الخلفيات الدينية والاجتماعية والسياسية، وما يقرب من 25 % منها تمولها وتدربها وتدعمها الحكومة الإيرانية، وتلك المجموعات الإرهابية مثل “كتائب الإمام علي” تستخدم تكتيكات وأساليب مروعة شبيهة بالتي عند داعش، وفي الحقيقة فإن هذه المجموعة عرفت من خلال بث مقاطع مصورة تقطع فيهاالرؤوس وتحرق فيها الأجساد، وهي مدعومة من إيران وتابعة “لجيش المهدي” بقيادة مقتدى الصدر ومتفرعة منه، والأمين العام لهذه الكتائب هو شبل الزيدي المعروف بطائفيته وقسوته.

وهناك ميليشيا أخرى معروفة باسم “عصائب أهل الحق” المعروفة بعنفها والتي يقال إنها تتلقى 2 مليون دولار شهريا من الجمهورية الإسلامية (إيران).

قبل كل شي، يبدو أن وسائل الإعلام والإعلاميين يفضلون العمل البسيط والسهل على العمل الصعب والمعقد، فالحديث عن بشاعة وسوء ممارسات داعش أسهل وأبسط من إجراء البحوث حول الميليشيات المتطرفة الباطنية الأخرى.

فعلى سبيل المثال فإن الحديث حول كتائب الامام علي أو عصائب أهل الحق يتطلب فهما بالأوضاع الراهنة في العراق وإيران ولبنان وكذلك فهم العلاقة بين الحرس الثوري الإيراني والجماعات السياسية الأخرى.

ونظرا للسرعة والطلب الفوري اللذين يتصف بهما الاعلام فإن الاعلاميين يرون أن الحديث عن داعش اسهل من اجراء البحوث حول باقي الجماعات الإرهابية، ويجب الإشارة إلى الحِكمة التي أخبرني بها دبلوماسي إيراني حينما قال: “نحن نفضل القيادة ليلاً بدون استخدام الإنارة”، وبعبارة أخرى (نفضل العمل في الخفاء)، وهم يفعلون ذلك في الوقت الذي يعمل فيه داعش جاهداً لجذب الاهتمام والانتباه عبر وسائل الاعلام والذي يعتبر ايضا ماهرا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب وغيرها، في حين أن باقي الميليشيات أقل عرضة للاهتمام  الإعلامي.

فمثلا، تعتمد الجماعات المدعومة من إيران على بعض أساليب وتكتيكات الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وهي: شن الهجمات في الخفاء ونفي مسؤوليته عنها.

إن الهدف الأساسي لهذه الجماعات هو الدخول في المؤسسة السياسية للدولة وتولي صنع القرار من فوق، وقد نجح حزب الله في فعل هذا في لبنان وكذلك فعلت الميليشيات الشيعية العراقية الشيء نفسه في العراق.

ويضاف إلى ذلك، فإن بعض وسائل الإعلام تعرض هذه الميليشيات المتطرفة على أنها ذات شرعية بذريعة أنها مدعومة من جهات دولية ووطنية أو أنها تحارب داعش.

إن كثيرا من هذه الجماعات على صلة مباشرة مع قاسم سليماني أو مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، فإذا قامت أي من تلك المجموعات بفعل إرهابي أو عنف فإن وسائل الإعلام الضخمة تلك لن تقوم بانتقاد ذلك الفعل بحزم.

وعلاوة على ذلك، فإن وسائل الإعلام تلك يتحكم بها طلب الربح المادي حتى تتمكن من البقاء كمؤسسات، فهي تبث مواضيع من شأنها زيادة عدد المتابعين وزيادة المعلنين.

إقرأ أيضاً: مصادر سعودية للـCNN: خطط لتدريب 150 ألف جندي لمكافحة داعش في سوريا

أيضا، فإن طبيعة جرائم داعش تجذب الانتباه والاهتمام عبر وسائل الإعلام لأن هذه الجرائم تبدو وكأنها تستهدف الناس خارج الشرق الأوسط، كظهور داعش على أنه تهديد للأمريكيين أو الأوروبيين، فالناس يقرؤون عما يعتقدون أنه تهديد محتمل، وأن الكثير من الأمريكيين والأوروبيين يعتقدون أن من قام بتفجيرات باريس ولندن ومن قام بعمليات إطلاق نار كبيرة مثل سان بيرنادينو، يستطيع القيام بذلك في أي مكان.

وفي الختام، فعلى الرغم من أن هناك العديد من المجموعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم يقومون بارتكاب الفظائع ضد المدنيين، إلا أن القليل منها تحظى باهتمام من وسائل الإعلام، ويجب على وسائل الإعلام والمراسلين والصحفيين بذل المزيد من الجهد لتسليط الضوء على هذه الجماعات الإرهابية غير المعروفة، وكذلك تسليط الضوء على معاناة الناس المنسيين الذين وقعوا ضحية لهذه الجماعات.

(المصدر)

السابق
رسالة من عوائل شهداء «أمل» إلى السيد نصرالله
التالي
نجل فرنسوا الحاج: ملف والدي منسي في الجارور.. والتحقيق من «عين الحلوة»